كان يجب أن يضع المتحمسون لإستثناء «مقاومة الإحتلال» من تهمة الإرهاب ،بالنسبة للقانون المعدل لقانون محكمة أمن الدولة المتداول بين جناحي مجلس الأمة الأعيان والنواب، في إعتبارهم ،مع كل التقدير والإحترام لكل مراميهم ونواياهم، أنَّ المنطقة غدت تزدحم بالمنظمات الإرهابية التي ترتكب جرائمها ضد الأبرياء بإسم الدفاع عن فلسطين وبحجة ضرب وتصفية المتعاونين مع العدو الصهيوني ولعل ما يعرفه هؤلاء الأعزاء أن حدودنا الشمالية بقيت تتعرض لمحاولات إختراق حزب الله ومحاولات إختراق «القاعدة» بإسم الوصول إلى القدس المحتلة وتحريرها من الإحتلال الإسرائيلي.
الآن تتعرض مصر ويومياً وفي كل ساعة لعمليات إرهابية إجرامية فعلاً ومدمرة والمؤكد أنَّ هؤلاء الأعزاء إنْ في مجلس النواب الكريم وإنْ خارجه يعرفون أن التنظيم الذي يقوم بكل هذه الإغتيالات ويرتكب كل هذه الجرائم البشعة يطلق علي نفسه إسم :»أنصار بيت المقدس» وهو غير معروف عنه أنه قام ولو بإطلاق رصاصة واحدة لا في إتجاه فلسطين ولا من أجل المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وأنه إرتدى هذه العباءة المقدسة للتغرير بعباده الصالحين وبالشعب المصري كله وبالعرب والعجم وإظهار أن هذه الدماء الزكية التي يريقها هي مقاومةٌ وجهادٌ في سبيل الله بينما هي مجرد صراعات سياسية حزبية هدفها الحكم وليس لها أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالوطن السليب العزيز والحبيب.
إنَّ المشكلة التي لا شك أن الأخوة الأعزاء ذوي الدوافع الصادقة والنبيلة يعرفونها هي كم أنَّ تحرير فلسطين قد إستُخدِم وأكثر من اللزوم في صراع الجنرالات العرب والأحزاب العربية على السلطة وكيف أن كل بلاغات الإنقلابات العسكرية التي عرفتها المنطقة وأولها إنقلاب حسني الزعيم في سوريا عام 1949 كان أول سطر فيها يَعِد بتحرير الوطن السليب وإرجاع الشعب الفلسطيني وكل هذا مع أن الأشقاء اللاجئين الفلسطينيين لم يحافظوا على عاداتهم وتقاليدهم وروابطهم الإجتماعية إلاَّ في هذا البلد الذي لم يعرف الإنقلابات العسكرية والشكر والحمد لله وأنهم لم يعرفوا الإستقرار النفسي ولم يشاركوا إخوانهم المضيفين وفي كل شيء مشاركة الأخ لأخيه إلاَّ في المملكة الأردنية الهاشمية.
إنَّ ما نخافه ونخشاه هو أن يشكل هذا النص ،الذي يتمسك به بعض أعضاء مجلس النواب الكرام وبدوافع قومية ووطنية حقيقية وفعلية يشكرون عليها، غطاءً لأجيالٍ جديدة من الذين طالما إستخدموا هذه القضية المقدسة فعلاً لمصالح حزبية ولأهداف مشبوهة ولدوافع غير شريفة ولا نظيفة بل هي شريرة وأيضاً إنْ ضد هذا البلد وأهله ومقدراته وإن ضد أشقائنا في السلطة الوطنية ،التي من المفترض أنْ تصبح وقريباً دولة مستقلة بإذن الله، وضد منظمة التحرير إذْ أنَّ هناك أنظمة ومجموعات وجماعات في هذه المنطقة قد دأبت على إرتداء عباءة فلسطين الشريفة من أجل تصفية حسابات إمَّا شخصية أو سياسية أو قبلية وعائلية.
ماذا من الممكن أن يفعله الأردن إنْ هو ضبط وفي أي وقت من الأوقات بعد هذا «التعديل» مجموعات من «داعش» أو من «النصرة» أو من «القاعدة» أو من «حزب الله» أو من «فيلق القدس» أو من «فيلق أبو الفضل العباس» أو من «عصائب الحق» أو من «ذو الفقار» أو من أي تنظيم يدعي أنه فلسطيني وهو بالأساس صناعة مخابراتية عربية أو إيرانية للتخريب ومن أجل التخريب.. ماذا يفعل الأردن إن ضبط مجموعات من أيٍّ من هذه التنظيمات وهي تُخزِّن متفجرات في مدرسة أو في مستشفى أو في أسواق تجارية بحجة أنها في الطريق إلى فلسطين وأنها لتحرير القدس الشريف وبحجة أن القوانين الأردنية تحميها من أي عقوبات لأنها «مقاومة» ولأن هدفها هو تحريرالوطن السليب..؟!!
ثم وإن المؤكد أن هؤلاء الزملاء الأكارم ،الذين لهم كل الإحترام والتقدير، يعرفون أنه لا يحق لنا أن «نشرِّع» للأشقاء الفلسطينيين وللسلطة الوطنية ولمنظمة التحرير وللدولة الفلسطينية المستقلة التي من المفترض أن تقوم قريباً بإذن الله.. وأن نفتح حدودنا معهم ،تحت غطاء هذا الذي يطالبون به، لكل من هب ودب بحجة أن هؤلاء مقاومة وأن القوانين الأردنية النافذة توفر لهم الحماية التي يريدونها طالما أنهم يدعون أنهم مقاومة مع أنهم قد يكونون من «داعش» أومن «القاعدة» وأنهم في الحقيقة ذاهبون إلى فلسطين بمهمة إغتيال بعض الرموز القيادية الفلسطينية وليس بمهمة تحرير القدس وضرب «العدو الصهيوني».