أخر الأخبار
مسيرة “العودة” لـ”الأرض” في يومها”!
مسيرة “العودة” لـ”الأرض” في يومها”!

أحسنت القوى الوطنية في قطاع غزة، انها أعادت الصواب "نسبيا" لمفهوم الحراك السياسي الشعبي، حتى لو كان في نطاق ليس تحت سلطات الإحتلال مباشرة، وقد تفتح بابا لـ"مواجهة" متعددة الأشكال، لكن الفكرة بذاتها تمثل خطوة تستحق التطوير..
و إختيار 30 مارس (آذار) يوما للحراك الشعبي نحو السلك الفاصل بين القطاع ودولة اسرائيل، جانبا رمزيا هاما، إذ تتجسد مسيرة العودة "الرمزية"، مع احد الأيام التاريخية في مسار الكفاح الوطني الفلسطيني، يوم الأرض عام 1976، عندما هب أهل فلسطين الباقون في أرضهم التاريخية فلسطين، توحد معهم جموع الشعب في الوطن والشتات، في مواجهة لحركة "تهويد بقايا الأرض الفلسطينية"، وتجسيدا أن "البقاء فوق الأرض كما بقاء الزعتر الزيتون "، يوم لا زال يشكل نقطة فاصلة في سياق الصراع مع الحركة الصهيونية ودولتها إسرائيل..
مسيرة الجمعة 30 مارس (آذار) 2018، بعد 32 عاما من يوم الأرض اربكت "الحسبة الإسرائيلية"، وغيرها، مما سيكون "مشهدا شعبيا"، لو أحسنت أدواته عملية التنظيم والإبتعاد عن "الفئوية - العصبوية الحزبية"، سيكون يوما خالدا بقوة الانطلاق وإعادة الإعتبار للمشاركة الشعبية الفلسطينية، وحافزا قويا لتفعيل تلك المشاركة في القدس والضفة الغربية، لقطع الطريق على المشروع "التهويدي"..
أن يخرج عشرات آلاف من سكان القطاع، خاصة من الذين هجروا بقوة الإرهاب الصهيوني عام 48، ودعم من المستعمر البريطاني، وصمت او تواطئ رسمي عربي، فتلك رسالة تحمل عناصر عدة، أبرزها:
*تأتي ردا على محاولة الإدارة الأمريكية ورئيسها ترامب شطب قضية اللاجئين، بأنها اقوى من التعامل معها بتلك "الصبيانية السياسية" والإستخفاف الساذج، بشطبها من المشهد السياسي..
*ردا مباشرا على محاولة الإدارة الأمريكية لمحاولة إضعاف دور وكالة غوث اللاجئين (أونروا)، كمحاولة لشطب أحد الوكالات الدولية التي تمثل بعدا رمزيا لقضية اللاجئين الفلسطينين، وهو ما يشكل "صداعا سياسيا -فكريا" للحركة الصهيونية وداعميها..
*تمثل مسيرة العودة، ردا سياسيا على أن من يحاول شطب الحضور الغزي من الخريطة السياسية فهو واهم، وأن قطاع غزة ليس "حالة إنسانية" يتم بحثها كأنها حالة ناتجة عن كارثة طبيعية، تستحق "الإهتمام"، لكنها حالة سياسية بإمتياز، وأنه جزء من وطن إغتصب غالبيته وإحتل بكامله لاحقا..
* تشكل مسييرة العودة، ردا شعبيا على جوهر فكرة "العزل السياسي" لقطاع غزة، سواء ما أشارت له "صفقة ترامب"، أو سياسة الرئيس محمود عباس، الذي يشكل عنصر حصار يرمي لعزل القطاع عن التأثير السياسي في المرحلة المقبلة، سواء بمشاركته في حصاره، أو الذهاب بعقد مجلس محدود الأثر والعدد، دون حساب سياسي حقيقي.
ولكن ومع تلك الرسائل الإيجابية والهامة وطنيا، برزت ملامح سلبية، لا تمثل رسالة طمأنة وطنية عامة، أبرزها:
- تجاهل غير مفهوم وغير مبرر على الإطلاق، لربط مسيرة العودة بيوم الأرض، تجاهل لو كان سهوا فتلك "سقطة سياسية"، ولو كان قصدا فتلك "نقيصة سياسية"، وتطرح علامات إستفهام حول حقيقة البعد السياسي للمسيرة، بانها محاولة لتغيير مسار أحداث تاريخية أو طمسها وفقا لأجندات سياسية خاصة.
- إقتصار الحركة على قطاع غزة، دون الضفة والقدس، يضعف من البعد السياسي، بل قد يحمل مؤشرا سلبيا بأن "البعض" على إستعداد للسير بشكل أو بآخر مع مضمون "الصفقة الأمريكية"، حيث لم يعد بالإمكان التعامل مع الحراك العام بمصادفات سياسية..وكان بالإمكان تشكيل حركة موحدة في الضفة للتماثل مع ذات الحراك، خاصة وان الصدفة جاءت به يوم جمعة حيث "التوقيت الإسبوعي" لبعض الحراك "المحسوب" في الضفة الغربية، وكان بالإمكان تشكيل "لجنة موحدة" من كل القوى الراغبة بذلك..لكن "الفرحة السياسية" بأن الحشد سيكون "كبيرا" في القطاع لا يمثل الرسالة الموحدة للشعب الفلسطيني في تأكيد العودة للأرض في يومها..
- الغلو في محاولة "أسلمة" الحراك وسيطرة قيادات حمساويةعلى مفاصل التحرك، بل وحصر غالبية الإنطلاقة من المساجد نحو مناطق الحراك، ليس مصادفة تقترن بصلاة الجمعة، بل رسالة ساسية ليست سرية ولا مجهولة، وهي تشير الى أن ثقافة "المشاركة" لا تزال "سطحية" و"رخوة" يمكنها أن تتلعثم عند أي إختلاف حقيقي!
- تصريحات قادة حماس في الساعات الأخيرة التي تبدو كشكل من اشكال الطمأنة لدولة الكيان، تبدو رسالة غير مفهومة، سوى انها "الطرف الحاكم"، وكان الأجدى نفعا وطنيا أن تكون رسائل الرد من خلال اللجنة الوطنية الممثلة أو الناطق بإسمها، وليس من قيادات حمساوية..
ومع ما لها من رسائل وما عليها، يبقى الحدث "مشاركة فلسطينية" في سياق المقاومة الشعبية خارج السياق النمطي..
ملاحظة: مؤتمر حماس لـ "كشف تفاصيل محاولة إغتيال رامي وماجد"، أحيا التفاؤل بأن هناك "حراكا ما" خارج الضوء، وأن حماس منحت "طرفا ما" "فرصة ما" علها تنجح لتحقيق "هدفا ما"..طبعا طلعت كلها "ألغاز ما"!
تنويه خاص: لو صح ما نسب لقيادي في "الديمرقراطية"، بأن عباس هددهم لو شاركوا في مسيرة العودة بطردهم من منظمة التحرير، نكون امام رئيس فقد عقله السياسي حقا!