أخر الأخبار
تصفية قضية اللاجئين
تصفية قضية اللاجئين

لم تتعرض قضية اللاجئين الفلسطينيين، وعبر سبعة عقود الى خطر حقيقي ينذر بتصفيتها، كما هو اليوم، بعد اتخاذ ترامب الخطوات العملية لتنفيذ المؤامرة، من خلال تجفيف موارد “ الاونروا”..وذلك بتجميد المساعدات الاميركية، وهي الاكبر، بالاتفاق مع حليفه الارهابي نتنياهو..
ومن هنا فان انظار “ستة ملايين لاجىء فلسطيني، ومعهم كل الشعب الفلسطيني، تتجه الى روما، بانتظار الاجتماع المرتقب لـ” 90” دولة، بعد غد الخميس، 15 الجاري، والمخصص لبحث الوضع المالي “ للاونروا” او بالاحرى لمناقشة كيفية انقاذ هذه المنظمة الدولية الانسانية، من الشراك الاميركي –الاسرائيلي..ومن المؤامرة التي نسج خيوطها ترامب - نتنياهو، والتي تقوم على تجفيف مواردها، تمهيدا لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وشطب حق العودة المقدس.
أميركا-ترامب قررت تجميد مساعداتها المالية “للاونروا”، كعقاب للقيادة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، الذي قال “لا” كبيرة لقرار ترامب..”اعتبار القدس العربية الفلسطينية المحتلة، عاصمة لاسرائيل”..
وأميركا- ترامب هذه لم تكتف بهذا العدوان الفاضح الصارخ على الشعب الفلسطيني، بل قامت برفع وتيرة هذا العدوان، وتصعيده، فاعلنت وبكل وقاحة، عزمها نقل السفارة الاميركية الى القدس المحتلة يوم 14 ايار القادم..عشية نكبة فلسطين...
وهو توقيت له مغزاه اللئيم الخطير، فهو يتزامن واعلان قيام “دولة” اسرائيل على ارض فلسطين العربية، ويتزامن وذكرى نكبة الشعب الفلسطيني المروعة، والتي لا مثيل لها، فتداعياتها الخطيرة الكارثية مستمرة منذ “70” عاما، وستبقى ما دام العدو يحتل فلسطين كل فلسطين، وما دام مصرا على عدم عودة “6” ملايين لاجىء الى وطنهم.. الى مدنهم وقراهم التي طردتهم منها العصابات الصهيونية الفاشية بالقوة..وما دام مصرا على مصادرة الحقوق الوطنية والتاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني، وخاصة حقه في تقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
وبوضع النقاط على الحروف..
فلا بد من الاشارة الى ان انشاء “الاونروا” هو قرار اممي اتخذته الامم المتحدة، لاغاثة ومساعدة، اللاجئين الفلسطينيين، الذين هجروا من وطنهم، وكان عددهم حينها حوالي “850” الف لاجىء..
 ونص القرار المذكور، على انشاء “ الاونروا” وحدد مهامها واهدافها، ومناطق عملياتها في الضفة الغربية وغزة والاردن ولبنان وسوريا، وربط وجودها ببقاء اللاجئين،الى حين تنفيذ قرار العودة الاممي رقم “194” الذي ينص على العودة والتعويض معا. 
هذا وشكلت لجنة من الدول المانحة لتقديم الاموال اللازمة لهذه المنظمة، لتمكينها من القيام بواجباتها الانسانية، ومن ابرز هذه الدول واكثرها تبرعا، أميركا.. اذ وصلت تبرعاتها الى “الاونروا” الى حوالي 360 مليون دولار.
وبعبارات اكثر تحديدا..
فان اميركا اولا، وبريطانيا ثانيا..كانتا وراء انشاء “ الاونروا”، لانهما كانتا وراء اقامة الكيان الصهيوني، وتشريد الشعب الفلسطيني في اربعة رياح الارض، فلولا وعد بلفور، واصرار بريطانيا ودعم اميركا لتنفيذه، ولولا تدخل الرئيس الاميركي “ترومان” شخصيا بالضغط على عدد من الدول للتصويت لصالح قرار التقسيم رقم “181” لعام 1947، لما قامت دولة اسرائيل، ولما حدثت كارثة فلسطين، والتي لم يشهد التاريخ لها مثيلا.
فاميركا لم تدعم قيام “الاونروا” حبا في اللاجئين، وانما دعمتها من أجل ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وحماية امن حليفتها وربيبتها اسرائيل، بعد ان شعرت ان اللاجئين الفلسطينيين، قد يصبحون قنبلة موقوتة، قابلة للانفجار في اي وقت، اذا لم يصار الى توفير الحياة الانسانية لهم.
وفي هذا الصدد نشير الى احدى وأهم واخطر مداولات مجلس الوزراء الاسرائيلي، الذي كان يرأسه “ليفي اشكول “ اذ نشرت “هارتس” ان اشكول الذي تولى رئاسة مجلس الوزراء، في الخمسينيات بعد ابن غوريون... سأل حينها وزير الدفاع، دايان، ورئيس الاركان الجنرال رابين، سؤالا مفاجئا وخطيرا وغير متوقع، فحواه....
“ماذا لو قرر اللاجئون الفلسطينيون في غزة العودة الى اسرائيل، الى مدنهم وقراهم التي خرجوا منها، في ظل عدم قدرتهم على احتمال الظروف المأساوية التي يعيشونها في المخيمات ؟؟ هل فكرتم بذلك ؟ وهل اتخذتم الخطط المناسبة للتصدي لهذا الامر الخطير فيما لوحدث ؟
..وكان جواب الجنرالين. لقد فاجأتنا.لم نفكر بهذا قط..!! 
ان حالة الهلع التي كانت تضرب المسؤولين الصهاينة، جراء خوفهم من عودة اللاجئين، هي التي دفعت واشنطن ولندن وباريس...الخ، الى انشاء هذه المنظمة الدولية، والى دعمها، والحفاظ عليها كركيزة من ركائز الامن والاستقرار في منطقة ملتهبة. 
وعود على بدء..
فالمجتمع الدولي، او بالاحرى الدول التي ستلتقي في روما، لمناقشة ازمة “الاونروا” مطلوب منها ان تتحلى بالجرأة والشجاعة، وأن تحمل واشنطن النتائج الكارثية لانهيار “الاونروا”، والزلزال الخطير الذي يضرب المنطقة حينها، عندما يجد “6” ملايين لاجىء انفسهم وقد حكم عليهم بالموت البطىء.
باختصار.. 
ندعو الامم المتحدة وهي التي اتخذت قرارا باقامة “الاونروا” ان تتخذ قرارا آخر بتخصيص موازنة مستقلة للاونروا، على غرار مؤسسات الامم المتحدة الاخرى، حتى لا تخضع للابتزاز الاميركي.