أخر الأخبار
“عقوبات عباس”..فتح تخسر وحماس وإسرائيل تربحان !
“عقوبات عباس”..فتح تخسر وحماس وإسرائيل تربحان !

في أبريل 2017، وخلال لقاء لسفراء فلسطين في العاصمة البحرانية، أعلن الرئيس محمود عباس، وبشكل "مسرحي"، انه قرر فرض "عقوبات وإجراءات غير مسبوقة على قطاع غزة" حتى تركع حماس، إعلان شكل "صدمة سياسية" للشعب الفلسطيني بكل قواه، عدا أقلية مرتبطة بالنظام الحاكم بقوة غير الفلسطيني..
بدأت حركة تنفيذ تلك القرارات بقطع مئات رواتب كل ما لا ينحني طاعة وولاء لشخص الرئيس وسلوكه السياسي، خطأ كان أم صوابا (وهو نادر الحدوث)، وكلف مندوبه "الشخصي للعلاقة مع سلطة الإحتلال" حسين الشيخ بإرسال رسائل خاصة تطلب من دولة الكيان العمل "الفوري" لفرض الحصار المالي والكهربائي والإقتصادي على قطاع غزة..
الاعلان الرئاسي والرسائل الخاصة، مثلت أحد أبرز أشكال "الإنحطاط السياسي"، عندما تتحالف سلطة تسمى "فلسطينية" مع دولة الاحتلال لفرض حصار مطلق، او كامل الأركان على قطاع غزة، تحت ذريعة "عودة الشرعية" وتمكينها من السيطرة المطلقة (وكأنها متمكنة من أي شارع في رام الله بما فيها منزل عباس الخاص)، قرارات خرجت عن "النص الوطني"، عندما تعامل عباس مع القطاع وكأنه "مرزعة حمساوية"، يمكنه ان يقوم بمساعدة اسرائيل على تجفيف مصادر الحياة فيها الى حين الموت السياسي..
بعد عام، من "قرارات العار الوطني" يمكن ملاحظة وبشكل سريع، أن قطاع غزة دخل في حالة معاناة إنسانية تقترب من وصفها بـ"جريمة حرب"، في ظل ظروف طبيعية يلاحق القائمين عليها، جريمة سياسية مركبة تلك التي بدأت في المنامة، وزادها إعلان عباس في لقاء لما اسماه اعلام السلطة بـ"القيادة الفلسطينية"، في نهاية مارس 2018، أي بعد ما يقارب العام على إعلان المنامة العقابي، بأنه سيتخذ قرارات وإجراءات وطنية ومالية وإقتصادية جديدة ضد قطاع غزة، إعلان كشف ان ما كان في الإعلان السابق ، هو نهج وسياسة وليس رد فعل على فعل كان قد بدا قبل عشر سنوات من تاريخ الإعلان..
ورغم كل اشكال الكارثة الإنسانية التي يعشيها أهل قطاع غزة، لكنها لم تصل الى ان يرفعوا الراية البيضاء، لا لعباس ولا لإسرائيل، وبالتأكيد أداروا "قفاهم" لممثله في حركة "التشويش" على سير التصالح الوطني، الذي طالب في تلفزيون السلطة الرسمي أهل القطاع أن يخرجوا في "إنتفاضة شعبية" لـ"إسقاط حكم عباس"، فخرجوا في واحدة من أهم المظاهرات الشعبية تحديا للمحتل والمحاصر..
بعد عام من "إعلان عباس"، وأكثر من شهر على تجديد الإعلان العقابي، يمكن ملاحظة أن الخاسر الأكبر سياسيا جراء ذلك، كانت حركة فتح، ودخلت في مسار تصادمي ليس مع حماس فحسب، بل مع غالبية فصائل العمل الوطني، عدا بعض رقمي لا يمثل أي أثر شعبي على الإطلاق في أي حدث سياسي، سوى ساحات الرغي الإعلامي، الى جانب عزلة شعبية تتزايد في الضفة والقدس قبل قطاع غزة، ليس لأن العقوبات جريمة إنسانية فحسب، بل أنها أمدت الإنقسام بدم جديد، ما يمثل ربحا صافيا لدولة الكيان..
الإجراءات - القرارات العباسية، قدمت خدمة مباشرة لدولة الكيان، ليس لقطف ثمار الإنقسام سياسيا، بل لكي تظهر للعالم أن الحصار على قطاع غزة ليس قرارا إسرائيليا بل هو قرار من "السلطة"، ولذا فاللوم عليها، وهي من يجب أن تلاحق..
المسألة قد تبدو كحدث تراجيدي، لكنه حدث واقعيا وليس على خشبة مسرح إفتراضي، أن تعلن سلطة فلسطينية حصارا لنصف شعبها، الى جانب مطاردة النصف الآخر، فيما تبدو دولة الاحتلال العنصري كأنها رافضة لذلك..
ولأن حسابات عباس وفريقه، لم تكن ضمن "حسبة وطنية"، كان من نتائج لما اسماه "عقاب القطاع لعقاب حماس" مخيبا جدا لآماله،  فظهرت حماس فصيلا أكثر مسوؤلية من فصيله تعاملت بـ"حنكة سياسية" مع أفعاله، ليس محليا فحسب بل مع المحيط، وخاصة الشقيقة الكبرى مصر..
حماس خرجت رابحة سياسيا وشعبيا من أفعال عباس، وزاد طين الزمرة المتسلطة ما كاننتيجة موقفها المخجل من يوم الأرض والعودة، عندما افترقت وطنيا وشعبيا أن تكون جزءا من حركة الغضب الوطني، تجاهلت الحدث بل حرضت عليه عبر أدوات منبوذة، وعندما بات اليوم مشهدا خارج كل الحسابات، يوما كفاحيا بإمتياز، اعاد بريق صورة الشعب الفلسطيني، في أبهى مظاهرة النضالية، حاول عباس أن يبدو كأنه على صلة بالمسار فالقى كلمة غشكلت إدانة سياسية جديدة له، ليس لعدم رفعه إجراءات العقاب ووقف مسار الخطوة التدميرية للشرعية الفلسطينية، بل لأنه تحدث عن كل شي إلا عن الحدث الغزي ذاته، ما كشف كم ان قطاع غزة "عقدة سياسية" للمفترض انه رئيس للشعب الفلسطيني..
إنتصرت فلسطين وشعبها في يوم الأرض والعودة، وإنهزمت دولة الكيان ومعها شريكها في الحصار..خسرت فتح كثيرا وربحت حماس كثيرا..
تلخيص مكثف لواقع لا يريد البعض أن يراه، لكن قادم الأيام، خاصة لو أصر عباس على المضي بجريمته السياسية الجديدة بعقد مجلس رام الله تحت رحاب المحتلين، فعندها سنشهد "زمنا سياسيا" غير الذي كان!
ملاحظة: أي "حكمة سياسية" قادت خالد مشعل الى أن يشارك في "إحتفالية" الإخوان المسلمين في تركيا، هل كان ذلك ضرورة سياسية ووطنية، أم هو شكل من أشكال التشويش على نمو العلاقة بين حماس ومصر..مشعل سلوكك مثار للتساؤل الوطني!
تنويه خاص: فرح سياسي برؤية متظاهرين في اسرائيل ودول أوروبية رافضين لجريمة جيش الاحتلال ضد أهل القطاع..يقابله غثيان سياسي لغياب أي حراك شعبي عربي..شكله "الربيع" حقق بعضا مما خطط له!