أخر الأخبار
نحن أولى بدمنا ،،، لا دماء فائضة !!
نحن أولى بدمنا ،،، لا دماء فائضة !!

عندما تكتب في حضرة الشهادة و الشهداء ، تبحث عن الكلمات التي تليق فتهرب منك و لا تجد ما تعبر به من قول في الأكرم منا جميعاً ، بل تشعر أن كل شيء دون الدم و الروح هو شيء من الهزل ، فهؤلاء قدموا أغلى ما عندهم من أجل فلسطين الوطن و الأرض و الهوية و القضية ، و أن يأتي هذا العطاء العظيم و الفداء المقدس في ذكرى يوم الأرض الخالد فهو مجد على مجد و كبرياء دونه كل كبرياء ، رحم الله الشهداء و لأرواحهم الطاهرة وردة و سلام .

إن مجريات الحضور الجماهيري الملهم في مسيرة العودة التي تمترست بشيبها و شبابها و أطفالها و ماجداتها يمثل ذروة الوعي و الإنتصار على الذات في هذه الظروف القاهرة بقطاع غزة قبل أن يوجه رسائله المعمدة بالدم في كل الإتجاهات القريبة و البعيدة ، و الإنتصار على الذات أول الطريق إلى النصر الكبير ، نعم شعبنا كعادته قادر على إبداع وسائله النضالية لإحياء قضيته الوطنية و الحفاظ على عهد الشهداء .

صحيح أن مبدأ الشهادة وتقديس دم الشهداء لا يختلف عليه إثنان بل هو محل تقدير و إعتزاز من الكل الوطني ، لكن إذا إستطعنا و نستطيع في الكثير من المحطات أن نصون هذه الدماء الزكية ولا نسمح لها بالنزيف المجاني بلا ثمن مقابل لماذا لا نفعل ؟؟؟

مسيرة العودة كانت وفق المخطط المعد لها عبارة عن فعالية جماهيرية ممتدة تمثل نمطا نضاليا إبداعيا للمقاومة الشعبية السلمية ، مما يستدعي وضع كل الضوابط اللازمة و إتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ عليها في هذا الإطار ، و عدم السماح بتجاوزه من المنظمين و الجهات المعنية لإنجاز أهدافها المطلوبة ، وهنا لابد من التأكيد بأن الزحف الجماهيري الكبير ينم عن أصالة شعبنا العظيم و قدرته على فرض نفسه و قضيته على الأجندة الدولية و الإقليمية و إحداث المفاجأة و الصدمة في أوساط الأصدقاء قبل الأعداء ، فهو مثل طائر الفينيق الكنعاني الأسطورة ، غير أن هذا الأمر يجب توظيفه و إستثماره لآخر المديات النضالية و السياسية الإيجابية للمصلحة الوطنية .

لكن سقوط أكثر من 17 شهيد و إلى جانبهم أكثر من 1416 جريح و مصاب غالبيتهم بالرصاص الحي الذي أطلقه قناصة الإحتلال الإسرائيلي على أجسادهم الطاهرة ، ومن بينهم عشرات الحالات الحرجة و الخطيرة و مثلها ما يستوجب بتر أطراف المصابين و تحويلهم إلى إعاقات دائمة ، كل ذلك يثير التساؤل ألم يكن بالإمكان أفضل مما كان ؟؟؟ الجواب نعم كبيرة بالتأكيد ، مع الأخذ بعين الإعتبار حماسة الأجيال الشابة للإشتباك مع العدو الإسرائيلي المدجج بأحدث أنواع الأسلحة و التقنيات العسكرية في مواجهة غير متكافئة مع مواطنين عزل لا يمتلكون سوى صدورهم العارية و رؤوسهم الشامخة التي يستهدفها عن بعد رصاص القناصة القتلة ، نعم إن القليل من الإحتياطات الأمنية و الإدارية كانت كفيلة بحقن الكثير من الدماء الزكية التي سالت بلا حساب .

هذا ليس من باب التلاوم بل من منطلق أن فعاليات مسيرة العودة من المقرر لها الإستمرار حتى يوم الزحف الكبير ( 15 / 5 / 2018 ) الذي يصادف مرور 70 عام على ذكرى النكبة الفلسطينية الكبرى ( 15 / 5 / 1948) و تشريد الشعب الفلسطيني من وطنه الأم و دياره الأصلية ، لذلك لابد من إستخلاص العبر و الدروس مما جرى ، و تصويب الأداء النضالي في قادم الأيام ، و المسألة هنا تبدأ من خلال التوعية و التنوير و التوجيه و الترشيد التعبوي على صعيد الجماهير المشاركة سواء من خلال نشرات دعائية مكتوبة أو عبر وسائل الإعلام و التواصل الإجتماعي أو التعليمات التنظيمية و الحزبية مع كل الإيضاح اللازم ، بأن المقصود و المستهدف من الفعل إلى جانب التأكيد على المؤكد من ثوابت ، أنه عمل مقاوم يأخذ الطابع الشعبي السلمي ، وفي نفس الوقت حماية المشاركين و تأمين سلامتهم مما سيجلب عشرات الآلاف من المواطنين الذين إستنكفوا عن المشاركة في ذكرى يوم الأرض الخالد ، ولو أرادت سلطة حماس الأمنية و الفصائل المسلحة المختلفة القيام بمنع المشاركين من الإقتراب من السياج الحدودي و ألا يكونوا في مرمى نيران العدو الإسرائيلي تكون بذلك أنجزت أكبر مهمة وطنية ، و إذا تعذر ذلك من الممكن التوافق وطنيا على تشكيل مجموعات شبابية تقوم بهذا الدور بمشاركة الجميع .

إن الإنسان الفلسطيني هو أغلى ما نملك و هو الرصيد و المخزون الإستراتيجي للثورة و المقاومة لذلك يجب أن تكون أولى الأولويات هي حمايته و تأمين سلامته ، وفلسطين بحاجة لأبنائها كل أبنائها أحياء يبنون مستقبل و طن و ليس شهداء في باطن أرضها مع كل الإحترام و التقديس للشهداء ، و الإكبار و الإجلال للجرحى و المصابين ، غير أن التضحية بالدماء الزكية في غير مكانها تستحق إعادة النظر فيها قبل الإقدام عليها .َ