أخر الأخبار
أسماء الجدات الأردنيات
أسماء الجدات الأردنيات

هل يمكن دراسة تغير المزاج الأردني والثقافة اليومية بالعودة إلى أسماء الناس ..؟  وهل تخضع أسماء الناس عبر الأجيال لتغييرات حقيقية تؤشر على التغير الاجتماعي ..؟  بين يدي سجلات للأردن في القرن التاسع عشر ، وفيها قوائم  بأسماء العائلات ،  وتفاصيل جميلة عن الأسر الأردنية في الزمن العثماني ، وقد لفت انتباهي بشدة أسماء الأجداد،  وتوقفت بدهشة عند أسماء الجدات ، لأجد بأن الزمن العثماني ينعكس بصدق على الأسماء التي « اخترعها « أجدادنا  لبناتهم ، ففيها خلاصة لواقعهم اليومي ، والذي يختصر المعاناة  ، ودعونا نستذكر بعض هذه الأسماء التي غابت عنا ، مع غياب الجدات في ترابهن ، فقد قرأت أسماء لمولودات النصف الثاني من القرن التاسع عشر  تؤكد على إحساس الوالدين بالغبن ..( ممن ..؟ من الدولة أم من الحياة أم من الفقر أم من ولادة أنثى .. لا ادري )  المهم أن المولودات حملن اسماء : غبنة ، غباين ، زعيلة ، زعلة ، عذاب ،  أما إذا ولدت الطفلة في  زمن الحرب فكانت تسمى « كونه «  ، وإذا ولدت في الشتاء فيسميها أهلها « شتوة « أو « مطرة « أو مطيرة    ، ولو جاءت إلى هذا العالم  مع تساقط الثلج ، فهي « ثليجة « أو ثلجة ، ولا أجد تفسيرا مقنعا لتسمية الصغيرات ب « سكوت « أو « حبوس « أو « طردة « أو عوفة أو « معيوفة أو متروكة  ..! « أو رخيصة أو شويهينه  .. والأدهي والأمر « عمشة « تصوروا معي أن تولد طفلة وهي تحمل صفة ليست فيها ، وربما كانت تملك عيونا واسعة وجميلة ، ومع ذلك فهي عمشة ..!  وكانت جداتنا يحملن أسماء نباتات مثل تينة أو موزة أو لوزة أو جوزة ، وهذا جميل ، وبعضهن يحملن اسم عشبة ،    ومن أسماء الجدات الجميلة مهرة ..  لماذا انتهي هذا الاسم من الأردن ..؟ لا أدري ،  ووجدت أسماء معدودة جميلة مثل فلوة وغزالة ، وقد أعجب الأجداد في القرن التاسع عشر بأسماء صبحه وسعده ومزنة وفزة وتركية وفندية وبيكة  وخزنة وحمدة ، ومع الاحصاء يبدو اسم صبحة وبيكه من أكثر الأسماء شيوعا ، وسامح الله الأجداد الذين سموا بناتهم جفالة وقطشة وعمشة ، مقابل تنور بعضهم الذين أطلقوا على بناتهم أسماء طلة ودلة وشوفة وفرحة وفرجة وزانة ووزنة وقطنة وفلحة .. ولكنى حتى الآن  لا أجد سببا يدعو الأهل لتسمية بناتهم ب « عسكرية « أو كردية ، وكنت أحاول  البحث عن سبب تاريخي لذلك ، فلم أجد ، لكنى على ثقة بأن لهذه الأسماء أسبابها القاهرة .
يا الله كم تغيرنا ..! أسماء الأردنيات الآن تميل للاختصار والتغريب ،  مثل فرح وتالا ويارا وهلا ولانا ونانسي ، ولا نستغرب أن يقوم أردني رزق بطفلة مع هبوب العاصفة الثلجية ليدعوها ب» أليكسا « أو» نتاشا « .. بدلا من ثلجية ، المهم أنني بدأت أفهم مشاعر الأجيال الذين أقرأ  زمنهم في كتب التاريخ .. وبدأت أعذر الأب الذي سمى  ابنته « عذاب « وهو يرتعش رعبا من بساطير الجيش العثماني ومن الجباة والمحصلين الذين يداهمون البيوت الفقيرة  العاجزة عن دفع الضرائب .. وبدأت أفهم لماذا سمى البعض بناتهم غبنة وغباين وعسكرية وجفالة وتركية .. كانوا يترجمون مشاعرهم بالخوف من السلطة والضرائب وافتقاد الأمن.. وأعرف حق المعرفة أن العرب كلهم لن يسموا بناتهم « ربيع « تيمنا ( بالربيع العربي  ) الذي تحول إلى صقيع وبرد قارص ..!  والسؤال الذي يلح علي الآن ، هل تحولنا  للأسماء الجميلة دليل فرح وسعادة عربية غامرة ..؟    هل استنتاجي منطقي أم ماذا ..؟ ماذا ..؟  أخاف أن يسمي أردني ابنته التي ستولد بعد رفع أسعار الكهرباء  ، « فيوز « أو كهربه  ..على كل سامح الله الأجداد  ، والرحمة للجدات المغبونات  والمتروكات والعمشاوات ..!