أخر الأخبار
مولد الرسـول.. مولد أمة
مولد الرسـول.. مولد أمة

معان ودلالات عظيمة تواكب ذكرى مولد الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، ما أحوجنا في هذا الوقت بالذات لتذكّرها والعمل بها, وقد عصفت الخلافات بالأمة واشتعلت الحروب المذهبية والطائفية, وشوّه المتطرفون وجه الإسلام الحنيف.
ما أحوجنا للتذكّر بأنه -عليه الصلاة والسلام- بُعث رحمة للعالمين لإخراجهم من الشرك وعبادة الأوثان الى عبادة الله الواحد القهار.. ومن الظلمات الى النور, ومن عشائر متقاتلة متناحرة الى أمة عظيمة تجمعها العقيدة السمحة ورابطة الإسلام القوية.. تستظل براية لا إله إلا الله الخفّاقة التي حملها جنود الفتح الميامين, حتى وصلت الى الصين, وحدود فرنسا ينشرون العدل والمساواة ويعيدون للإنسان آدميته وقد تحرر من عبودية العباد فالناس سواسية لا فضل لأحد على الآخر إلا بالتقوى.
مولد الرسول.. هو مولد أمة عظيمة دانت لها أكبر امبراطوريتين في ذلك العصر: الفرس والروم.. ومولد حضارة باهرة اخرجت العالم كله من ظلمات الجهل الى نور العلم والمعرفة واليقين فكانت بغداد وقرطبة ودمشق منارات للعلم والتعليم والتقدم ونشر الوعي والمعرفة, يفد إليها طلاب العلم من كل انحاء العالم لينهلوا من شتى صنوفه وينشروها بعد ذلك في بلادهم التي كانت مجللة بالجهل وسواد الخرافات والأساطير.
لقد استطاع -صلى الله عليه وسلم- أن يبني دولة مهابة وحضارة عريقة وأمة مجيدة عصية على الموت, وعصية على الذوبان.. فرغم تكالب الأقوام وتوالي النكبات على هذه الأمة وتوالي الغزوات التدميرية من صليبية وتترية وسواها.. إلا أنها بقيت أمة متماسكة لم تزل, ولم تضمحل بسبب رابطة الإسلام التي تجمعها وتوحدها وتعيد بعثها من جديد لتحرير أوطانها ومقدساتها.
ما أحوجنا في ذكرى المولد النبوي الشريف لتذكّر أخلاق نبينا العربي وسيرته الطيبة القائمة على نشر الرحمة والكلمة الطيبة والتواضع الجم والمحبة والإيثار و رفض العنف والظلم والغدر وإيذاء الآخرين.
نتذكّر مولده العظيم ويهزنا الألم من الأعماق حينما نرى أن الإسلام قد خطف من قبل جماعات متطرفة تكفيرية أساءت الى مبادئه العظيمة القائمة على التسامح والصفح والعفو وتحريم سفك الدماء وهو القائل في خطبة الوداع (إنما دماؤكم وأموالكم عليكم حرام) و (إن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من هدم الكعبة).. (وكل المسلم على المسلم حرام, دمه وماله، وعرضه) .. (ومن حمل علينا السلاح فليس منا)..
نتذكر ذلك, وكيف أغرت أحوال الأمة وخلافاتها أعداءها الصهاينة لتدنيس وتهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين والتنكيل بالشعب الفلسطيني بحرائره وأطفاله وشيوخه, رافضة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية بفعل الدعم الأميركي اللامحدود والنفاق الأوروبي والوضع العربي المتردي.
مجمل القول.. مولد الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو ربيع الأمة الذي آتى أُكله ببعث خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر, وقد بنت حضارة عريقة أخرجت العالم كله من ظلمات الجهل الى نور المعرفة واليقين.
إن مولد الهدى فرصة للمسلمين كافة ليتمسّكوا بنهجه القويم القائم على توحيد الأمة وكنس الخلافات ورص الصفوف, ورفض التبعية والذل والتفرقة والانحطاط.. لتعود الأمة الى سالف عهدها ومجدها وقوتها وتحرر مقدساتها وتحمي أوطانها.