أخر الأخبار
نكبة الفلسطينيين الثانية في مخيم اليرموك
نكبة الفلسطينيين الثانية في مخيم اليرموك

التصريحات والمناشدات والنداءات المحلية والدولية المتكررة على مدار اليوم لرفع الحصار عن مخيم اليرموك، لا تجد أي صدى، حيث ما زال نحو 20 الف شخص معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين المدنيين يعانون من حصار محكم، يمنع عنهم الطعام والشراب والكهرباء والوقود والمواد الطبية، فيما يبدو انه عقاب جماعي يفرضه النظام السوري على مدنيين عزّل ذنبهم انهم لم يتصدوا لقوى الثورة السورية التي أخرجت قوات النظام من المخيم.

الوضع الانساني المفزع في المخيم أدى، حسب الأنباء المعلنة، لوفاة نحو خمسين فلسطينيا جوعا، واذا استمر الحصار، ولم يتم ادخال المعونات الغذائية والطبية سريعا، فمن غير المستبعد تضاعف اعداد القتلى جوعا خلال الايام القليلة المقبلة. فبعد مرور 186 يوما على الحصار، بدأت تظهر امراض وحوادث مفزعة، كان تسمم اسرة فلسطينية لتناولها لحم القطط مثالاً فاضحاً عليها، غير أن مأساة سكان المخيم تتعدى الجوع، فنقص المواد الاساسية وانقطاع الكهرباء والوقود والدواء والكوادر الطبية بعد مقتل آخر طبيب بالمخيم على يد النظام يهدد آخرين كثيرين بالموت نتيجة امراض أو حتى اصابات بسيطة.

ورغم سياسة الحياد التي اعلنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اضافة لتصريحات فجة لوفود فلسطينية برأت النظام من اية مسؤولية عن الحصار والقصف والقنص للمخيم وسكانه، الا ان هذا لم يكن كافيا لتسهيل ادخال قافلة مساعدات انسانية امس الاول، والتي عادت ادراجها اثر تعرضها لاطلاق نار.

وفيما قال نشطاء من داخل المخيم ان اطلاق النار على القافلة جاء من مناطق تقع تحت سيطرة القوات الحكومية وعناصر ‘لواء ابو الفضل العباس′ العراقية، إلا ان وزير العمل الفلسطيني احمد مجدلاني حمل المسؤولية في مؤتمر صحافي من داخل دمشق لـ’مجموعات مسلحة تمارس الارهاب الممنهج وتختطف المخيم في جريمة حرب ضد الانسانية’.

وبعيدا عن هاتين الروايتين، كانت رواية ممثلي الامم المتحدة الاقرب للحقيقة، حيث حمّلوا النظام، الذي طالب القافلة بالمرور عبر المدخل الجنوبي وهو طريق ملتو وخطير، بدلا من طريق آخر أكثر أمنا، مسؤولية عرقلة وصول المساعدات.

تتضارب الروايات وتتوالى الاتهامات والادانات بينما معاناة المدنيين تتفاقم، والوضع يتجه نحو كارثة انسانية مريعة، ومن المفترض ان الجهة القادرة على الضغط لرفع هذا الحصار لو أرادت هي روسيا، الحليف الاهم للنظام السوري، كما فعلت حين فرضت عليه التخلص من السلاح الكيماوي.

حين شعرت موسكو ان المجتمع الدولي لن يترك جريمة استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين تمر دون عقاب، تحركت فورا وتوصلت لاتفاق مع الادارة الامريكية يؤدي للتخلص من السلاح الكيماوي ومنع اي تدخل عسكري ضد النظام، وهو الحل الذي ارضى الولايات المتحدة وروسيا والنظام السوري، والاهم انه كان لمصلحة اسرائيل، التي تخلصت من اسلحة من المفترض ان سوريا استوردتها وصنعتها لاستخدامها ضدها، اما في حالة حصار مخيم اليرموك، فلا يبدو ان هناك ضغطا دوليا حقيقيا للتحرك، طالما ان لا مصلحة لاسرائيل في ذلك.

الفلسطينيون في مخيم اليرموك الذين كانوا حوالي 200 ألف، لا يتعدى عددهم اليوم العشرين الفا يواجهون نكبة جديدة ومحاولة لاجتثاثهم، يتحمل مسؤوليتها المجتمع الدولي الى جانب النظام السوري.