أخر الأخبار
«حشاشو» هذا العصر !
«حشاشو» هذا العصر !

بعد نحو تسعة أعوام منْ تفجير رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ،الذي جرى إغتياله بالطريقة البشعة في الرابع عشر من فبراير عام 2005، بدأت المحكمة الدولية ،التي جرى تشكيلها في العاشر من يونيو 2007 بعد تحقيقات دولية ميدانية، أولى جلسات أعمالها يوم الخميس الماضي لمحاكمة أربعة من المتهمين من أعضاء حزب الله اللبناني ،الذي أصبح يعامل في العديد من دول العالم على أنه منظمة إرهابية، إثنان منهم يقال أنهم يختبئون في إيران بينما يقال أنَّ الإثنين الآخرين قد تمت تصفيتهم من قبل حزبهم هذا لإخفاء ما عندهم من معلومات ولقطع الطريق على إحتمال إستدعائهم وجلبهم إلى هذه المحكمة.
والواضح أن عمل هذه المحكمة سيكون صعباً وسيستمر لفترات طويلة والسبب هو أنَّ الدولة اللبنانية بحكومتها وبأجهزتها غير قادرة على إلزام حزب الله بتسليم هؤلاء المجرمين المطلوبين إليها ثم تقوم هي بدورها ،على إعتبار أنها الجهة المسؤولة عن كل اللبنانيين، بتسليمهم إلى المحكمة الدولية فهذا الحزب غدا ،بدعم من النظام السوري ومن إيران، ليس دولة داخل الدولة بل دولة فوق الدولة ثم وأكثر من هذا فإنه بات هو الدولة الوحيدة في لبنان التي لديها القدرة والإرادة لقتل من تشاء ولفعل ما تشاء.
لقد حصد الإرهاب منذ إغتيال رفيق الحريري في عام 2005 أكثر من عشرين مسؤولاً ورمزاً من رموز الدولة اللبنانية كان آخرهم الشخصية الوطنية المعتدلة المرموقة محمد شطح والواضح أنَّ حزب الله ،الذي أرسل «مغاويره» إلى سوريا للقتال إلى جانب الميليشيات الطائفية المستوردة من إيران ومن العراق ومن كل حدب وصوب، لن يتوقف عن مواصلة الإغتيالات وعن عملياته الإرهابية طالما بقي نظام بشار الأسد قائماً في دمشق وطالما بقيت ذراع إيران طويلة في هذه المنطقة.
كان هناك في التاريخ الإسلامي القديم ،زمن الدولة الفاطمية، تنظيم إرهابي مركزه قلعة «ألْمُوت»(1) وكان مؤسسه وزعيمه رجلاً إسمه حسن الصباح تمكن بمساعدة الفاطميين من إنشاء تشكيلات إرهابية عُرفت بـ»الحشاشين» تمادت في إغتيال أعداد كبيرة من خيرة القادة المسلمين وحاولت قتل البطل التاريخي صلاح الدين الأيوبي لأنه من قبيل إعداد «الأمة» لمقاتلة «الصليبيين» بادر إلى إلغاء الخلافة الفاطمية «الإسماعيلية» وإلغاء العديد من الفرق المذهبية التي كانت مزَّقت المسلمين في تلك الفترة التي كانوا فيها بأشد الحاجة إلى الوحدة والتماسك والتعاضد.
وحقيقة أن هذا هو ما فعله وما يفعله حزب الله الآن فأمينه العام حسن نصر الله أخذ مكانة حسن الصباح والضاحية الجنوبية تحوَّلت إلى قلعة «الْمُوت» وميليشيات هذا الحزب المسؤولة عن كل الإغتيالات ،التي شهدتها الساحة اللبنانية سابقاً ولاحقاً، حلَّت محل فرق «الحشاشين» الآنفة الذكر وإيران حلت محل الدولة الفاطمية-الإسماعيلية وبالطبع فإن هذا النظام السوري قد تحول ،إنْ في عهد الأب وإنْ في عهد الإبن، إلى إحدى القلاع المتقدمة لهؤلاء «الحشاشين» الذين يستبيحون دماء أبناء الشعب السوري والذين أطلقوا على أنفسهم هذه المسميات الجديدة :»فيلق أبو الفضل العباس» و»ذو الفقار» و»عصائب الحق» و»داعش».
إنه المتوقع من هذه المحكمة الدولية على الأقل هو إظهار العدالة ومطاردة القتلة والمجرمين، لكن يجب أن يكون واضحاً منذ الآن أنه مالم تسقط قلاع «حشاشي» هذا العصر أولاً في دمشق وبالتالي في ضاحية بيروت الجنوبية وثانياً في طهران وأيضاً ما لم تتوحد هذه الأمة وتحسم هذه المعركة المحتدمة في سوريا وكذلك المعركة المحتدمة في العراق فإنَّ الإرهاب سيشمل المنطقة العربية وإن قلعة «ألْمُوت» ستصبح بحجم الوطن العربي كله.
• (1) قلعة «ألْمُوتْ»: تعني وكر العقاب