أخر الأخبار
“حل المليشيات” طلب عباسي شاذ وطنيا ً!
“حل المليشيات” طلب عباسي شاذ وطنيا ً!

لم ينتظر رئيس سلطة "حكم المقاطعة المحدود" محمود عباس إنتهاء أعمال "مجلس قاصر وطنيا"، لكشف كل ما يبحث عنه لإستكمال عملية "التدمير المنظم" للمؤسسة الرسمية، وكسر عقدة "الإنقسام المستعصية"..
خطاب عباس 15 إغسطس 2018، علامة فارقة من حيث فقدانه كل أسس "التوازن السياسي"، بعد أن أعلن  "شرطا بلا أمل" التحقيق أسماه محمود عباس بـ"حل المليشيات" في قطاع غزة، مشددا شروطه لتحقيق مصالحة  بإعجاز فريد..
الشرط العباسي لا ينهي مسار المصالحة الذي تأمل مصر الوصول اليه، بل يردم كل ما سبق التوقيع عليه، فهو يبحث الآن، عن حل "الأجنحة العسكرية" للفصائل، بما فيها كتائب القسام وهي الجيش الوطني لحركة حماس و"سرايا القدس" القوة العسكرية للجهاد، والتي تمثل قوة مسلحة عتيدة، الى جانب أجنحة الفصائل كافة..
علها المرة الأولى التي يعلن عباس عن مثل هذا "الشرط التعجيزي"، والذي يدرك وكل تياره "المتهالك"، ان ذلك ليس وهما فحسب، بل هو شرط لا مكان له أبدا، حلم عاجز، شرط يؤسس لتشييع مسار إنهاء الإنقسام..
المفارقة التي لم يدركها عباس، ربما بحكم السن والغياب الطويل عن قطاع غزة، أن تلك "المليشيات" مع القوة الشعبية في القطاع هي التي أجبرت دولة الكيان، وجهاز أمنها (شريك عباس في غرفة التنسيق الأمني) على البحث عن توقيع إتفاق "التهدئة"، وبدون تلك القوى العسكرية لأصبح القطاع أكثر "إغتصابا أمنيا" وإهانة كرامة وطنية" لما يحدث في الضفة مدنا وأهلا..
"المليشيات" تلك هي القوة العسكرية الرئيسية في قطاع غزة، ولن يقف كثيرا الإنسان عن تسمية عباس لمن قاتل المحتل، لكن السؤال الأهم في الطلب العباسي الجديد، كيف له وهو من لا يملك قوة لفرض أمن في بلدة فلسطينية في الضفة، دون موافقة الأمن الإسرائيلي، على تنفيذ "حل مليشيات"، وكيف له أن يفرض أمنا في القطاع وتلك الأسلحة قد تجد طريقها الى جهات تتحول الى هياكل عسكرية متطرفة.
كيف لعباس أن يفرض "حل المليشيات" دون توفر قوة عسكرية تكون أضعافا لقوة تلك "المليشيات"، التي لديها من الأسلحة ما يفوق أضعافا مضاعفة لسلاح أجهزته في الضفة، فما بالنا وهو لا يملك في القطاع منها شيئا..
هل الفكرة العباسية الجديدة تستدعي "قوات خارجية" لتنفيذ حل المليشيات، وهي من سيتولى مسوؤلية الأمن والنظام العالم في القطاع الى حين تشكيل "جهاز أمني فلسطيني قادر"، وهل ستكون تلك القوة "غير الفلسطينية" مسؤولة عن ضمان إتفاق "التهدئة" في حال تم توقيعه بمشاركة فصيل عباس..وما هي جنسية تلك "القوة المستوردة"، هل ستكون مصرية وأشك كليا قبول مصر بهذا الطلب، كما لن تقبل أي دولة عربية الإستجابة للطلب العباسي، ويبقى البحث عن تشكيل "قوة متعدد الجنسيات" عمادها أمريكي لتصبح القوة الأمنية "الإنتقالية" في قطاع غزة..
خطاب عباس، ليس شاذا بالمعني السياسي فحسب، بل خطاب فقد القدرة على "التركيز" ليس في "الشرط المليشيوي"، بل عندما اشار الى أنه سيمنع بناء الإستيطان في القدس، وهو الذي يسير يوميا على نغمة النشاط الإستيطاني التهويدي، ويمنع بكل قوة أي فعل مقاوم مهما كان شكله يغضب سلطة المنسق الاحتلالي (صاحب السلطة الفعلي) في الضفة..
عباس في خطابه لم يتناول أي قضية جادة وحقيقية وسبل علاجها، بل أنه عاش في حالة إنكار لمواجهة المعضلة الرئيسية التي برزت من خلال مقاطعة القوى الرئيسية لنشاطات مجلسه الخاص، وبدلا من تقديم "رؤية للشعب الفلسطيني" والعالم عما سيكون في المستقبل، ورسم خطة عمل للتغلب على "العقد الحقيقة" التي تمس المشروع الوطني، من التهويد الى الإنقسام - الإنفصال، مرورا بحصار القطاع الى فك الإرتباط بكل أشماله مع دولة الكيان.
خطاب تجاهل كليا شرح أسباب عدم تنفيذ قرارات المؤسسة الرسمية التي أقرتها منذ عام 2015 وحتى تاريخه، ليس لأنه لا يملك "جوابا فحسب"، بل لأنه لا يقيم وزنا لها ويعتبرها "ديكورا سياسيا" لا قيمة لها.. وسيقبل أيضا على صياغة جديدة في بيان جديد بأن يقال وافق المجلس على بحث "آليات الإنتقال من السلطة الى الدولة وآلية سحب الإعتراف المتبادل"..ما يؤكد الراهن ويقود الى تيه جديد..
عباس يعلم تماما، أن أي خطوة حقيقية تغضب حكومة نتنياهو تساوي فتح كل ملفاته الخاصة السياسية والإقتصادية والأمنية ( وفيها الكثير جدا)..ولذا لن يكون هناك أي قرار تنفيذي يمس  العلاقة مع دولة الكيان والتنسيق الأمني والإرتباط معها، وسيبقى الإعتراف المتبادل كما بقية القرارات جزءا تائها بين قرارات المجالس المتعاقبة الى حين بروز رئيس جديد وقيادة جديدة تعمل لمصلحة الشعب وقضيته الوطنية..
خطاب عباس كان له أن يكون نقطة تحول نوعية، لو أن تقدم برؤية وطنية شاملة حول كل أسس العقد القائمة، ومنها إعلان الإنهاء الفوري عن كل خطوات حصار غزة من طرف سلطته، ووقف الإجراءات "غير المسبوقة" التي فرضها منذ أبريل 2017..
كان له أن يصبح "عنوانا" لو أنه تقدم برؤية جادة لتنظيم عمل "الأجنحة العسكرية" كجزء من "حل إنتقالي" لوجودها بجانب القوات الأمنية الرسمية"..
كان له أن يصبح "عنوانا" لو تصرف كقائد وطني، وتعامل مع الكل السياسي كجزء من المشهد العام، وليس كمسؤول فئوي محدود القدرة والمسؤولية..
عباس بخطابه ومجلسه رسم مسارا "إنفصاليا جديدا" للمشهد الفلسطيني العام..في إنتظار جيد وطني!
ملاحظة: عزام الأحمد قال بصوته وبدون أي تزوير أن "التهدئة خيانة"..طيب يا عبقري "الزمن العباسي" ليش إنت مش غيرك مصر توقع على هيك إتفاق..معقول بدك تصير "بطل الخيانة"..شو هالحقد على غزة اللي أفقدكم وعيكم!
تنويه خاص: غمز البعض من سبب عصبية عباس وحكيه اللي مش متماسك مع حاله..شكله تصريح البيت الأبيض قبل يومين بأن التهدئة ستكون به أو بدونه رسالة فهم عباس منها شي ما فهمه غيره..باي حودة!