استنهاض الإرادة الوطنيــــــة
حمزة ديب: باحث في الشأن الإستراتيجي
غزة ـ الكاشف نيوز: إن استحضار المعطيات منذ مجيئ ترامب ، والوعود التي قدمها، وما رُوج من مشاريع تحت عنوان "صفقة القــــرن"، اعتبرها كثيرونبديل لمشروع أوباما الشرق "الأوسط الكبير" ذاك الخريف العاصف الذي أصَّــلَ لأزمات لا تخمد في علاقة الدولة الداخلية بقوى المجتمع المختلفة،وعلاقات الدول بين بعضها.
في الحقيقة أن وعود ترامب للعربلم تكن سوى فقاعةسامة مخُــدرة،هدفت لإحداثشلل في المواقف لتمرير مشروع"صفقة القرن"،ويؤكد ذلك هشاشة الموقف العربي تجاه قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، وتماهي البعض مع إجراءات منع وتضييق دعم "الأونروا" وتحويل مخصصها لتمويل مشاريع استيطانية في القدس، والتشكيك بحق العودةواعداد اللاجئين...،وضمن هذا السياق فإن ما يُروّج من مشاريع وأفكار عبر الوسطاء حول دويلة غــــزةوالحلول الإنسانية والإقتصادية، يتطلب الاكتناز العقلاني للمعلومات المطروحة وتحليلها ضمن سياق المشهد الكلي- في ظل بيئة فوضوية معقدة -بوصف مايُعرض من حلول مجتزأة لا ينفصل عن القرارات والإجراءات التي تستهدف تبديد الحلم الفلسطيني في إقامة الدولة من قِبل التحالف الصهيوأمريكي.
إتساقاً بما يدور الآن وأمام مشهد البضاعة الفاسدة والمشاريع الخَـــــرِبة (صفعة القرن)،كيف لنـــــا دفع الضرر والدفاع عن حقوقنا، ونحن نواجه تحديات ومصاعب تتعلق بضعف الجبهة الوطنية وتفتتها على نحو غير مسبوق، ولا نتجنى على أحد حين نقول أنالساحة الفلسطينية تعج ((بالقادة السياسيين)) وتكاد تخلو من ((القادة الوطنيين)) وشتان بين الصنفين، وما يؤكد صدق توصيفنا حولصنف السياسيين: عدم قدرتهم على الخروج من الحالة المأساوية الراهنة وفشل كافة الجهود والدعوات التي تنادي بضرورة رأب الصدع الفلسطيني.
بلا شك إن الشعب الفلسطيني يواجه أزمةمستعصية، أدخلته في أطوار مجهولة الملامح بسبب حالة الإنقسام التي أحدثت شرخاً في جدار الجبهة الوطنية، إن المأزق الراهن يستدعي منا تبني رؤية جامعة، تسبر غور المُشكِل،وتعـم الشكل والمضمون، لنُغيـــر الواقع السياسي والمجتمعي من حالة التأزم والإنسداد إلى حالة النهوضواستجماع الإرادة الوطنية، بما يعزز إعادة صياغة الفعل الوطني وإعادة الروح الكفاحية للجسد الفلسطيني المتآكل،وتتلخص تلك الرؤيةفي الوصفة التالية:
1) تأخذ النخب الوطنية وأصحاب الرأي والفكر على عاتقها تشكيل "الجماعة الوطنية"من كافة أطياف الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، كحركة وطنية عامة غير حزبيةتأخذ بزمام المبادرةفي سبيل الخلاص والخروج من المأزق الراهن،على أن يتم تشكيلها وفق مبادئ وأحكام واهداف واضحة ومحددة.
2) لا يمكن تجاوز المعضلة الكبرى، إلابتعظيم الضغط الشعبي إلى أقصى حد ممكن، لإنهاء الإنقساموإزالة آثاره المدمرة ،مع وجوب تشكيل رأي عام رافض لمنهج المحاصصة في أي تفاهمات حول المصالحة.
3) ترسيخ مبدأ وطني "مصلحة الشعبوالوطن الفلسطينيأولى الأولويات"، وأن العلاقة مع الغير على المستوى الإقليمي والدولي قائمة على الإحترام المتبادل وليس التبعية، ولا يجوز لكائن من كان تمرير مشاريع في إطار صفقات وتحالفات إقليمية على حساب الحق الفلسطيني، وهذا يتطلب محددات وضوابط تكفل استقلال القرار الوطني.
4) ينبغي صياغة وثيقة شرف وطني تتضمن أسس ومبادئ وأحكام تضمن ضبط بوصلة الفعل الوطني باتجاه تحقيق الغايات الوطنية.
5) وجوب إعادة تنظيم موارد الدعم والتمويل الخارجي وفق صيغة وطنية، تكفل درء الضرر الناجم عن صفقات التمويل الخارجي التي أفسدت الأحزاب والقادة والأشخاص، والشواهد التاريخية والحاضرة تؤكد أن الدعم الخارجي منفـــذ فساد القرار الوطني.
6) إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير برؤية هيكلية جديدة على أصول وطنية عامة بعيداً عن المحاصصة بين الأحزاب، وتطويرها ضمن صيغ ديمقراطية تكفل إنتاج قيادة وطنية متجددة تحظى بالرضا والقبول العام.
7) بلورة رؤية وطنية متجددة، تنبثق من خلالها استراتيجيات كفاحية ونضالية تمكننا من مجابهة المخاطر والتحديات، في سبيل تحقيق الحلم الفلسطيني.
8) التوافق بالحد الادنى على "دستور الدولة الفلسطينية" ، من خلال استفتاء عـــام، وإنشاء محكمة دستورية للاحتكام إليها كلما اقتضى الأمــــر.
9) تشكيل نواة الجيش الوطني كقوة خشنة مساندة لقوانا الناعمة في سبيل تحصيل حقوقنا والدفاع عنها.
10) طرح كافة المشاريع والاتفاقيات السياسية على مائدة الاستفتاء الوطني العام، وتجريم كافة المشاريع الخارجة عن الإجماع الوطني بموجب الدستور.
11) إعادة صياغة العلاقة بين الحاكم والمحكوم " العقد الإجتماعي" وفق أصول دستورية وقانونية، تلزم الحكومة الفلسطينية القيام بواجبها تجاه الشعب الفلسطيني على النحو الأمثل،وهذا من شأنه أن يضع حداً لسياسة التنصل من المسؤوليات تحت ذرائع وحجج واهية.