أخر الأخبار
غرفة طوارئ” لعملية التصالح”..ضرورة !
غرفة طوارئ” لعملية التصالح”..ضرورة !

منذ أول آيام توقيع "عقد التصالح" بين حركتي فتح وحماس تحت الرعاية والإشراف المصري، والإشاعات لا تتوقف حول ذلك العقد، وغالبا، ما تميل الى ان "الفشل" نتيجة حتمية له، ليس تمسكا بتشاؤم بات جزء من حياة الفلسطيني، منذ أن نجح التحالف المعادي من إغتيال القائد المؤسس ياسر عرفات، بل انعكاسا لسلوك الطرفين في كيفية التعامل وآلية الحركة، ورد الفعل لكل منهما في حال بروز أي "سوء تفاهم"، عند البحث التنفيذي..

قطاع غزة، يبدو وحيدا ساحة التنفيذ لذلك العقد التصالحي، تكريسا لأن "النكبة الإنقسامية" حدثت فوق أرضه، وهذا بعض الحقيقة السياسية التي يشهدها الواقع الفلسطيني، وتعكس طريفة تفكير عقيمة، وقصيرة النظر، إذ أن "النكبة الانقسامية" طالت المؤسسة الفلسطينية بكل مكوناتها، وتكرست كواقع حيثما هناك "تواجد" للفلسطيني..

ولأن الحركة قاصرة على جزء من مكان "النكبة الانقسامية، لن يحدث تطور ملموس يمنح الفلسطيني قوة أثر يمكنه الخروج من حالة "التشاؤم" المزمنة، ما يستدعي من طرفيها أن يسيرا ضمن عمل جاد لوضع نهاية حقيقية لتلك المأساة السياسية..

قطاع غزة، الأكثر حيوية في تنفيذ "عقد التصالح" بحكم سيطرة حماس الكلية على مقاليد الأمر، وعمليا تبذل جهدا كبيرا لتبيان حسن نواياها للخلاص من أثر ما صنعته بيدها وبيد غيرها، ومساعدة آخرين، وترتبط حركة التنفيذ مع حركة سياسية  اعلامية تميل الى تكريس الإنطباع بأنها جادة، وبغير رجعة الى إنهاء مظاهر النكبة الإنقسامية، بعد أن أدركت يقينا عمق الكارثة التي لم تجلب لها سوى كثيرا من "الويلات السياسية" وقليل من الربح التنظيمي..

وفعل حماس لا  يقابل ولا يقارن بفعل الطرف الآخر، حركة فتح، حيث البطئ والتردد هو ناظمها في التنفيذ، والسمة الأبرز، أن حركة فتح، وبتعليمات من رئيسها محمود عباس، لا تزال تضع إعلامها بكل أشكاله، خارج نطاق التغطية الوحدوية، وتصر أن يبقى "منغلقا لذاتها"، حتى أنه لا يجاري ابدا إعلام غير فلسطيني، وكأن المصالحة حدث ثانوي لا أكثر..

بالتأكيد، ذلك ليس سوء إدارة أو قلة دراية بقيمة الحدث، وكيفية التعامل معه، بل سلوك ناتج عن "قرار مسبق"، أن تبقى حركة التصالح بعيدا عن المؤسسة الفتحاوية واعلامها المسمى زورا وتدليسا بالإعلام الرسمي الفلسطيني..وعله الساقط الأكبر في مرحلة تنفيذ "عقد التصالح"..

ومع سقوط الإعلام الرسمي تغيب كل المشاهد المتوازية لحركة تنفيذ العقد عن الضفة الغربية والقدس، ليس بسبب إحتلالي هذه المرة، ولكنه بسبب السلطة الرسمية وأجهزتها الأمنية، التي تمنع - ترفض وتلاحق أي نشاط جماهيري يمكنه أن يجسد فعلا تعزيزيا لحركة "عقد التصالح"..

 كيف يمكن للفلسطيني أن يتفاعل بشكل إيجابي في أي مدينة بالضفة، وهو لايرى أي نشاط يوازي حركة الحدث في قطاع غزة، ليس بمظهر "تسلم السلطات" أو "نقلها" من هذا لذاك، بل بسلوك جماهيري وعملي يعزز حركة الانتقال السلمي..

فعاليات لها مسميات بلا حصر، لو أريد لها أن تكون..ينظمها طرفي "عقد التصالح"، وبمشاركة كل من يرى انه مع تلك العملية، تأسيسا لمرحلة جديدة، وتؤكد أن المسألة ليست رضوخا للآخرين بل هي رضوخ لإرادة الشعب الفلسطيني ومصلحته العليا..

ولأن الحقيقة السياسية الراهنة تنبيء بغياب القناعة الجادة بما حدث، وأن السلوك التنفيذي يبدو وكأنه "تنفيذ آلي"، يتوقف مع أي عطب، وتبدأ رحلة صناعة الأزمة من اللاشي ليس للبحث عن حل فوري، بل لإشاعة جو أن العقد لا تزال عصية على الفك، وما أحدثته رئيسة سلطة جودة البيئة نموذجا صارخا، عندما تعطلت حركة التسليم، فأحالتها الى "عقدة العقد"، دون أن تدرك أنه أقل كثيرا من خلق أزمة وهمية، وبدلا من البحث الهادئ خرجت لتبحث "بطولة وهمية" بين  معارضي "حركة  التصالح"..

ولم تكتف بذلك، بل أنها تمادت بإعلانها مغادرة قطاع غزة، وعودتها الى حيث "بيتها - أهلها و"سلطتها" في بقايا الضفة..موقف وسلوك يكشف أن البعض يتعامل مع التصالح كحركة تجارية وليس عملية سياسية مركبة، والأكثر دهشة  التعامل مع قطاع غزة كمنطقة للزيارة، وليس جزءا من وطن..

لو أن فتح، ورئيسها وحكومتها حقا على قدر من الوعي والمسؤولية، لما إنتظرت على من تصرفت ذلك التصرف المثير سوءا ورداءة سياسية، ولأصدرت أمرا فوريا بإقالتها، ليس لغضب من عدم تفاهم مع من كان مسيطرا في غزة، بل لكيفية التعامل مع قطاع غزة، وحكرتها المسرحية لمغادرته فورا الى وكأنه "رجس من عمل الشيطان"..

ولكي لا تسير المسألة في حركة تيه سياسي جديد، لما لا يتم تشكيل "غرفة طوارئ مشتركة" من الفصيلين، ولا ضرر لو كان بها شخصيات وطنية، لتراقب آلية التنفيذ وتسارع في حل أي "عقدة" بروح التصالح - التشارك، وليس بمظهر التصيد الردئ..كي نمنح العملية قوة وجدية، والفلسطيني أملا وتفاؤلا..والبحث في تعميم "التصالح" حيثما كان ضرورة له، وليس عبر تفاهم شفوي يعتبر الهاتف ووسائل التواصل هي الحل..غرفة مشتركة كما غرف العمليات الأمنية..نعم هي ضرورة فليتكم تفكرون وقبل الذهاب الى القاهرة!.

ملاحظة: محاولة إغتيال مسؤول الأمن الداخلي في قطاع غزة كشفت أن البعض يجر للتصالح بسلاسل، وكأنه ينتظر أي حدث لـ"يخلع"..يا طالبي "الخلع" مصيركم منيل بستين نيلة!

تنويه خاص: لما تقرأ لشخص ينتشر في كل مكان، بأنه لم يتصل مع قائد حماس ليطمأن على مسؤول الأمن الداخلي إلا بتكليف رئاسي..في ممكن نلاقي سخافة أكثر من هيك!