أخر الأخبار
المجلس الوطني وعباس جذر المشكلة
المجلس الوطني وعباس جذر المشكلة

نعلم يقيناً، أن اندفاعة عباس الى عقد مجلس وطني مزوّر، مُفصّل على مقاسه الطاغي على المشهد الفلسطيني كله؛ أمرٌ لن يحيد عنه. فهذا أمر، شأنه شأن عشرات الاندفاعات والمطارح التي اندفع اليها عباس، دون أي تأييد من الشعب، مستأنساً بمأمنه في قلب المنطقة العسكرية الإسرائيلية المركزية، قد أصبح أحد وسائل التصفية للحركة الوطنية الفلسطينية !

 من خلال أية عملية لسبر الأغوار في الضفة وغزة، نعرف أن هذا الرجل المريض نفسياً، المسكون بالحقد والكذب والفساد والنزعة البشعة الى الأذى، والى تدمير التماسك الشعبي واروح الوطنية، والى زرع البغضاء؛ في موضع كراهية شعب فلسطين في وطنه وشتاته. لكن الغريب العجيب، في أعراض ممارساته،  هو فقدانه الحد الأدنى من الإحساس بمعاناة الناس، واسترخاص موتها، والمفاخرة بتجويع الأطفال وحرمانهم من مقومات العيش بكرامة!

كل هذا الكلام مفروغ منه، لكنه لم يؤسس للفعل المضاد، كون الطبقة السياسية راهنت طويلاً على احتمالات تراجعه أو غيابه أو انكشاف الغُمة التي يمثلها. لكن الوقاحة المريضة، جعلته يتوهم حتى الآن، أنه هو وحده صاحب الحق في تحديد سياقات السياسة وفي التصرف مع كل الآخرين باعتبارهم إما عُصاة أو طائعين حتى الخنوع، وهذه سابقة لم يعرفها شعب فلسطين. فحتى الديكتاتوريات، كانت لأخلاقها الكثير من المحاسن، وكانت لها عاطفتها الوطنية، وكانت تترفق بالناس الموالين لها، فيما هي تبطش بالمعارضين، لكن هذا الرجل الفاسد الشَره الى كل شيء، يبطش بالموالين، ما يعني أن الظاهرة نتاج مرض نفسي وكراهية عميقة دفينة، للناس وللحركة الوطنية!

ما يفعله عباس في اندفاعته الى تزوير برلمان المنفى والداخل الفلسطيني، يرمي الكرة في وجه المجتمع والطيف السياسي. فإن لم تبادر الطبقة السياسية الى الأخذ بناصية العمل النوعي المؤثر، وهو إسقاط هذا الرجل بالمفاعيل الشعبية والسياسية، وملاحقته بالقانون، ووضع كل النقاط على كل الحرف في تجربته؛ فإن السقوط سيكون مآل هذه الطبقة، على النحو الذي يستحث مبادرات جماهيرية، تبدأ في غزة بجمع تواقيع الناس، قبل مناشدة المنابر والمؤسسات العربية والصديقة المتعاطفة مع شعب فلسطين. فلا بد من إزاحة هذا البلاء، لأن الرجل العاهة لا يحس ولا يستحي ولا يؤمل منه شفاء. فإن لم يتحرك الفلسطينيون لإسقاطه قبل أن يُسقطه الموت؛ فإن الضفة الفلسطينية ستذهب الى كارثة اقتتال بين أزلامه الموالين مع تابعيهم، بينما ستصبح غزة ــ إن لم تكن قد أصبحت فعلاً ــ منطقة منكوبة، تتداعى اليها فرق الإنقاذ الدولية فيُفتضح الحاقد ويواجه مآلات أفاعيلة، وينطق بالحقل وبالتفصيل، الصامتون العرب على سفالاته، وستكون الطامة الكبرى، أن يسجل شعب فلسطين، في تاريخه، أن نكبة ثانية حلّت به وجاءت من داخله!

ليكن البدء بالفصائل الوازنة، على الأقل في معرض الدفاع عن نفسها وعن إرثها. فلا يُعقل أن تظل هذه الفصائل صامتة على تهميشها وإهانتها، إذ وضعها عباس بين أمرين: إما أن تترجل عن منصة البرلمان الفلسطيني وتغادر المشهد السياسي، وإما أن تشارك في الانعقاد المزور للمجلس الوطني، وتلعب دور "الكومبارس"، وعندئذٍ لن ينفعها أمام الأجيال الفلسطينية، دفعها للاتهام بأنها شاركت في المهزلة. فهي تعرف أن مجلساً لا تشارك فيه حركتان كبريان، لن يمثل المجموع الفلسطيني، وتعرف أن عشرات الأشخاص، تم تنسيبهم الى المجلس اختارهم عباس وحاشيته، وعشرات أخرى من الأعضاء السابقين، شُطبت أسماؤهم، وتعرف أن انعقاد أي مجلس يتحكم الإحتلال يمنع وصول الأعضاء الذين لا يريدهم أن يصلوا، ويمتنع الكثيرون عن الوصول اليه مروراً بالمنافذ التي يتحكم فيها الاحتلال؛ لن يكون مجلساً يمثل الشعب الفلسطيني!

لا يكفي الامتناع عن المشاركة، لأن المرتجى هو معالجة جذر المشكلة، ولا يختلف اثنان، على كون جذر المشكلة يكمن في وجود عباس نفسه!

لعل الرجل المحترم، سليم الزعنون (أبو الأديب) يمتنع عن المشاركة في المهزلة، ولا يسجل على نفسه في هذه السن، أنه اختتم حيانه بطواعية عباس في أمر ضد الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، التي كان الزعنون من مؤسسيها!