أخر الأخبار
بريق تاج الملكة لم يمح شعاع لهفة الوداع
بريق تاج الملكة لم يمح شعاع لهفة الوداع

في وداع ابنها الى ما وراء البحار حيث يتلقى تعليمه "كما كل خلق الله"... اقول: في وداعه حين يغيب عن ناظريها ولا تستيقظ صباحا على صوته يناديها او يشاطرها "لقمة الفطور" تمنت جلالة الملك رانيا العبدالله "لو ان ابنها البكر قادما من الغربة وليس متجها لها"، في دعوة تختصر امومة ساكنة بطبيعة الحال في نبضات قلبها، اذ لم يمح بريق التاج شعاع لهفة الوداع وحنان لا يخفت وشوق لا ينضب لابن انتقل من هالة مكانها الى هالات العلم والتمكين.

 

في تواصلها اليومي، اللحظي احيانا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي تثبت "ام حسين" انها تريد مشاطرتنا مشاعرها الطيبة، اظنها تنسى حين تخاطب كل الفئات انها ملكة، لتستقيم مع كل النساء في ذات اللهفة حين يودعن فلذات اكبادهن على امل الرجوع، لتنقل الينا وجع اللحظة ودمعة تحبس في الاحداق تفكر مليون مرة في الا يلحظها "الحسين" اذا استدار لنظرة ليست اخيرة.

 

انها مشاعر الام التي تخشى على ابنائها، من المغامرة لتؤكد انها لن تعتاد على رؤية ابنها يقفز من الطائرة في اطار تدريبات ضرورية، تلك هي خلجات ملكة ملأت الفضاء الالكتروني بكل ما تفكر به، لتنقل لنا بالصورة التي تغني عن الف كلمة، كيف تفكر، تشعر بدون استعلاء، ولا ابراج عاجية.

 

اقول هنا حين تشركنا الملكة / الام في صيرورة مشاعرها لحظة الوداع، تتوقع تعليقات ومشاركات انسانية في اطار الذائقة الاخلاقية التي تحترم مشاعر الام قبل ان تكون ملكة، فيما تعليقات لا تتناسب وجلال الموقف تحاول النيل من مشاعر انسانية لا تحتمل " تسييسا "، ولا استغلالا لفضاء اتاحته الملكة لانها تريد شراكة انسانية مع الجميع.

حين تفتح الملكة فضاءها، هذا يعني انها ديمقراطية، الطرح، منفتحة العقل، محبة، "ام " بكل ما للكلمة من معنى، وحين تمنحنا علانية شعوراً يحترم ذائقة الامومة، فانها تتوقع تعليقات تشبه حسن ظنها، وجلال موقف الوداع أو الخوف.

 

لم يجبرني احد على كتابة هذا المقال، او الدفاع، بل هو احساسي كأم، فيما تشعر به "ام حسين"، احساسي حين يفارقني ابني الى المدرسة واودعه كل يوم، كأنه اول يوم، فكيف بها تودع "بكرها" الى ما وراء البحار، وتلك مقاربة حسية بين " ام " واخرى، وليس بين "ملكة"، و"مواطنة".

 

تعليقات ليست ذات موضوع، اغتصبت حلاوة المشاعر حين تساءلت "على حساب مين رايح يتعلم"، و"كيف بدو يدبر مصروفه".. وغيرها من تعليقات سطحية لا تسمن ولا تغني من جوع.

 

في الاردن الذي واكب الدمقرطة، ليس غريبا ان نسمع هكذا تعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي لـ"بوستات " وضعتها " لسيدة الاولى "، ولا نجد من " يفلتر " التعليقات، بل تبقى كما هي، بدليل ان الخوف " القديم " من التعبير، بات في حكم الماضي.

اما والحال هذه، فحري بنا ان نرتقي بالتعليق، وان نوظف ديمقراطية الملكة ومشاطرتنا اقوالها، بكل ما هو خير للوطن، وارسال رسائل ايجابية، حتى لو كانت في اطار النقد البناء.

 

لماذا لا يستغل هذا الفضاء في نقل معاناة الناس، آلامهم، قضاياهم، افكارهم الخلاقة، قصص نجاحهم، مطالبهم بمحاربة الفساد واعادة الاموال المنهوبة، بدلا من "سخرية " تطال مقامات عليا، انا لست ضد النقد لمن يستحق بصرف النظر عن موقعه ومسؤوليته وحسبه ونسبه، ولكنه النقد الايجابي البناء المنطلق من الحرية المسؤولة، النقد الوطني، الموضوعي، الذي يتخذ من الانتماء متراسا، ومن الولاء نموذجا لدولة حضارية جنبت بالعقلانية والحكمة والصبر عسكرة الديمقراطية في اقليم ملتهب.