لا يمكن إغفال تلك الدلالة التي دفعت بلاعب سياسي مهم من وزن طاهر المصري في الأردن ليكون المتحدث الأبرز والأول في حفل تأبين المناضل الراحل حاكم الفايز أحد أبرز رموز العشائر الأردنية التي تمتعت بسجل نضالي وحضور في الخارطة القومية.
الراحل لم يكن شخصية تمثل عشيرته المهمة ‘بني صخر’ فقط، ولم يكن لا أردنيا ولا فلسطينيا بالمعنى الضيق ومن خطط لاستضافة المصري في حفل التأبين يحاول على نحو أو آخر التجاوب مع النغمة المتعالية في المجتمع الأردني هذه الأيام بعنوان ‘لا تناقض بين الهويتين الأردنية والفلسطينية’.
قيادات عشائرية ووطنية أردنية متعددة من خارج الصف الرسمي زارت المصري أو أقامت له الولائم العامة في مختلف محافظات الأردن بعد إبعاده المثير عن رئاسة مجلس الأعيان بإعتباره أحد الرموز البارزة التي تعكس حقيقة الوحدة الوطنية في المجتمع الأردني. عضو البرلمان الأسبق مازن القاضي فعل ذلك وقال أن المصري رغم ابتعاده عن الموقع الرسمي سيبقى من الشخصيات التي يجمع عليها ويقدرها الجميع.
يمكن ببساطة ملاحظة النشاط الحراكي الذي تشهده الساحة الأردنية بحثا عن طريقة أو آلية أو وصفة لمواجهة ما يسمى بخطة مشروع كيري التي يشعر بها الجميع دون أن يراها موثقة أو مكتوبة حسب عضو البرلمان محمد ظهراوي الذي يتفق مع القاضي على أن مشروع التسوية الذي يحمل اسم كيري خطر على الشعبين الأردني والفلسطيني والتصدي له هو مهمة كل الوطنيين الأردنيين.
رسالة الوحدة الوطنية في السياق تحاول هذه المرة الرد على آراء إنقسامية ظهرت على لسان رئيس الديوان الملكي الأسبق رياض أبو كركي عندما وصف الدستور والوحدة الوطنية بأنهما ‘حكي فاضي’.
لأول مرة يلاحظ ظهراوي أن الرسالة هنا ليست موجهة للموتورين أو الإنقساميين داخل المجتمع الأردني بقدر ما تستهدف أي جهات تخطط لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية دون أدنى حقوق وطنية.
لكن بالمقابل يشعر كثيرون بأن ‘مجموعة’ في طبقة الحكم تظهر اهتماما بالعبث بكل الملفات الداخلية لأغراض تمرير موجة كيري الغامضة التي ستكشف كما قال على إحدى المحطات الفضائية المحلل الإستراتيجي الدكتور عامر سبايلة أن الأردنيين’موحدين’ تماما ليس في مواجهة العبث فقط ولكن في مواجهة الإستحقاقات الخطرة التي سيحاول كيري طرحها.
لذلك اختار عضو البرلمان النشط محمد هديب إلقاء خطاب خاص بمناقشات الموازنة المالية للدولة عنوانه العريض’لا تناقض بين الهويتين الأردنية والفلسطينية’.
في الخطاب يتحدث هديب بإسهاب عن استهداف النخب ‘السيئة’ التي تحتكر السلطة مرحليا لنخبة من الوطنيين الأردنيين الإيجابيين المبدعين في كل الإتجاهات مستعرضا كممثل للوسط الفلسطيني في البرلمان مظاهر ‘الإقصاء’ التي يتعرض لها وطنيون أردنيون وليس أردنيين من أصل فلسطيني فقط.
شروح هديب تتضمن التركيز على أن الفاسد والسلبي والحريص على مصلحته وتتاح له السلطة والوظيفة العامة لا أصل ولا منبت له معتبرا أن بيئة ‘إقصائية’ يمارسها من يحتكر المشهد والواجهة باسم الإدارة والدولة وهي البيئة الأنسب لتمرير مشاريع غامضة وخطيرة من طراز تلك التي يحملها كيري.
من هنا يتزايد شعور جميع الأردنيين بالخطر كما يسجل الناشط السياسي محمد الحديد الذي يشير لنفس البيئة المنتجة للإحباط في مواجهة إستحقاقات مفصلية ينبغي أن يواجهها الأردنيون معا.
ومن هنا نظمت إجتماعات في أكثر من مستوى ومنبر جمع كل المكونات حيث استضافت شخصيات أخوانية لقاء تشاوريا إنتهى بالتوصية بانعقاد مؤتمر وطني أردني- فلسطيني للتصدي لخطة كيري وهو جهد ستسعى حركة زمزم المنبثقة عن الأخوان المسلمين لمبادرة تشبهه فيما توسعت الإتصالات والمشاورات الشبابية وحتى العشائرية على الخط والإتجاه نفسيهما.