أخر الأخبار
الإستنكار الفلسطيني للتعدي والسفاهة
الإستنكار الفلسطيني للتعدي والسفاهة

كان ولا يزال هائلاً، حجم الإستنكار الفلسطيني، للتعدي بأسلوب العدو، على المتظاهرين في الضفة، وما رافقه وتبعه من سفاهة طالت أخواتنا النبيلات، على النحو الذي يمس المرأة الفلسطينية في مشارق الأرض ومغاربها. إن هذه الغلاظة السفيهة، هي التعبيرات عن الحال التي عارضناها منذ طورها الجنيني، عندما شممنا فيها، من موضع قريب، رائحة الرِدة ونكران حقوق الناس والاستهتار بكراماتها. ها هي ألسنة المارقين، تُفصح عن بعض الفحوى. والضالون الأغبياء، لا يعرفون أن الذين خرجوا للتظاهر في ساحة المنارة، يعبرون عن مشاعر الشعب كله، بل إن كل كلمة نابية، وُجهت لأخت أو لرجل كبير، استاذ جامعي أو ناشط سياسي، أو عضو في إطار مجتمعي محترم، أو مناضل قديم أو شاب رضع الوطنية منذ نعومة أظفاره؛ مسّت بالأذى قلوب عشرة ملايين فلسطيني في الوطن وفي الشتات، وأفقدت منظومة عباس ما تبقى لها من ماء وجهها، إن كان قد تبقت من ماء وجهها قطرة !

لم نكن، إذاً، نتجنى على هؤلاء الأوغاد، ولم يكن الدكتور الوطني الفلسطيني المحترم، الذي عمل خبيراً في منظمات الدولية، يتجنى عندما قال إننا نخضع لاحتلالين لا لاحتلال واحد، منوّها الى سلطة القهر والفساد والتواطؤ الأمني مع العدو. أما كلام هؤلاء المارقين، عن التي يسمونها المصلحة الوطنية، والنظام، والمؤامرة، والارتهان لممولين ومحرضين من الخارج؛ فهذا كله من نوع الكلام القديم، الذي كان يسمعه شعبنا بلسان رموز الخيانة، وسماسرة الأرض، الذين مروا في تاريخ فلسطين المعاصر أو منذ بدء الانتداب البريطاني على بلادنا الى اليوم.

سقط نظام عباس سقطتان. واحدة عندما أوصل الشعب الى حال الإنفجار لكي يهتف مطالباً بحقوق جزئه في غزة، والثانية عندما أسقط النقاب عن وجهه أمام الناس في الضفة، لكي يسمع الفلسطينيون جميعاً، كل ما يعبر عن كراهيته للشعب وفقدانه أدنى قدر من الإحترام له. لم يتأمل البعض مجافاة عباس للأسر التي تحق هي وبيوتها، ولأهالي الشهداء وبيوت العزاء. ولماذا يكره هذا النظام الشعب؟! الجواب ببساطة، لأن هذا الشعب، وبأدنى ما لديه من قدرة على تغيير المنكر، يقف حاجزاً صلباً أمام طي ملف القضية، لكي ينجو الفاسدون وأولادهم بما اغترفت أيديهم. وهؤلاء على قناعة، بأن القضية لن تُطوى طالما كان هناك شعب يتحلى بالكبرياء والوطنية ويتمسك بحقوقه،، مهما تجبرت إسرائيل وعربدت واتسع تأثيرها في الإقليم. فالعقدة في وجهها هي شعب فلسطين الذي تترسخ في قلوب أبنائه كل مدركات القضية. أما هؤلاء الذين قدحوا في شرف العفيفات، فنطقوا بما لم ينطق به العدو عنهن، وأهانوا الشرفاء ورواد العمل الإجتماعي؛ فهم زائلون محالون حتماً الى مزبلة التاريخ!

جاء حجم ردود الأفعال الشعبية المستنكرة هائلاً ومن شأنه أن يجعل الفاعلين في حال الرهاب والقلق النفسي. فالديكتاوريات الكبيرة الطاغية، في الدول المستقلة، تنام على وسادة القلق، كلما بطشت بالناس واحتقرت شعبها، وتظل على دأبها حتى يكنسها الشعب.  فما بالنا بدكتاتوريات القوارير التي تستأذن العدو لكي تسافر، ويحتقرها هذا العدو على الرغم من رضوخها وطواعيتها. أما المرضى النفسيون، وهم بعض الذين خلع عليهم عباس لقب اللواء، دون أن يكون واحدهم في كل حياته، قاد ثلاث عنزات في ميدان القتال؛  فإن رعبهم أكبر، لذا تراهم لفرط ذعرهم يلهجون كالمجانين، وعندما يخاطبون العدو، يموءون كالقطط. لكن هذا المشهد الكاريكاتوري العام، لن يُعمّر طويلاً، فمن طبائع سخريات القدر، أنها عابرة، تطرأ ثم سرعان ما يُسدل عنها الستار. مشكلة عباس ومن يطيعونه، أصبحت مع الشعب، وقد ينتدب المأزومون معتوهاً، لكي يتفوه بما معناه إن المشكلة مع دحلان، ثم يسب الناس. ولأنه معتوه، فإنه لا يعلم أنه يزيد احتقار الناس له دون أن يدري. فلو تذكر أنه في حال التمكين للشعب، لن يجرؤ على ترشيح نفسه لأية انتخابات، بحكم معرفته للنتيجة، لحاول أن يعتذر للشعب أو أن يسترضيه بالخديعة، لا سيما وهو يسمع ويرى بأم عينه، أن الناس لا ترى فيه إلا بلاءً رديفاً لبلاء الاحتلال نفسه !