أخر الأخبار
الإفتراء على دحلان في قضية القدس .. لماذا الآن ؟
الإفتراء على دحلان في قضية القدس .. لماذا الآن ؟

أتساءل كما غيري من المراقبين، عن الأسباب التي دعت القائمين على حملة الصاق تهمة بيع عقاراتٍ فلسطينيةٍ في القدس تمهيداً لإعادة بيعها لجمعيات يهودية بالنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني والعضو المنتخب في اللجنة المركزية لحركة فتح (في المؤتمر السادس للحركة) محمد دحلان، ومن خلفه دولة الإمارات العربية الشقيقة، والذي يجعل هذا التساؤل مشروعاً، هو أن هذه الاتهامات تأتي بالتزامن مع اقتراب الإعلان عن محددات الرؤية أو المقاربة الأميركية للتسوية، والتي على ما يبدو أن القدس الفلسطينية ستكون أول ضحاياها، فما علاقة كل هذا بالنائب دحلان؟، وما هي الغايات التي يسعى أصحابها إلى تحقيقها من وراء هذه الحملة التي ينقصها الدليل والبرهان، وتنقصها حتى الحرفية المرتبطة بصنعة الإعلام وبناء الرأي العام في إطار حرب الشائعات؟

من المعروف أن النائب دحلان، ومن حوله تيار عريض من حركة فتح، يخوض صراعاً مريراً منذ سنوات، وتدعمه في ذلك دولة الإمارات الشقيقة، بهدف تعزيز صمود الأهل في قطاع غزة والضفة الغربية ومخيمات الشتات، وقبل كل هذا وبعده، تعزيز صمود المقدسيين في أراضيهم، ومجابهة حملة التهويد التي تتعرض لها المدينة المقدسة، دون أن تتمكن أي جهةٍ فلسطينيةٍ من التصدي لها أو مجابهتها، ولو بالحد الأدنى من الأدوات، فلا السلطة مكترثة لكل ذلك، ولا الفصائل قادرة على الفعل بسبب سلوكيات سلطوية تحول بينها وبين الفعل الكفاحي على الأرض، إلى جانب إخفاقاتٍ فصائلية في التعامل مع هذه القضية التي تمس الكل الفلسطيني، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً.

حدد النائب دحلان في أكثر من خطاب، وأكثر من مداخلة، وأكثر من نصٍ مكتوب، أنه لا معنى للكيانية الفلسطينية دون القدس، وأن التفريط بالقدس عاصمة أبدية لفلسطين ليس خيانة فحسب، وإنما جريمة مستمرة ويستحق من يفرط ببضعة أمتار في الأماكن المقدسة أن ينال عقاب الشعب الفلسطيني ولو بعد حين، وحدد كذلك رؤية وطنية جامعة لتعزيز صمود المقدسيين، وشاركهم غضبهم وفعلهم النضالي في معركة البوابات الإلكترونية، ثم عاد وساندهم في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أهل القدس في مواجهة جبروت الاحتلال، ثم عاد وناصر بقوة موقف المملكة الأردنية الهاشمية التي تواجه اليوم غضب المتنفذين في سياسة العالم، بسبب موقفها غير القابل للمساومة بشأن القدس وعروبتها وحصانة الأماكن المقدسة في وجه محاولات الانقضاض على المدينة التي تجسد أحلام الأجيال الفلسطينية على مدى التاريخ.

ما الذي فعله النائب دحلان حتى يواجه بكل هذه الكراهية وكل هذا الحقد، وأي جريمة ارتكبها وهو يقاتل على كل الجبهات من أجل انهاء الحصار الظالم المفروض على أهله في قطاع غزة، ويواجه بشرف معركة الصمود الفلسطيني في لبنان، ويبذل جهوداً مضاعفة من أجل نصرة المخيمات في الضفة الغربية بجوار مساندته للأهل في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية في الضفة والقدس، والسؤال الأهم هنا، ما الذي فعله خصوم الرجل لكسر حصار غزة، وما الذي فعلوه لتعزيز صمود المقدسيين، وماذا فعلوا في مواجهة غول الاستيطان في الضفة الغربية والحواجز والاعتداءات اليومية التي تنغص حياة الفلسطينيين هناك؟، كل هذه أسئلة تحتاج إلى إجابات، وإلا فإن المنطق يقول أن الطرف الذي يكره هذه الأنشطة التي يقوم بها النائب دحلان وتياره، ويحاربها بكل قوة، مستعيناً بقبضةٍ أمنية وأذرع استخبارية تحقق مع كل من يقترب برؤيته وفكره مع قناعات الرجل، هذا الطرف بالتأكيد إن لم يتمكن من أداء مهمة السجال مع النائب دحلان، فإنه سيستعين بوكلاء يقومون بهذه المهمة، وهؤلاء الوكلاء مهمتهم فقط القاء التهم المرسلة، وبث الشائعات المغرضة، والاعتماد على نظرية "الرصاصة" التي تقول بأن أول من يُلقي الاتهامات هو الطرف الذي سيكسب المعركة، لكن هؤلاء أخطأوا في حساباتهم في ظل تحديين كبيرين: أولهما أن الشعب الفلسطيني شعبٌ واعٍ ولديه القدرة على التمييز بين الحقائق وأنصاف الحقائق والشائعات والأكاذيب، وثانيهما أن عالم اليوم هو عالمٌ يعتمد على التكنولوجيا الدقيقة والقدرة الفائقة على الوصول للحقيقة، وبالتالي فإن بيع سنتيمتر واحد في القدس وسواها سيجعل الدنيا كلها تعرف البائع والمشتري والسمسار والشاهدين وكاتب العدل الذي يوثق عقد البيع، فلماذا تأتي الاتهامات الموجهة للنائب دحلان ولدولة الإمارات الشقيقة دون تحديد ما يسمى بعين الجريمة أو العقار موضع الحدث؟، لأنه ببساطة لا يوجد عقار ولا بائع ولا مشتري، وإنما أراجيف تستهوي الخصوم الذين لم يجدوا في الورد عيباً فنعتوه بأنه أحمر الوجنتين، وهؤلاء بالعادة تكون أعمارهم قصيرة بسبب أنهم يموتون غيظاً دون أن تقوى ارادتهم على أفاعيل الرجال.