أخر الأخبار
أميركا الخصم والحكم
أميركا الخصم والحكم

 لم نجد في وصف السياسة الاميركية، وموقف واشنطن من قضية الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي، افضل من استعارة وصف المتنبي، شاعر العرب الاول، لصديقه أمير حلب سيف الدولة الحمداني “ أنت الخصم والحكم “..
فواشنطن – في تقديرنا- ليست خصما فحسب، بل هي العدو الاول، بلا منازع، وبكامل الاوصاف للشعب الفلسطيني وللامة العربية كلها، منذ عهد الرئيس ترومان في اوآخر اربعينيات القرن الماضي، حينما فرض قرار تقسيم فلسطين رقم “181” بالقوة على المجتمع الدولي، فأجبر عددا من الدول على التصويت لصالح القرار، بعد ان رفضته..واستمر التأييد الاميركي للعدو الصهيوني يتصاعد، حتى بلغ اليوم أبشع صوره، بتأييد الاستيطان، والتنكر لقرارات الشرعية الدولية التي تحرم احتلال اراضي الغير، ولأبسط حقوق الانسان، التي بشر بها الرئيس الاميركي ويدرو ويلسون في وثيقته المشهورة القرن الماضي.
بالامس، رفضت وزارة الخارجية الاميركية تجديد ترخيص مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن، واشترطت أن تبدأ المنظمة بالتفاوض مع اسرائيل،علما بان المنظمة لم ترفض التفاوض مع اسرائيل، من حيث المبدأ، بل علقت هذه العملية العبثية والتي استمرت قرابة عقدين من الزمن، على موافقة العدو على وقف الاستيطان.
ومن المعلوم ان العدو استغل المفاوضات لفرض الامر الواقع، فقام بأكبر عملية استيطان، ادت الى مصادرة 68% من اراضي الضفة الغربية،و86% من اراضي القدس ومضاعفة عدد المستوطنين ليتجاوز اليوم “750” الف مستوطن. معلنا أن الضفة الغربية والقدس هي “يهودا والسامرة”.أي “ارض اسرائيل”، “تبنى عليها ما تشاء..متى ما تشاء”..كما صرح بكل وقاحة وعنجهية الارهابي نتنياهو...وهذا ما أيده الرئيس الاميركي “ترامب” مدينا بكل تهور قرار مجلس الامن 2334، الذي يدين الاستيطان ، ويطالب بوقف هذا العدوان، وجاءت تصريحات سفير واشنطن الليكودي في تل ابيب مفاجئا حتى للاميركيين “ اسرائيل ليست محتلة للضفة الغربية”.!! واشنطن بدعمها للاحتلال لم تعد وسيطا محايدا، فهي تتبنى مواقفه، وتدعمه بمئات المليارات من الدولات، وباحدث الاسلحة والطائرات، وتحميه ايضا “بالفيتو “ من العقوبات الدولية، ما يشجعه على الاستمرار في ارتكاب الجرائم والمذابح، وهو يرى نفسه فوق القانون الدولي... لا تطاله يد العدالة الدولية.
المفارقة هنا أن قرار الخارجية الاميركية باغلاق مكاتب المنظمة في واشنطن، يجيء في الوقت الذي تتصدر فيه اخبار “صفقة “ترامب صدر الصحف الاسرائيلية والاميركية، معلنة أن هذه الصفقة أصبحت في مراحلها الأخيرة، ومن المتوقع اعلانها مطلع العام القادم.مما يؤكد الدور الاميركي المتأمر.
وعودة الى صفقة “ترامب” فهذه الصحف لم تقدم تفصيلا كاملا، ولكنها اقتصرت في تناولها الى الاشارة الى الخطوط العريضة وأهمها: ان القدس الموحدة لا تقسم ثانية.
 ولن تقام دولة فلسطينية –كما تطالب السلطة- بحدود الرابع من حزيران.
 ولا عودة للاجئين الفلسطينين.
الا ان هذه الصحف أشارت الى ان الخطة الاميركية تنص على ضخ مئات الملايين من الدولارات في شرايين الاقتصاد الفلسطيني لانعاشه، وتحسين مستوى معيشة المواطن الفلسطيني..
الخطوط العريضة هذه تؤكد شيئا واحدا وهو: ان مبادرة ترامب أو ما يطلق عليه “صفقة “ القرن هي خطة نتنياهو بالتمام والكمال لتصفية القضية الفلسطينية، وهي لاءات الارهابي شارون التي اعلنها في نيسان 2004.
والسؤال الذي يفرض نفسه.
لماذا يقبل الفلسطينيون بالدور الاميركي..ما دام هذا الدور غير محايد ومنحاز بالكامل للاحتلال والاستيطان والارهاب الاسرائيلي ؟ اميركا ليس قدرا..وياسر عرفات - رحمه الله- قال قي قمة “كامب ديفيد 2” لا..لا لتصفية القضية... وفجر انتفاضة الاقصى المسلحة، وفرض على الارض معادلة “الدم بالدم”.. التي زلزلت الكيان الصهيوني من الاعماق.وادت الى هجرة معاكسة.
باختصار...
ان الرد على التغول الاميركي والضغوط العربية لقبول “صفقة القرن”، أو بالاحرى لتصفية القضية الفلسطينية يستدعي : تفجير انتفاضة ثالثة فهي الوحيدة الكفيلة باسقاط المؤامرة الاميركية-الصهيونية، واسقاط الضغوط العربية، والكفيلة بتعميق الوحدة الوطنية، واعادة الوجه النضالي المشرق لفلسطين، وتحرير الارض كل الارض..
حذار من الوقوع في الكمين الاميركي.