أخر الأخبار
جرائم حرب ضد الإنسانية
جرائم حرب ضد الإنسانية

غالباً لا يتوقف المراقبون أمام حجم الأثار المدمرة ونوعيتها على حياة الإنسان الفلسطيني، التي يقترفها جيش الإحتلال الإسرائيلي وأجهزته الأمنية، ضد المحتجين الفلسطينيين على الشريط الحدودي لقطاع غزة مع حدود مناطق الإحتلال الأولى عام 1948، فيتحدث المراقبون ويركزوا على عدد الضحايا القتلى الذين فقدوا حياتهم جراء الرصاص الحي الذي يطلقه القناصة من خلف السواتر المحمية على المتظاهرين المكشوفين من المدنيين غير المسلحين، على إمتداد الحدود الضيقة الممتدة على طول قطاع غزة مع جيش الإحتلال، وإذا كان ثمة إهتمام أكبر فيتم ذكر عدد القتلى الضحايا بالعشرات مع عدد الجرحى بالمئات، دون التوقف أمام ظاهرتين خطيرتين لا تقلان سوءا وجرماً عن عملية القتل المتعمد التي ينفذها القناصة، وإن كانت الجرائم الأخرى تتم أيضاً بفعل أياديهم الملطخة بالدماء وتطلق النار بقرار سياسي أمني مسبق من قبل حكومة نتنياهو، وبفعل حقد قومي ديني عنصري كامن في نفوس القناصة المدربين جيداً ويحوزون على أدوات آلية تعطي نتائج مضمونة من خلال تكامل عملية التدريب مع أدوات القتل ذات تقنية عالية المستوى.

التسديد المباشر على الأطراف العليا من أجسام المحتجين من المتظاهرين الفلسطينيين، يهدف إلى القتل المتعمد من أجل إشاعة الخوف والتردد لدى أسر الاحتجاجات من المشاركين في مسيرات العودة، والعمل على ردعهم، ومن جهة ثانية يتم التركيز على الأطراف السفلى من أجسادهم لشل فعاليتهم وإعاقتهم وجعل حياتهم مثقلة بعدم القدرة على الحركة عبر الرصاص المتفجر الذي يؤدي إلى بتر الساقين أو إحداهما فيقع المصاب بعاهة مستديمة مدى الحياة ويتحول إلى عبء إنساني واجتماعي ومالي على أسرته وعلى المجتمع وعلى السلطة الفلسطينية وبهدف ردع المتظاهرين أيضاً.

كما يتم قذف القنابل السامة غير القاتلة مباشرة، ولكنها تترك آثارها المؤذية على الجهازين التنفسي والعصبي مخلفة تشوهات وإعاقات داخلية يصعب حصرها ومعالجتها وتؤدي إلى ضعف الحركة والشلل والموت البطيء.

إنها جرائم مقصودة، وبرنامج منهجي، يهدف إلى تدمير الإنسان الفلسطيني، بالقتل أو بالإعاقة التي لا تقل أذى على المتلقي الفلسطيني وانحداراً أخلاقياً للمجرم الإسرائيلي المخطط والمبرمج والمنفذ وتكامل أدوارهم، ولذلك لم يكن مستغرباً إدانة مجلس حقوق الإنسان الذي اجتمع في جنيف يوم الجمعة 18 أيار 2018، للاستخدام غير المتناسب والعشوائي للقوة من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، بما يعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، ولقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. 
وقرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إيفاد لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات للقانون الإنساني الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة المحتل (القرار وصف قطاع غزة على أنه محتل)، ودعا القرار إلى الوقف الفوري لجميع الهجمات والتحريض والعنف ضد المدنيين في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وطالب القرار حكومة المستعمرة الإسرائيلية بوصفها سلطة الاحتلال، بأن توقف فوراً وبشكل تام إغلاقها غير القانوني لقطاع غزة المحتل، الذي يرقى إلى عقاب جماعي للمدنيين الفلسطينيين.

وشدد المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مايكل لينك إلى أن “محاولة الإقتراب من السياج أو إلحاق الضرر به أو حتى عبوره من قبل فرد غير مسلح يواجه جنوداً مدججين بالسلاح، لا يشكل تهديداً للحياة أو إصابة خطيرة من شأنها أن تبرر إستخدام القوة المميتة “من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ،ولذلك إن “ القتل المتعمد “ ، و” التسبب في معاناة شديدة أو إصابات خطيرة “ للمدنيين الفلسطينيين يشكل انتهاكاً خطيراً لاتفاقيات جنيف وجريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي، وبذلك تكون فُتحت جبهة دبلوماسية ذات طابع قانوني ونتائج سياسية ستنزع الصفة الأخلاقية عن السلوك الإسرائيلي غير الأخلاقي غير الإنساني في فلسطين.