أخر الأخبار
كي لا يصبح “التفجير الأمني” تفجيرا سياسيا شاملا !
كي لا يصبح “التفجير الأمني” تفجيرا سياسيا شاملا !

في تطورات لم تكن ضمن الحسابات السياسية، جاءت عملية تفجير موكب د.رامي الحمدالله وبصحبته اللواء ماجد فرج، يوم 13 مارس 2018، بالقرب من حاجز بيت حانون (إيريز) شمال غزة، ليصب نارا على حريق "اتفاقات المصالحة - التصالح"، بين حركتي فتح وحماس، في خطوة كل أهدافها مكشوفة،  ويمكن تكثيف أبرزها في التالي:
*ضرب أي إمكانية للمضي نحو تحقيق تطور إيجابي في تلك إتفاقات المصالحة.
*تمهيد الطريق لخلق "فتنة سياسية"، يمكن إستخدامها كـ"نفق عبور" للخطة الأمريكية المعروفة بـ"صفقة ترامب".
*تكريس حالة الفصل السياسي بين قطاع غزة والضفة والقدس كمقدمة لفرض "حالات كيانية فلسطينية" متناثرة.
*العمل على وضع نهاية للتمثيل الوطني الفلسطيني الموحد، وإعادة "التنازع - الصراع" على من يمثل الفلسطيني وماذا يمثل.
*عزل الممثل الفلسطيني الرسمي عن الإطار الإقليمي العربي، ضمن مخطط لخلق حالات من "التوتر السياسي" مختلف الأوجه.
 *خدمة لدولة الكيان، والتي تعتبر الإنقسام "الهدية الأكبر" لأمنها ومشروعها في السنوات العشر الأخيرة.
 *النيل من مكانة مصر ودورها الإقليمي الذي يعود بقوة تربك مخططات أعدائها دولا وجماعات.
الى جانب أهداف جانبية متعدد المرامي..لأطراف واشخاص في إطار صراع "وراثة عباس"!
يوم 21 مارس 2018، أعلنت حركة حماس، عبر جهازها الأمني ( التعبيرهنا دقيق سياسيا )، أنها تمكنت من "فك لغز عملية التفجير"، وأعلنت اسماء محددة وصورة لأحد "المتهمين"، مع الإشارات الأمنية الصريحة بأنهم تابعين لجهاز أمني بالسلطة الفلسطينية، إشارة واضحة بأن من قام بتلك العملية هو جهاز أمني تابع للرئاسة الفلسطينية (المخابرات)..
بالطبع، قبل ذلك تحدث الرئيس محمود عباس، في مساء يوم عملية التفجير 13 مارس، وخلال استقباله رامي وماجد في مكتبه بعد "العودة المفاجئة" لمتابعة مسار العملية، انه يعرف "هوية وأسماء منفذي عملية الإغتيال الإرهابية"، كما وصفها..والحقيقة كان إعلانا "صادما"، كونه تم بعد ساعات من العملية، ودون أدنى تحقيق مهني أو شبه، ما وضع علامة استفهام كبيرة على حقيقة الأمر..
وزاد الأمر طينة تصريحات بعض من مسؤولي أمن السلطة وحركة فتح، بأن منفذ العملية هو القيادي فتحي حماد، وأن كل الأسماء باتت عند الرئيس عباس، والذي أعاد في خطابه "الفضحية" يوم 19 مارس 2018، ما سبق ان أعلنه بمعرفته بكل من قام بتلك العملية "الإرهابية"..
"إعلان حماس"، ربما هو الأكثر أهمية سياسية، والأقرب للمهنية حتى لو شابها العوار النسبي، لكنه إعلان بعد تحقيق، وليس إعلان مسبق، ولكي يتم التعامل مع ما أعلنته حماس وجهازها الأمني بـ"جدية" و"مصداقية" ولإسقاط كل الشكوك المتوقعة أو التي يمكن نثرها من اطراف لها مصلحة، عليها أن تتقدم بكل ما لديها من معلومات الى "لجنة وطنية مهنية" يتم الاتفاق على تشكيلها تضم خبراء أمنيين وسياسيين، ومن حق حركة فتح وكذلك مندوبين عن أمن الرئاسة الفلسطينية أو وزارة الداخلية في رام الله، ان تكون جزءا من تلك اللجنة، ومعهم بالتأكيد مندوب أمني مصري..
ما أعلنته حماس، ليس حدثا عابرا، فهي تتهم جهاز أمني يخضع للرئاسة مباشرة، وليس لرئيس الوزراء أو وزير الداخلية، ويترأسه أهم شخصية في منظومة الأمن الرسمية، وقناة الاتصال مع أمريكا والكيان، وبعض الدول العربية..
المسألة ليست إعلان ما ونشر أسم وصورة ومكافأة مالية، فتلك قضية يمكن أن تكون عابرة لو أنها "جريمة جنائبة" او "جريمة إرهابية" كتلك التي حدثت سابقا، خاصة وان هناك شركات اتصالات لها صلة بالتطورات الأمنية، ولذا لا يمكن التعامل مع الإعلان الحمساوي كأنه حدث أمني أو سبق أمني..
قيادة حماس، التي سارعت بتأييدها لخطوات جهازها الأمني، عليها من اليوم ان تتسلم هذا الملف، ليصبح "وديعة سياسية" تضعها كجزء من الملف الوطني بكل أبعادها، كي يتم السيطرة مبكرا على مخطط لـ"حريق تدميري" يطال الحركة الوطنية، بعيدا عن من هو صاحب الحق..
الاتهامات ليس كما سبق من اتهامات بين حماس وفتح، بل اصبحت في منطقة خطيرة جدا، ولذا من مسؤولية حماس أولا أن تحاول قطع طريق "الفتنة السياسية" و"الفوضى المنتظرة"..
القيام بذلك ليس "نقيصة" بل العكس تماما هو "كبرياء" من أجل القضية الوطنية ومشروعنا العام..
غير ذلك، لن يتم التعامل مع اي اعلانات سوى انها "إعلانات حزبية"، لا قيمة لها سوى فتح باب الفوضى المنتظرة سريعا!
ملاحظة: عهد التميمي سجلت حضورا خارقا في زمن خارق وفي وقت فلسطيني هو الأسوء..كانت عهد أكثر نقاط المشهد إضاءة..درس لمن يدعي أنه يمثل شعب فلسطين!
تنويه خاص: قوى اليسار الفلسطيني عاد لها أمل الحضور والتأثير بعد خطاب عباس الهزيل، وأنه لم يعد متوازنا سياسيا، ما أسقط "رهان" بعض أطراف اليسار على التحالف معه..هل تلتقط تلك القوى فرصة لن تنتظر كثيرا.. بأمل وإنتظار!