عمان - الكاشف نيوز : ينتج غور الأردن ما معدله 750 ألف طن من الخضراوات والفواكه سنويا، بأيدي نحو 25 ألف عامل وعاملة، يعملون وفق نظم مختلفة، منها اليومي، والشهري، والمقاولة، والضمان، والموسمي.
ويختلف المهتمون في القطاع الزراعي في توصيف أحوال هؤلاء العمال، فمنهم من يعتبر العمل في الأغوار تحت درجة حرارة عالية، وفي ظل عدد ساعات عمل غير محددة، فضلا عن الظروف الشاقة التي يعملون فيها، نوعا من "السخرة"، وأن ظروف عملهم "غير إنسانية" وتحتاج إلى معالجة على مستوى الدولة.
وفي المقابل هناك من يرى أنهم يعيشون ظروف عمل "ممتازة"، بل إن رئيس جمعية مصدري ومنتجي الخضار والفواكه زهير جويحان يرى أن العمال هم الذين "يستغلون حاجة المزارعين لهم"، ويتحدى أي ادعاء بأن العاملين في القطاع الزراعي يعملون في ظروف "غير إنسانية".
ويضيف جويحان "من يقول ذلك، عليه أن ينزل إلى الأغوار، ليرى كيف يستبد العمال بالمزارعين على مستوى الأجور، وكيف يتباطأون، ويفرضون شروطهم كما يشاؤون، نظرا لوجود نقص في الأيدي العاملة"، على حد تعبيره.
ويقول إن "عمال المياومة يأخذون الآن دينارا لقاء كل ساعة عمل، وهذا يعني أن تكلفة العمالة اليومية ارتفعت على المزارع من 15 % إلى 25 %، أما العمال الشهريون فيحصلون على راتب يتراوح بين 200 إلى 250 دينارا شهريا، بالإضافة إلى السكن، والتأمين ضد الحوادث الذي يفرضه علينا قانون العمل".
أما المنتج الزراعي مازن الحمارنة، فيتفق مع جويحان في أن أسعار العمالة اليومية ارتفعت بشكل كبير، ويتوقع أن يتواصل ارتفاع أجورها حتى يصل إلى دينار ونصف الدينار للساعة الواحدة نظرا لنقص العمالة.
غير أن الحمارنة يرى أن المسألة "هي قضية عرض وطلب، فما دام النقص موجودا ستبقى الأجور مرشحة للارتفاع، كما أنها تنخفض بصورة مؤكدة في حال وجود فائض من العمال، بل إن طريقة التعامل مع العمال من قبل المزارعين تتغير حيث تُفرض عليهم شروط مجحفة من حيث عدد ساعات العمل إذا كان العرض أكبر من الطلب".
ويشرح الحمارنة، أن هنالك عدة نظم للعمالة بالقطاع الزراعي، فهناك المياومة، حيث يتلقى العامل أجره عن عدد الساعات التي يعملها، وهناك الشهري، حيث يحصل العامل على راتب شهري محدد، والمقاولة، إذ يقوم بإنجاز عمل معين مقابل مبلغ مقطوع، والمشاركة، حيث يحصل على نسبة من أرباح المحصول مقابل عمله، وكذلك الضمان، حيث يقوم بزراعة الأرض وبيع محصولها مقابل مبلغ متفق عليه مع مالكها، وعادة ما يتم ذلك في حالات نقص العمالة، عندما لا يرغب مالك الأرض بالمغامرة بالزراعة والتعرض للخسارة والتعب بسبب نقص العمال.
ويضيف: "لكن في جميع هذه الأشكال من العمالة، فإن العامل لا يتمتع بأي ضمانات، فلا ضمان اجتماعيا، ولا تأمين صحيا، ولا ضمان ضد الخسارة في نظامي المشاركة والتضمين، كما أن ساعات العمل غير محددة وتخضع لشروط المزارع، وليس للعامل إلا أن يقبل بها".
ويشير إلى قصص نجاح لعمال مصريين وباكستانيين تمكنوا من تحقيق ثروات في هذا المجال، إلا أنها حالات "استثنائية" لا يقاس عليها، منوها الى أن العمال الزراعيين الوافدين يعيشون ظروفا "ممتازة".
ويقول الحمارنة إن مشكلة نقص العمالة في القطاع الزراعي "لا تعود لظروف العمل، وإنما لثقافة العيب السائدة بين الشباب الأردني"، مشددا على انه "لو أن العاطلين عن العمل يتوجهون للقطاع الزراعي لانتهت مشكلة نقص العمالة واستقر القطاع بصورة كبيرة".
وبين: "نحن، كمنتجين زراعيين، مستعدون لدفع رواتب جيدة للعمال الأردنيين لأن وجودهم يجعل أعمالنا تنتظم، ولن نتعرض للخسائر الناجمة عن نقص العمالة الوافدة التي يتسرب معظمها لقطاعات أخرى أعلى أجرا كقطاع الإنشاءات".
بدوره، يتفق رئيس اتحاد مصدري الخضار والفواكه سليمان الحياري مع ما ذهب اليه جويحان في ما يتعلق بثقافة العيب، مضيفا: "حتى الرجال من سكان الأغوار يتجنبون العمل في الزراعة، النساء فقط هن اللواتي يعملن، ولكن عملهن لا يكفي، لأنه يقتصر على العمل في القطاف، كما أنهن يتغيبن كثيرا".
ولا يعقد الحياري أملا كبيرا على عمل الشباب الأردني في مجال الزراعة، مقترحا فتح باب العمل في القطاع أمام العمالة الآسيوية المعروفة "بجلدها وقدرتها على العمل في جميع الظروف".
ويرى أن مشكلة العمالة في القطاع لن تحل إلا على مستوى الدولة، لأن أي اتحاد أو جمعية أو إطار لن يستطيع أن يوفر عناصر البيئة الجاذبة للعمالة المحلية من سكن لائق وظروف عمل إنسانية وتأمينات اجتماعية وصحية.
من جهته، قال مصدر مسؤول في وزارة العمل، ان الوزارة "اتفقت مع اتحاد المزارعين ومزارعي الخضار والفواكه على تنظيم عملية الاستقدام، بحيث تدرس طلبات كل مؤسسة على حدة، ويتم الكشف عليها من خلال لجنة تضم ممثلين من وزارة العمل واتحاد المزارعين ووزارة الزراعة لغايات الكشف على تلك المزارع وبيان مدى احتياجاتها للعمالة الزراعية".
وأشار المصدر الى ان الوزارة تتابع من خلال زيارات ميدانية مدى استحقاق مؤسسات زراعية للعمالة، لافتا الى انه تم الاتفاق على تحديد نسب لمنحها حاجتها بحيث لا تتجاوز 50 %.
وبين أن استقدام العمالة الزراعية مفتوح للقطاع الزراعي، وفق شروط تم الاتفاق عليها بين الجهات المعنية، مشددا على أن القطاع كان "سببا في دخول عمالة وافدة لغايات تسريبها الى القطاعات الاخرى ليس منها القطاع الزراعي".