أخر الأخبار
الاخوان والعودة الى المشهد الوطني
الاخوان والعودة الى المشهد الوطني

كنت اتوقع ان يصل اخوان الاردن لهذه المرحله من الغياب عن المشهد الوطني الاجتماعي والاعلامي,بعد غيابهم السياسي الذي اصبح بحكم المؤكد بانه حالة امر واقع تجمع عليها اغلب النخب السياسية والحزبية.

عامان من المناكفة والسجال السياسي المازوم ضد الدولة,وكثير من التجاذبات التي كان يعتقد فيها اخوان الاردن ان ذلك مرتبط ببورصة الربيع العربي المغادر ارض العرب,وتحديدا مصر حيث مرجعيتهم ومكتب ارشادهم وعمق الجماعة التاريخي,والحضور الشعبي.

فخلال العامين المنصرمين شكل الاخوان اداة ضغط شعبي على الدولة ,استطاعوا خلالها تشكيل جبهات لا تنتمي اليهم عقائديا او فكريا,من اجل الوصول الى الاوج السياسي بطموح يتعدى طموح الكثيرين ممن شاركوهم هذه الائتلافات.

لقد قبل اخوان الاردن في السنوات الفائته ان ينظموا تحت مظلات سياسية كانت تناصبها العداء في السابق,كرجال الدولة ,وكبار الضباط المتقاعدين,من اجل ان يمر الربيع العربي في الاردن,وخلق حالة اعلامية تشير بها الى العالم بضرورة التغيير,دون الوقوف عند فكرة تميز الاردن عن غيره من البلدان العربية المنكوبة بهذا الربيع,بوجود علاقة بين الاطراف ذات العلاقة بديمومة الوطن,مبنية على اسس غير قهرية او فوقية,وان نسبة التشاركية كانت مرتفعه منذ تاسيس الدولة,حتى في غياب الديمقراطية الشكلية في البرلمان.

لقد كان اصرار اخوان الاردن على البقاء خارج ميدان السياسة المحلية الاردنية قرارا خاطئا,بني على مؤشرات حركات التحرر والفوضى في دول الربيع العربي مما يدلل على ان قدراتهم التحليلية لحركة الشعوب في الوطن العربي والاردن كانت ضعيفة وغير عميقه,وبالوقت نفسه فان انعدام لغة الخطاب الديني والتي لها التأثير العاطفي على الشعوب العربية ذات الاغلبية المسلمة,جعل منهم حزبا سياسيا راديكاليا لا أكثر من وجهة نظر اتباعهم وقواعدهم الشعبية الغير منظمين سياسيا.

وبعد الاخطاء الكبيرة التي ارتكبها اخوان مصر من تهميش للنخب السياسية المنافسة والتواصل السياسي اللبق مع اسرائيل (منبر عدائهم وسلعة التسويق)والاعتراف بمعاهدة السلام,واغلاق معبر رفح وتدمير الانفاق,وبعد جفاف الحراك الاردني الغير متناغم او متجانس في ارائه تجاه العديد من القضايا الدولية والوطنية والشخصية,والذي يعاني العديد ممن التحقوا به من ضعف في القراءة والكتابه للشؤون الاقليمية (اميه سياسية),وبعد الضربة القاضية التي وجهها الجيش المصري الحاكم في مصر,باعلانه جماعة الاخوان المسلمين تنظيما ارهابيا,فلا بد لاخوان الاردن بان يعيدوا حساباتهم تجاه طريقة تواجدهم في المشهد السياسي المحلي,وان يرجعوا الى مبادئ الجماعة القائمة على الدعوة الى الله,والعمل على ايجاد صيغة مقبولة للرجوع التدريجي الى مكانتهم التي طالما عززتها الدولة واحبها الناس,شاغلة بذلك حيزا كبيرا في التكوين الاردني بنكهة ملائمة من المعارضة المشروعة والبناءة ,للسياسات الحكومية عبر سنوات عمر الدولة والجماعة.

رغم ذلك كله فانني اعتقد بان بان الدولة الاردنية ستبطل تكهنات السياسيين والمحللين بما يخص طريقة تعاملها مع الجماعة في الاردن خصوصا وانها في تراجع واقرب الى الضعيفه,وارى بان سياسة النظام ونهج الدولة لن يسمحا بحظر الجماعة او اعتبارها غير مقبولة وطنيا,يمنحناهم بذلك فرصة جديدة للنمو تكون ذات امتداد محلي,ومعززا ذلك غياب اغلب قياداتهم في سجون مصر,ودون العودة الى المراهنات على ملفات الدول الاخرى كالملف السوري,والوقوع في الخطأ المصري مرة اخرى,وعليهم التكيف مع مكونات الدولة الاردنية الديمغرافيه والجغرافية والحزبية. سنوات عديدة مريت بين عامي, 1946م وعام 2013م وبين التاريخين ثبات لسياسة الدولة تجاه الجماعه,ففي التاريخ الاول عرض الملك عبدالله الاول على الاخوان المشاركة بوزارة في الحكومة حينما افتتح مقرهم في وسط البلد,وفي التاريخ الثاني يعرض الملك عبدالله الثاني عليهم اكثر من ذلك..

ثوابت الدولة في التعامل مع الجماعة يجب ان يقف عندها اصحاب الحكمة والرؤيا الوطنية من الاخوان لستمروا صعودا مع استمرار الدولة,ويجب ان ينبري منهم للقادم حمائم الوسطية والاعتدال,فلسنا في حالة عداء حتى يتصدر الاخرون واجهة جماعة الاردن.