أخر الأخبار
الحب والنساء عند العرب.. أوّله هوى وآخره جنون!
الحب والنساء عند العرب.. أوّله هوى وآخره جنون!

عمان - الكاشف نيوز

من شدّة ما للحب من وجود وأثر في حياة العرب، فإن الهوى هو أول مراتبه، على العكس مما يظن بأن الهوى أشدّه. فإذا كان الهوى، على ما فيه من أثر عالٍ على الشخص، هو أول مراتب الحب، فكيف ستكون سمات آخر تلك المراتب؟

إلا أن الكلام عن مراتب الحُب، أو درجاته، يستلزم الكلام عن الجسد الذي هو موضوع الحب، في جانب أساسي منه. وقام أبو منصور الثعالبي، بتأليف كتاب كبير، وأسماه "فقه اللغة وأسرار العربية" عرض فيه، من ضمن ما عرض من أمور أخرى مختلفة، لتفاصيل أجساد النساء، بأسمائها، بل إنه لم يغفل حتى الأسنان التي قدم لأوصافها شارحاً الأجمل فيها.

وأبو منصور الثعالبي، هو عبد الملك بن محمد بن إسماعيل، المولود عام 350 للهجرة، وعاش في نيسابور، وهو أحد أشهر الذين أشادوا بالعرب والحياة العربية، بل إنه اشترط على من يحب العرب أن يحب لغتهم معهم، حتى إنه قال في مقدمة كتابه الشهير "فقه اللغة وأسرار العربية": "من أحب الله تعالى، أَحب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ومن أَحب الرسول العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب العربية وثابر عليها وصرف همّته إليها".

يخبر الثعالبي أن للحب مراتب، أولها الهوى. والعجيب أن المرتبة الثانية التي يسميها "العلاقة" يصفها بأنها الحُبّ اللازم للقلب. أمّا عندما تشتد هذه العلاقة مؤججة مشاعر الحب، فإن الأخير يصبح كَلَفاً، ويصفه بأنه شدّة الحب الذي يأتي بعده العشق.

وعلى الرغم من أن العشق يحمل من الدلالات ما قد يجعله الأعلى في المراتب، فإن إحراق القلب مع "لذة يجدها" تأتي بعد العشق. ثم مرتبة الشغف وهو "أن يبلغ الحب شغاف القلب". ثم الجَوى، ويعرّفه بأنه "الهوى الباطن".

أما العاشق المحب الذي يصل إلى درجة أن يستعبده الحُب، كما يشرح الثعالبي، فهو التّيمُ. لكن حتى الذي استعبده الحُب، لم يكن في أشد مرتبة تأثيرا ولوعة، فبعد التيم نجد "التّبل" وهو أن يؤدي الحب بصاحبه للوقوع بالمرض: "وهو أن يسقمه الهوى". إلا أنه حتى الذي أوصله الحب إلى المرض، لم يكن في أشد مرتبة، فهناك ما هو أشد منها وآخرها: "الهُيوم" وهو أن "يذهب على وجهه لغلبة الهوى عليه، ومنه رجلٌ هائم".

كتاب الثعالبي المشار إليه، ليس موضوعاً بصفة خاصة عن النساء أو أجسادهن، بل هو كتاب ينتمي إلى اللغة وتصريفها وألفاظها واستعمالاتها، وقسِّم على أبواب كثيرة تتصل بكل ما هو موجود في الحياة العربية من مأكل وملبس وركوب وزرع وفنون وأسماء وأوصاف، وسواها. وبات كتاباً جامعاً بمقاييس عدة.

ففي باب "ترتيب حُسن المرأة" يقول إن المرأة إذا كان "بها مسحة من جمال فهي وضيئة وجميلة". أمّا إذا اضطرها جمالها للاستغناء عن الزينة فتكون "غانية". أمّا لو كان حسنها ثابتاً "كأنه قد وُسِم، فهي وسيمة". وتكون المرأة "رائعةً" إذا كان النظر إليها "يسرّ الروع". أما في حالة فوزها على جميع النساء بجمالها، فهي "باهرة".

وينقل أن "الوضاءة" تقال عن البشرة، وأن الجَمال يقال في الأنف، والحلاوة للعينين، والملاحة في الفَم، والرشاقة في القد.

ويقال عن المرأة الجميلة إنها "خود" إذا كانت شابة حسنة الخَلق. وفي حالة أن محاسنها دقيقة (ناعمة منمنمة) فتكون "ممكورة". يقول الثعالبي الذي يستفيض بالكلام عن جسد المرأة، فيقول: "فإذا لم يَركب بعض لحمها بعضاً فهي مبتَّلة". ولمّا تكون بطن المرأة لطيفة، فهي "هيفاء". وهذا اللطف إذا انتقل إلى خصرها، فإن صاحبته تصبح "ممشوقة". أمّا لو كان للمرأة وركان ظاهران فهي "وركاء".

المرأة السمينة، لها تفضيلها فيما ينقل الثعالبي، فيقول إذا كانت المرأة "سمينة ممتلئة الذراعين والساقين فهي خَدَلَّجة". لكن هذا السمن قد يزداد ويصبح أكبر لدى امرأة أخرى، فتصبح "مَرمارَة".

لكن إذا كانت سمنة المرأة قد أدت إلى إبطاء حركتها، فتصبح "أناة أو وهنانة".

لكن يمكن للمرأة أن تكون "ضخمة" إنما على اعتدال، كما يحدد الثعالبي، وبهذه الحالة تكون "رِبحلة". ولفت أن هذه الضخامة حتى لو زادت هي الأخرى، فتكون "سبحلة" في حال لم تؤد إلى قبح. ولذلك يقول إن المرأة إذا كانت "نهاية في السمن والعظم فهي قليعة".

أمّا لو كانت بطن المرأة "مسترخية اللحم" فهي "مفاضة". وفي حين كانت "كثيرة اللحم مضطربة الخَلق فهي "عركركة". وإن كانت "ضخمة الثديين فهي وطباء". وتكون "جدّاء" إذا كانت "صغيرة الثديين". أما للمرأة التي تبدو "قليلة اللحم" فهي "قِفرة"، وكذلك المرأة دقيقة الساقين فهي "كرواء" فإذا لم يكن "على فخذيها لحمٌ فهي مصواء".

وللبشرة في المرأة تفضيلاتها، فإذا كانت رقيقة الجِلد وناعمة البشرة فهي "بضّة". وإن كانت "ناعمة جميلة فهي عبقرة". وإيغالاً في التقاط مواصفات الأنوثة التي جمعها الثعالبي عن الحياة العربية، في المرأة، فإنه يقول: "فإذا كانت متثنيةً من اللّين (مشية الدلع!) فهي غيداء وغادة". ويكتفي بتأدب مصنفي تلك المرحلة بهذه الإشارة: "فإذا كانت طيبة الفَم فهي رَشوف".

دقة التفاصيل لم تتوقف عند "طيب الفم" بل حتى يتحدث عن "طيبة ريح الأنف" فصاحبته "أنوف". ومثلها "طيبة الخلوة" التي هي "رصوف".

ويحدّد الثعالبي تفاصيل أكثر دقة عن أجساد النساء، منها ما يتعلق بالفخذين، فيقول: "فإذا ضاق ملتقى فخذيها لكثرة لحمها، فهي (أي المرأة) لَفّاء". ويذكر أن الثعالبي تعرض لأدق التفاصيل الخاصة بجسد النساء، ولم يترك أي جزء فيه بدون استثناء، ومنه ما لا يمكن نقله .

والأسنان، مما يمكن نقله، أيضاً، من تفضيلات الثعالبي، فالأسنان لها جمالها، خصوصاً إذا كانت مفلّجة. فالتفليج هو "تفرّج ما بينها" أي تلك المسافات الصغيرة التي تظهر في أسنان النساء والتي تمنحهن أنوثة، ويعتبرها الثعالبي من محاسن الأسنان حتى "الشتيت" منها وهو "تفرق من غير تباعد".

ولم يقف كتاب الثعالبي الذي قيل عنه إنه "رأس المؤلفين في زمانه" ولقّب بـ"جاحظ زمانه" وأنه "فريد دهره ونسيج وحده"، عند ذكر المحاسن، إذ يفرد أكثر من باب لقبح بعض الأشكال في الجسد، كقبح الأنف أو قبح الأسنان وقبح الفم، وسواها. ويظهر مما جمعه أن للعرب باعاً طويلاً في معرفة الجسد وأجزائه وجمالياته وأوصافه، حتى إن الثعالبي نفسه قد مسّه هذا العَرَض وقرض الشعر وقال في الحب والغزل:

سقطتُ لحينٍ في الفراش لزمته

أضمّ إلى قلبي جناح مهيضِ

وما مرَضٌ بي غير حبّي وإنما

أُدلّس منكم عاشقاً بمريضِ!