أخر الأخبار
ترمب: أمريكا أولاً.. فهل نحمي اقتصادنا؟
ترمب: أمريكا أولاً.. فهل نحمي اقتصادنا؟

كل الدول تراجع سياساتها الاقتصادية اليوم، ولا استسلام لحلول واحدة، وقد عبر الرئيس ترامب في كلامه أمام اجتماعات الامم المتحدة عن إصراره على نهج حماية اقتصاد بلاده، والقول مجدداً: أمريكا أولاً، وعندنا بعثة البنك الدولي كانت الاسبوع الماضي تراقب وتحصل على تعهدات حكومية بتأكيد الالتزام في مشروع الإصلاح الاقتصادي، والعنوان هو الضريبة وتوسيع شريحة المشمولين بها. لا بل دخلت بعثة البنك على خط المواجه مع المجتمع والتصريح بان الأردن كريم أكثر من اللازم في امر الضرائب..؟
وفيما يدافع المسؤولون والساسة عن المجتمع، في مواجهة مخاوف وتحذيرات أطلقت من غير منبر تقول بأن الفقراء في ازيداد والأغنياء في حالة توسع. أيقاع يمتد صداه ليتدخل جلاله الملك بالتأكيد على حماية الطبقة الوسطى، فتلحق الحكومة بالأمر وتؤكد ذلك.
لكن، هل الطبقة الوسطى موجودة، كيف أضحت اليوم، ومن يحميها؟ الجميع متفق على أن شريحة الاقتراض البنكي زادت، من داخل الطبقة الوسطى التي تنفق وتعيش من القروض، ومعنى هذا ارباح جديدة للبنوك وزيادة غنى الأغنياء، ورهن للرواتب بيد البنوك. وهو أمر يهدد وجودية الطبقة الوسطى.
أردنياً الحل على مفرده، والحلول على مُجملها ما زالت تأتي من داخل الصندوق، أي صندوق الأفكار الحكومي، ولا بدّ من التفكير الإبداعي، أو العودة عن كل النهج الاقتصادي المتبع واتباع نهج الاقتصاد الحمائيـ أو غيره من الأساليب، لكن هذا لا يعني أنه لا توجد أخطاء ليست حادثة اليوم ولا تتحملها حكومة الملقي وحدها، فجزء كبير منها موروث. 
في ظلّ الوضع الدولي الراهن، باتت الدول تعود لذلك لتحمي منتجاتها الوطنية من العولمة واقتصاد السوق، وترامب أول الداعمين لذلك بالنسبة لاقتصاد بلده ودول العشرين ناقشت الأمر مؤخراً مفهوم الحمائية، ونحن نريد اقتصادا وسياسات تحمي الفقراء والطبقة الوسطى وتحصنهم، من الانهيار، ونريد ضرائب على الأغنياء والبنوك،ونأمل بحماية سياسات التشغيل والحفاظ على بعدها الوطني واتباع سياسات ديمقراطية اجتماعية بعيدة عن النهج الليبرالي المتوحش. وبالطبع لن يروق لانصار التجارة الحرة اتباع الحمائية الاقتصادية.
هذا الأمر لا يخصنا نحن فقط اليوم، هناك مطالبات أوروبية باجراءات حمائية على العمالة، والدفاع عن العمالة الوطنية، وفي النمسا وهي الأقل بطالة أوروبياً، يصعد التيار الشعبوي المطالب بحماية فرص العمل وحصرها على المواطنين وابعاد الأغراب، وتحسين ظروف العمل ومُدد العقود، ويريدون شروطاً وظيفية تأمينية مشفوعة بالاجازات والتأمينات، وغير ذلك من ظروف، لا يتيحها اقتصاد العولمة والسوق المفتوح.
بالعودة للسيد ترمب فالشعارات التي رفعها مثل «أمريكا أولاً» والمطالبة بدعم الصناعة المحلية لمنعها من الهجرة وتشجيع هذه الصناعات على النمو والازدهار لزيادة خلق فرص عمل، والسعي الحثيث لعقد الصفقات مع دول الشرق الأوسط، إلى جانب الحدّ من الهجرة غير الشرعية وغيرها من الهجرات، ما هي إلا نقيض لسياسات العولمة التي فرضت اقتصاد السوق وأدت لكوارث كبيرة وأزامات واستقطاب فاضح بين ما هو كبير وما هو صغير سواء كان دولاً أو أفرادا.
أمريكياً ينتفض ترمب لحماية اقتصاده، وكذلك تفعل دول أوروبا، ونحن يجب أن نفعل ذلك أيضاً، ويجب أن نراجع نهجنا الديمقراطي للمضي نحو المنحى الاجتماعي للديمقراطية والذي يكفل الرعاية الاجتماعية ويحارب تغول السوق ويحفظ للناس كراماتهم ويسدّ حاجاتهم المادية ويعيد لهم اعتبارهم.