أخر الأخبار
“اكتشاف المالكي” وبراءة ذمة أمريكا !
“اكتشاف المالكي” وبراءة ذمة أمريكا !

ي تصريح بدأ وكأنه "خارج كل السياق العام" للحديث الرسمي الفلسطيني، عدا الرئيس محمود عباس، ما قاله وزير الخارجية رياض المالكي في تصريح صحفي أن هناك " تطور ملحوظ على الموقف الأمريكي حصل "في قضايا مثل البناء الإستيطاني في الأراضي الفلسطينية، ومبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967"، ويضيف كاشفا ما لم يكشف قبلا، "نحن نتعامل مع الادارة الأمريكية الجديدة بكل حساسية ومتابعة دقيقة، ونستثمر كثيرا من أجل تعزيز هذا التطور والتحول في موقفها"..

تصريح رياض المالكي وزير الخارجية المكلف، لم نجد له "رديفا سياسيا" من قبل أي عضو من أعضاء طاقم المفاوضات، بل جاء ما يخالفه تماما، في رسالة نشرها د.صائب عريقات رئيس الطاقم التفاوضي مع الأمريكان واسرائيل، وهو ما تناقلته وسائل اعلام محلية وعالمية، أن الطرف الفلسطيني يرفض الموقف الأمريكي من الاستيطان، ويرونه "داعما للموقف الإسرائيلي" بل ومسوؤلا عن التوسع الاستيطاني وخاصة ما حدث مؤخرا..

أن يقول المالكي، ما قاله عن "تطور ملحوظ في موقف أمريكا"، يمثل مفاجأة سياسية كبرى، ولا نعلم من أين جاء بذلك وأين عثر عليه، وليته أضاف تفسيرا كي يقنع الفلسطيني بصدق ما قال..

المشكلة السياسية ليست في ان يقول المالكي ما يرى، لكن الخطر فيما قال، أن العالم سيتعامل مع تلك التصريحات وكأنها "حقيقة سياسية"، وأن أمريكا عنصر فاعل ايجابي، ويسقط عنها التهمة الأبرز بأنها "الراعي الرسمي" للتطرف الاسرائيلي والهروب من مسار عملية السلام منذ زمن بعيد، بل هي من صنعت كل سبل لرمي الاتفاقات الموقعة الى "سلة مهملات"..

الغريب في أقوال المالكي، أن تأتي بعد تطورات هي الأخطر منذ ما بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وبعد قيام السلطة الوطنية عام 1994، حيث أعلنت دولة الكيان رسميا عن "قيام حالة كيانية تهويدية" في الضفة والقدس، وما جاء في بيان لما تسمى بـ"الإدارة المدنية" لسلطة الاحتلال عن مسوؤليتها عن "السكان الفلسطينيين واليهود في الضفة"، مع منح قوات جيش الاحتلال "سلطة حكم محلي" للمستوطنين في الخليل..وذلك كله تم تحت سمع وبصر الإدارة الأمريكية، التي لم تقف موقفا به اي مؤشر تقول ما وصل اليه رياض المالكي، من "تطور الموقف الأمريكي" وخاصة في قضايا البناء الإستيطاني..

القضية التي تستوقف ليس في مدى "مصداقية" ما أعلنه المالكي، فكل متابع عادي، وليس سياسي مختص، يعلم يقينا أنه كل ما قاله، لا يوجد منه على أرض الواقع اثرا، بل العكس تماما أمريكا تقود حرب الدفاع عن جرائم حرب اسرائيل بكل أشكالها، بما فيها النشاط الاستيطاني، وتصريحات سفيرها في تل أبيب "المستوطن" فريدمان لصحفية اسرائيلية حول اتهام أمريكا إبان عهد أوباما بـ"خيانة اسرائيل" كونها وافقت على قرار مجلس الأمن 2334 حول المستوطنات، رغم انه كان الأكثر سوءا من كل قرارات المجلس السابقة، بل الغاءا لبعضها، ومع ذلك قال ما قاله..

كيف يمكن لوزير خارجية دولة فلسطين، ان يعلن ذلك دون أي تنسيق مع الفريق المفاوض، وهو خارج هذه العملية تماما، ربما يقرأ محظر الاجتماع أو يقال له ملخصا عنه، او قد لا يقال له بشكل خاص شيئا عنها..

أقوال المالكي، هي رسالة "براءة ذمة لأمريكا" من دعم الكيان المطلق في كل ما يقوم به، وهي رسالة تتنافى كليا مع الحقيقة السياسية، وتمثل "أعلى أشكال التضليل" الذي يلحق ضررا بالغا بالموقف الرسمي الفلسطيني، فوق ما به من ضرر اساسا، وتؤكد المؤكد بأن "فريق عباس" ليس فريقا موحدا، وكل يلعب كما يحلو له ويخدم ما يتطلع له، بل تكشف أن هناك من بدأ يبحث عن "تقديم أوراق إعتماد للإدارة الأمركية"، لما بعد مرحلة عباس، والتي يبدو أنها أوشكت..

تصريحات المالكي لتبرأة الموقف الأمركي من خدمة النشاط الاستيطاني، لم نجد مسوؤلا رسميا ممن يتحدثون ليل نهار لتصويبها، ورسالة د.عريقات جاءت كرد "غير مباشر"، لكنها كانت تستحق ردا واضحا قاطعا، وأنها لا تمثل الموقف الرسمي الفلسطيني..

هل دخلنا مرحلة "العزف المنفرد" للفرقة العباسية..تصريحات رياض مؤشر على قادم الفوضى السياسية..!

ملاحظة: مراجعة د.غازي حمد حول مسيرة حماس لها وعليها..لها أنها أشارت لمواطن الضعف الذي ارتبط بمسار حركته ونصح لتصويب..وعليها أنها تجاهلت ما ألحقته سياسيات حركته من ضرر بالغ على المنظمة والكيانية بارتباطها بأدوار اقليمية..لكنها تستحق القراءة!

تنويه خاص: حوار الرئيس التونسي السبسي درس سياسي خاص، ورسالة لمن لم يقرأ تطورات المرحلة..الإخوان في تونس رغم خلع الجلباب الإخواني ليسوا محل ثقة سياسية!