عمان - الكاشف نيوز : كشف مصدر مطلع عن أن مؤسسة المواصفات والمقاييس "تفاجأت" بقرار حكومي يتضمن تشكيل وفد رسمي لزيارة ألمانيا لمتابعة قضية ربع مليون اسطوانة غاز، كانت الفحوصات الفنية للمؤسسة "أثبتت أنها غير مطابقة للمواصفات".
وأكد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن مؤسسة المواصفات "تتعرض لضغوط متتالية منذ أشهر لتمرير شحنة اسطوانات غاز غير سليمة، من خلال التشكيك بنتائج ثلاثة فحوصات مخبرية أجرتها المؤسسة على الشحنة".
وبحسب التفاصيل، أوضح المصدر أن قصة هذه الشحنة "بدأت في شهر آب (أغسطس) الماضي، عندما استوردت شركة مصفاة البترول شحنة اسطوانات غاز منزلي، حيث تم اخضاعها لاختبارات المؤسسة لضمان مطابقتها للمواصفات العالمية والمحلية الآمنة".
وبين المصدر، أن الفحص الأول للعينة أجري في نفس شهر وصول الشحنة، حيث اخذت المؤسسة عينة مكونة من 4 اسطوانات، لفحصها وفق الاجراءات المعتمدة، لتظهر النتائج وقتها "أن نصف العينة غير مطابق للمواصفات".
وأشار إلى أنه وبحسب الاجراءات المتبعة تم التحفظ على الشحنة بضمان عدم التصرف فيها، لكن "المواصفات"، ومن باب مساعدة "المصفاة"، حتى لا تتكبد كلف الأرضيات، "سمحت بتخزين الشحنة بمخازن المصفاة، شريطة عدم التصرف فيها". وتابع المصدر أن الأمر لم يتوقف عند الفحص الأول، إذ قامت مؤسسة المواصفات بـ"إجراء فحص ثان بالترتيب مع المستورد، بحسب التعليمات المعمول بها، والتي تنص على إجراء فحص محلي جديد لكن موسع هذه المرة، او اللجوء الى جهات خارجية معترف فيها لإجراء الفحص".
وبين أن المستورد "اتفق مع المؤسسة على إجراء فحص ثان موسع، وبالفعل اخذت عينة من 13 أسطوانة، وخضعت مجددا لفحوصات جديدة، لكن النتيجة لم تكن أفضل من سابقتها، إذ أظهرت النتائج أن 12 اسطوانة من اصل 13 غير مطابقة للمواصفات".
خطوات مؤسسة المواصفات لم تتوقف عن هذا الحد، بل قامت مجددا بأخذ عينة مكونة من 8 اسطوانات، وارسلت 4 منها الى بريطانيا، حيث تم فحصها في مختبر (ibb)، ومثلها أيضا لألمانيا لتفحص في مختبر (tof).
"النتائج لم تتغير"، وفق المصدر الذي أكد أن النتائج "أظهرت بأن نصف العينة لدى كلا المختبرين كان ساقطا فنيا، ولم تلتزم بالمواصفات الآمنة ما يجعلها خطرا على المجتمع".
شهدت هذه "القضية المتحركة" سلسلة اجتماعات، وفق المصدر الذي بين أن في أحد تلك الاجتماعات، والذي شارك فيه وزير الصناعة والتجارة حاتم الحلواني
وأمين عام وزارة الطاقة والثروة المعدنية ومدير عام المصفاة وأعضاء من مجلس إدارة المصفاة، حضره خبير من الأطراف السابقة، بصفته خبيرا لدى مختبر (tof) الألماني، بحجة أن لديه وجهة نظر تغاير نتائج الفحوصات.
وقال المصدر إنه في نفس الاجتماع تمت مواجهة الخبير بالنتائج التي توصل له مختبره، ما دفعه للقول بعد قراءة التقرير "إنه لم يفحص العينات، وانه اعتمد تقييم الشركة الهندية المنتجة للاسطوانات".
بعد صدور نتائج الفحصين المحليين والخارجي، قررت مؤسسة المواصفات في
22 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، إعادة تصدير الشحنة كاملة لـ"عدم مطابقتها للموصفات، وفق المصدر نفسه الذي اكد "أن المستورد لم يستسلم للقرار، إذ سعى من خلال الاتصال بوزارتي الطاقة والصناعة الضغط على المؤسسة لإعادة النظر بالقرار".
القصة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ كشف المصدر عن أن شركة مصفاة البترول "وجهت نيابة عن الحكومة مؤخرا دعوات لعدة جهات معنية للتوجه إلى المانيا لزياردة مختبر (tof) لمتابعة فحص عينات من الشحنة".
فقد وجهت الدعوات لمدير عام مؤسسة المواصفات او من ينوب عنه، لكنه اعتذر عن المشاركة، ورئيس لجنة الطاقة النيابية النائب جمال قمو وهو الآخر اعتذر، فيما تم الطلب من النائب رائد الخلايلة مرافقة الوفد، اضافة الى عميد كلية هندسة في إحدى الجامعات.
ردا على ذلك، قال مدير عام "المواصفات" الدكتور حيدر الزبن إن هذا الاجراء "يخالف آلية عمل المؤسسة التي تتضمن أخذ عينات أولية من الاسطوانات المستوردة ثم عينات موسعة من نفس الشحنة". واعتبر أن هذا الإجراء "يشكك في مصداقية عمل المؤسسة"، مشيراً إلى أن "تمريره سيفتح المجال أمام مستوردين وتجار لاتخاذ نفس الإجراء في حال رفض بضائع مخالفة يستوردونها".
وبين الزبن "أنه رد برفضه لهذا الاجراء عبر كتاب وجهه لمصفاة البترول"، مؤكدا ان العينات التي تم اختيارها للفحص "كانت محجوزة منذ عدة اشهر، حيث جرى رفض شحنة الاسطوانات التي كانت ضمنها".
وقال العلاوين "إن اختيار اعضاء اللجنة جاء من قبل الحكومة ممثلة بوزارة الطاقة والثروة المعدنية، وذلك لمعاينة فحص عينات عشوائية من دفعة اسطوانات الغاز المرفوضة، اختارتها لجنة اخرى تم تكليفها من قبل الوزارة".
وبين بأن اللجنة "ستقوم بحضور الفحوصات التي ستجري على مدى صلاحية هذه الاسطوانات من خلال فحوصات خاصة تجريها هيئة فحوصات المانية معتمدة دوليا، وذلك لاستخدام هذه النتائج في الرد على الشركة الهندية الموردة لدفعة هذه الاسطوانات في حال تم الحكم على عدم صلاحيتها وإرجاعها بشكل نهائي".
وحول التشكيك بمؤسسة المواصفات والمقاييس في تلك الخطوة التي تعتزم تنفيذها مصفاة البترول، رد العلاوين بالقول "ان هذا الاجراء لا يعني التشكيك بإجراءات ومهنية مؤسسة المواصفات والمقاييس وانما للحصول على شهادة من جهة عالمية حول وضع هذه الاسطوانات". وتابع أنه "في حال بينت هيئة التفتيش أن هذه الاسطوانات غير سليمة سيتم استخدام تقريرها في الرد على الجهة الموردة للاسطوانات".
وقال الرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول المهندس عبدالكريم العلاوين : إن عينة الفحص التي سترسل للهيئة الألمانية تضم 12 اسطوانة تم اختيارها من قبل اللجنة التي شكلتها "الطاقة" لهذا الغرض بشكل عشوائي لتمثل عدة دفعات وصلت إلى المملكة تباعاً.
في هذا الخصوص، قال نقيب أصحاب محطات المحروقات ومراكز التوزيع فهد الفايز "ان السوق المحلية تشهد ازمة في توافر الاسطوانات الجديدة، وان ادخال الشحنة موضع الحديث سيحل من هذه الأزمة، غير ان ادخالها على حساب السلامة العامة لا تقبله النقابة بأي شكل من الاشكال".
وذكر أن "النقابة كانت من بين الاطراف المدعوة لتكون ضمن لجنة الاشراف في المانيا، إلا انها لم تحسم أمرها بعد بالمشاركة"، مبينا ان مشاركتها ستكون مرتبطة بتوافق بين المصفاة والمؤسسة واعضاء لجنة الاشراف في جميع الاجراءات المرتبطة بهذه الزيارة.
يذكر أن "المصفاة" باعت العام 2012 نحو 238.6 ألف اسطوانة جديدة مقابل 180.3 ألف اسطوانة العام 2011 وبزيادة نسبتها 32 %.
وبلغ عدد مراكز توزيع الغاز خلال نفس العام نحو 984 مركزا إضافة إلى 5 شركات توزيع غاز مركزي، بحسب بيانات شركة مصفاة البترول. كما بلغ عدد الاسطوانات، حجم 12.5 كيلوغرام المتداولة خلال نفس العام، ما مجموعه 4.7 مليون اسطوانة.