أخر الأخبار
بريطانيا تفاخر بعار «بلفور»
بريطانيا تفاخر بعار «بلفور»

«ما بُني على باطل فهو باطل» قاعدة حتمية تؤكدها وقائع الحال، ولا يمكن تجاوزها البتة، فمن خلال استقراء أحوال القوانين والنُظم عبر التاريخ، وُجد أن كل بناء أساسه رخو لا شك سيزول طال الزمن أم قصر؛ لذلك فمحاولة بريطانيا إضفاء الشرعية على وعد «بلفور» المشؤوم يدخل في سياق هذه القاعدة ضمناً؛ حيث إنها تُظهر من خلاله انحيازها التام ل«إسرائيل»، وتضع نفسها في مقدمة الدول، التي دعمت وما زالت تدعم تغولها في الأراضي الفلسطينية. فعوضاً عن التكفير عن أخطاء الماضي بوعد مشؤوم(أعطاه من لا يملك لمن لا يستحق)، قضى حينها باحتلال الأراضي الفلسطينية، وتسهيل الهجرات اليهودية إليها، وترخيص الجيوب الاستيطانية، والتحايل على الفلاحين الفلسطينيين لترك أراضيهم، لمنحها لاحقاً للاحتلال؛ فإنها اليوم تفاخر بهذا الوعد، عبر عزمها الاحتفال بالذكرى المئوية المشؤومة، واعتزازها بإنشاء «إسرائيل»!.
ما زالت آثار الاستعمار البريطاني ماثلة للعيان، فوزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور مات؛ لكنه خلّف وراءه سياسات تعسفية، ما زالت تمارس إلى اليوم على الفلسطينيين، بعد أن حرمهم من العيش بوطنهم شأنهم شأن بقية شعوب الأرض.

ليس ثمة أي مبرر للكيل بمكيالين، ففي الوقت الذي تقول فيه لندن، إنها ترعى الحقوق والتنوير، فإنها تصر باللحظة ذاتها على تبرير ما ارتكبته من انتهاكات؛ بل إنها تجاهر بذلك عبر الاحتفال بها، وهذا ربما يثير الشك في توجهاتها الديمقراطية، ودعمها لحقوق الإنسان في العالم؛ لذا فإن هذا يضعها في موضع المتهم، وهو ما قد يدفع أصحاب الحق إلى مقاضاتها؛ لإجبارها على تحمل مسؤولياتها التاريخية، فالسلطة الفلسطينية أكدت تبنيها هذا التوجه، وهو بطبيعة الحال يعد مطلباً مُلحاً؛ في ظل رفضها حتى عن الاعتذار، ولو أن مقاضاتها لا طائل منها؛ لهيمنتها إلى جانب الدول الكبرى على المحاكم الدولية، إلا أن هذه المقاضاة -على الأقل- تُحرِك المياه الراكدة، وتكشف الحقائق التاريخية، التي ستكشف من الذي أسهم في دعم اليهود على حساب أصحاب الأرض الأصليين أمام الرأي العام العالمي.

لسان حال بريطانيا، وهي تشارك «إسرائيل» ابتهاجها بسلب الأرض من أصحابها، يقول، فليذهب الشعب الفلسطيني وحقوقه إلى الجحيم، وهذا الأمر قد يدفع الفلسطينيين إلى اتخاذ خطوات مهمة، ربما ليس آخرها رفضها وسيطاً لحل الصراع في الأراضي المحتلة أو عدم القبول بأي مبادرات صادرة عنها، وقد يتطور الأمر إلى رفض التعامل معها دبلوماسياً، وسحب أوراق إدارة ملف الصراع منها، وهو ما قد يعيد خلط الأوراق لمصلحة الشعب المظلوم.

رغم موقف السياسة البريطانية المنحاز، إلا أنها تضم لوبيات كبرى داعمة للفلسطينيين، وكثيراً ما دعت إلى مقاطعة الكيان ثقافياً واقتصادياً؛ لذا فإن العرب قادرون على اللعب على هذه الورقة الرابحة؛ للضغط على الحكومة البريطانية، ودفعها نحو الاعتراف بارتكابها خطيئة تاريخية، ومن ثم إلغاء الاحتفالات المزمع إحياؤها.