أخر الأخبار
متى ينتهي الإنقلاب الأسود هنا و هناك ؟؟
متى ينتهي الإنقلاب الأسود هنا و هناك ؟؟

في ذكرى الإنقلاب الدموي الذي قامت بتنفيذه مليشيات حماس وهو يطوي عامه الأول في العشرية الثانية من زمن الردة الذي مازال يرخي ظلاله السوداء على قضيتنا الوطنية وطال كل مناحي حياتنا الخاصة و العامة ، للمرة الأولى أتردد في الكتابة نظرا لهذا المستوى من الإنحطاط و التردي الذي نواجهه و يضيق الخناق على أرواحنا و يضربنا في مقتل ، أن ماجرى في ميدان المنارة ليلة أمس يفرض نفسه علينا قبل غيرنا كفتحاويين و وطنيين مازلنا مثل غيرنا ندفع فواتير و تبعات الإنقلاب الدموي الحمساوي على نظام الحكم و الشرعية الفلسطينية ، لقد واجهنا في الميدان الإنقلابيين و الظلاميين و تقدمت طلائع الشهادة من خيرة أبناء الحركة العظماء لتخوض غمار معركة الدفاع عن الشرعية الدستورية و التاريخية و النضالية ، ولم نكن في حينه نعلم بأن المنقلب و المنقلب عليه شركاء في المؤامرة بعد أن تقاطعت مصالحهم في تدمير القضية الوطنية و تقطيع أوصالها تمهيدا لتصفيتها من قبلهم كل بطريقته و أدواته ، للأسف و بكل مرارة تمكن حاكم المقاطعة من توظيف عناصر أجهزة الأمن الفلسطيني ليكونا الأداة لقمع أبناء شعبهم ومصادرة الحقوق العامة و انتهاك الحريات ، هؤلاء الملثمون و من يرتدون اللباس المدني أو الزي الرسمي ، سكتت عنهم الضفة الصامدة يوم هاجموا بيت النائب محمد دحلان و أطلقوا النار على سيارة سفيان أبو زايدة و منزل النائب ماجد أبو شمالة ، وهم من هاجم الفتحاويين في مخيمات بلاطة و عسكر و الأمعري و جنين و في البلدة القديمة بنابلس ، قتلوا و جرحوا و إعتقلوا و عذبوا المناضلين في زنازين الموت في أريحا و الظاهرية و بيتونيا ، هم أنفسهم بيادق التنسيق الأمني و من فتش حقائب تلاميذ المدارس بحثا عن السكاكين ، هم أنفسهم العصى الغليظة في يد حاكم المقاطعة التي ترهبكم منذ سنوات و تخشون بطشها وكنتم تبحثون عن الأعذار و المبررات لمواجهة الحقيقة المرة إلى أن صفعت الجميع بعنجهيتها و صلفها ، و لتعلموا أن الدكتاتور و أحكامه الفاشية و أدواته القمعية لن تترككم إذا ما تعايشتم معها أو هربتم للصمت و السكوت وعملتم بالمثل القائل " حط راسك بين الرؤوس " لم تسلم رؤوسكم حاضرا ولن تسلم مستقبلا ، لأن أجهزة أمن الحاكم سوف تفتش في نواياكم و عقولكم و قلوبكم ،، في دفاتركم و غرف نومكم و فضاءاتكم الإفتراضية لانها تعتبركم الخطر النائم و الداهم إذا ما أفاق من غفوته التي طالت .

لم نكن نتوقع أن يلجأ الفاشيون في رام الله للفعل الإجرامي الذي نقلته كل وسائل الإعلام القديم و الجديد على الهواء مباشرة في ذكرى الإنقلاب الدموي الأسود ، خصوصا وأن التظاهرة الشعبية في ميدان المنارة كانت تضامنية مع غزة المنكوبة بالإجراءات العقابية و الإنتقامية التي فرضها حاكم المقاطعة و أغلقت كل سبل الحياة في وجه مليوني مواطن غزي تحت شعارات كاذبة ليست بحاجة لمن يكشف عوارها و مستوى الضلال و التضليل الذي وصلت إليه ،،، و لكنه فعلها وهو دائما يفعل كل ماهو غير متوقع ،،،غير أن ما جرى يجب ألا ينسينا بأن الإنقلاب الحزيراني الحمساوي المشؤوم هو أساس كل بلاء أصاب القضية الوطنية ، بعد أن أعطى حركة حماس السلطة المطلقة في تدمير قطاع غزة و منح حاكم المقاطعة فرصة الإستفراد بالقرار الوطني و و ترسيخ أقدام سلطته الفاشية في الضفة الغربية ومصادرة أمال شعبه في الحرية و الإستقلال ، ولابد من التأكيد بأن الإنتهاكات و الجرائم التي يقترفها حاكم المقاطعة لا يمكن أن تشكل صك براءة لحماس و مليشياتها و أركان حكمها المطلق الذي لا يقل فاشية عن نظيره في رام الله ، ولايمسح ماضيها القريب أو البعيد من قتل و حرق و قمع و إرهاب طال ألاف الضحايا من أبناء شعبنا ، ولن تغفر لهم بعض الشعارات التكتيكية ما إرتكبوه من جرائم تمثل وصمة عارلا تنسى في تاريخهم .

في هذه الذكرى الأليمة و السوداء نستحضر الشهداء العظام الذين سقطوا في مواجهة الإنقلاب الأسود كل الشهداء الأكرمين و منهم جمال أبو الجديان و سميح المدهون و إياد عاشور و منذر كلاب و نصر أبو شاور و سامي عواد و أبو عوض إسليم وقائمة طويلة من المدافعين عن الشرعية السياسية الفلسطينية ، في الوقت الذي تقطع فيه سلطة المقاطعة رواتب ذوي الشهداء و الأسرى و الجرحى ، و تسطو على لقمة عيش المواطن الغلبان بأبشع صور التمييز العنصري وغياب الحس الإنساني و الأخلاقي ، ولكن شعب الجبارين قطعا لن ينسى تلك التضحيات الجليلة و يكتب أسماءكم في سجل التاريخ بحروف من نور و نار ، و يحفظ وصاياكم و يحمل أمانة الوفاء جيل بعد جيل ، ولن يضيع حق وراءه مطالب .

حقا إن شعبنا واقع بين فكي كماشة ( حماس و عباس ) ، الطرفان يمارسان القمع و الإرهاب ولدى كل منهما عصاته الأمنية الغليظة التي يستخدمها و يوظفها للحفاظ على سلطته غير الشرعية ، ومن يمنع إحياء ذكرى القائد و الرمز سميح المدهون بالقوة في غزة يا حماس اليوم لا يقل خسة ونذالة عن الذي يمنع المطالبة برفع العقوبات الإنتقامية المفروضة ضد غزة في رام الله أمس ، لكن الأسوأ من ذلك أنهما يمارسان جرائمهما تحت شعار المصلحة الوطنية ، و كأن هذه المصلحة تتحقق في القضاء على الشعب الفلسطيني و قضيته المقدسة ، ليقبض كل طرف حصته غير المقدسة في هذه القسمة المدنسة بالخزي و العار خاصة إذا ما إستحضرنا حجم المؤامرة الكبرى و الأخطر على مستقبل القضية الوطنية و في مقدمتها ما يسمى " صفقة القرن " التي بدأ فعليا تنفيذها على الأرض و فرضها كأمر واقع ، وفيما يتقاتل الطرفان على السلطة و مغانمها تضيع القضية الوطنية و تتلقى الضربات القاتلة على يد العدو المركزي و هو الإحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي سافر و حالة ردة عربية لا تخفى على أحد ، بل الأسوأ من ذلك ينغمس الطرفان في توافقات التنسيق الأمني و التهدئة مقابل تهدئة التي تعني بالنتيجة تنسيق أمني بواسطة طرف ثالث لجماية أركان السلطة البائسة في غزة ورام الله ، و يرفضان بإصرار مشبوه الإلتفات إلى إرادة الشعب الفلسطيني و الإنصياع لها و إن تغنيا بشعارات الوحدة و المصالحة التي فعليا أصبحت خلفنا بكل المعايير إلى أن تتغير معادلات الواقع الفاسد المفروض منهما قسرا على الساحة ، بحثا عن مكاسب و مغانم تافهة و سخيفة أمام ما تمثله القضية الفلسطينية على كل المستويات ، و قائمة التهم المعلبة جاهزة للتوزيع على كل من يختلف أو يفكر خارج الصندوق المعتم الذي صممه المستفيدون من الإنقلاب الأسود ، فإذا كانت حماس بإنقلابها الدموي إختطفت قطاع غزة و أهله لتحقيق مصالحها الحزبية ، فإن حاكم المقاطعة إنقلب على إرادة الشعب وإختطف مؤسساته القيادية و التشريعية و القضائية ... و السؤال المطروح على الشعب الفلسطيني و قواه الحية متى ينتهي الإنقلاب الأسود هنا و هناك ؟؟