أخر الأخبار
كلام مهم ما قدمه دحلان في لقاء بي بي سي
كلام مهم ما قدمه دحلان في لقاء بي بي سي

حديث القائد الفتحاوي محمد دحلان لفضائية بي بي سي كان علي الصعيد السياسي في غاية الأهمية إذا ما نظرنا لما إحتواه هذا اللقاء من عناصر إيجابية ترسم خارطة طريق للخروج من أزمة الشعب الفلسطيني المعقدة نتيجة إستمرار تلآحتلال والحصار وكذلك تحول النظام السياسي نحو الديكتاتورية والتصرفات الكيدية التي نشأت بعد الإنقسام وتواكب معها خراب عملية السلام التي قادها اليمين الإسرائيلي برئاسة نتنياهو وبينت وليبرمان من خلال مفاهيم لاهوتية تتعلق بشعب الله المختار وأرض إسرائيل الكبري من النيل للفرات ومساعدة الصهيونية المسيحية وتطرفها واغتنام فرصة القوة المتاحة لهم مقابل الضعف العربي والإسلامي وعلي رأسهم الفلسطينيون بفشلهم في إدارة أنفسهم وإنقسامهم الذي يغذيه الإحتلال المهيمن علي كل مناحي الحياة الفلسطينية وتوجيهها في الطريق الأضعف وبث الفرقة للإنقضاض علي قضيتهم التي توجت في هذه الأيام بالسياسة الأمريكية لإدارة ترامب والثلاثي الصهيوني المشكل لفريق ادارة الملف الفلسطيني كوشنير وجرينبلات وفرديمان وعدم إدراك القادة الفلسطينيون في الحزبين الكبيرين المنقسمين التي لا تتسم بالمسؤولية وإدراك الحالة الفلسطينية التي تواجه في ثناياها مأزق كبير في وقت تتعرض فيه القضية الفلسطينية لأشرس هجمة في التاريخ لتصفيتها بشكل واضح التفاصيل لا يستطيع أحد إنكاره.

لا أريد إعادة ما قاله دحلان في اللقاء بل سنذهب عميقا في الصورة التي وصفها دحلان بدقةلكل مفاصل تامشهد الفلسطيني والعربي والدولي حين قال بأن كثير من أحلام الفلسطينيين قد طويت أو دفنت مع ياسر عرفات، وماذا تعني هذه اللقطة التصويرية العميقة المعني السياسي حين تؤول الأحلام الفلسطينية إلي مأل كهذا وهو كلام في منتهي الدقة وقد ثبت للقاصي والداني ماذا كان يشكل ياسر عرفات من بان للأحلام ومعبر عنها وحاميها بكاريزميته ذات الجناحين الصقوري والحمائمي في نفس الوقت، وكيف كان يتصرف ياسر عرفات فيبوس الرؤوس من أجل قضية شعبنا ويقف كالصقر في مواقف تحتاج التحدي فكانت قضية قضيتنا متكاملة المحتوي والشكل والمسار في ياسر عرفات مقارنة بما نراه الآن من إدارة الصراع بقيادة خلفت عرفات وما آلت إليه من خلالها القضية وعذاب شعبنا وتهديدات تصفيتها التي لم تجد من يدير الصراع بعد ياسر عرفات ولا شك أن كل فلسطيني يشعر بهذا الشعور.

ينقلنا حديت دحلان في لقاء بي بي سي لبارقة أمل تستوجب من قائد حقيقي أن يبنيها في مشاعر وعقول شعبه عندما يقطع الشك الذي تدحرج في ذهن الفلسطينيين بأن الهجمة الأمريكية الشرسة غير مرتدة علي قضيتنا ليقين قائد شجاع ومخضرم بأن شعبنا قادر علي رفض كل الضغوط ولن ينصاع للموافقة علي أي خطوة ليست في صالحه وقادر علي أن يجعل من رفض التساوق حائطا للصد بقوة في وجه المخطط و لن تمر تلك المؤامرة ولن تجد فلسطينيا واحدا يستطيع التساوق معها وهذا تعبير سياسي عميق فمع من سيتفقوا وهذا في حد ذاته يبطل كل الألاعيب، ويرفع الروح المعنوية لشعبنا الذي حاول المتآمرون علي القضية إضعافها بالحصار والعقوبات وقطع الرواتب من جانب ومنع ووقف مساهمات المتآمرين في إعانة فقراء شعبنا عبر الأنروا وعبر مستشفيات الضفة الغربية وكل مناحي الحياة لشعب تحت الإحتلال.

القضية الأهم التي عالجها دحلان بإقتدار وتفصيص حقيقي لمعني التنسيق الأمني وعدم فائدته والذي مازال ساريا ومتصاعدا من قبل السلطة في رام الله حين قال بني التنسيق الأمني علي ثلاث أولها السياسة وقد نكثت إسرائيل ببنود إتفاق أوسلو ولم تلتزم بها ودمرت إمكانية قيام دولة فلسطينية علي الأراضي المحتلة في العام سبعة وستين بالاستيطان ومصادرة الأرض ولم يتبق شيئا من الهدف من عملية السلام بمجملها وثانيا الأقتصاد ودمرت إسرائيل كل الدورة الإقتصادية للسلطة والمجتمع الفلسطيني ومنعت التنمية ومنعت تطور إقتصاد فلسطيني ذو ملامح منهية بذلك آمكانية تحقيق هدف الفلسطنيين لدولة مستقلة وعاصمتها القدس وقد صادرت إسرائيل القدس شرقيها وغربيها وأصبحت القدس عاصمة لدولة اسرائيل بغطرسة وتآمر الولايات المتحدة وتهديداتها بكل السبل للفلسطينيين والعالم أجمع، وثالثا الإمن الذي إستمر الجانب الفلسطيني في الوفاء بتطبيقه عبر التنسيق الأمني مع إسرائيل دون ثمن سياسي أو إقتصادي كما قلنا فما كان يتحجج به المنسقون أمنيا أو ما كان من ثمن مقابل لهذا التنسيق في السياسة والإقتصاد أصبح معدوما ولا يعود بمنافع أو تطوير للوضع الفلسطيني وتم الإجحاف بها كلها ، فلماذا يجري التنسيق الأمني مجانا إلي اليوم ما أضعف الموقف الفلسطيني بمجمله في مواجهة الصفقة وعمق شرخ الصف الفلسطيني ولذلك يجب وففه فورا إذا ما أرادت سلطة رام فعلا التصدي لمؤامرة ترامب علي شعبنا وقضيتنا وهذا في عمق السياسة كما شرحها دحلان وطالب بوقفها.

كان موقف دحلان من المصالحة والوحدة الفلسطينية واضحا ومغلبا المصلحة العامة علي الخاصة حين أعاد التذكير بما صرح به زميله القائد الفتحاوي سمير المشهراوي بأنهم لعبوا دورا في اصلاح علاقة مصر مع حماس ليصلوا من خلالها لإصلاح ذات البين بين الرئيس عباس وحماس لإتمام المصالحة واستعادة الوحدة الفلسطينية وتحلت محاولاتهم بإنكار الذات حين صرحوا فليتصالح عباس وحماس ونحن لا نريد ولا نطمع في شيء من وراء ذلك العمل إلا مصلحة شعبنا برفع المعاناة عنه نتيجة الإنقسام وهم سيتوقفوا عن وساطاتهم حين يتفق الطرفان علي إنهاء الانقسام. وتشخيص الحالة بطريقة أكثر عمقا وتفصيلا وإنكار الذات وتجاوز الخلافات مع قيادة رام الله وتقديم خطوات جادة للخروج من الأزمة والتي يعملون بها دحلان ورفاقه منذ فترة في اتجاه إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية أدت لتغيير كبير في مواقف حماس لو أحسنت قيادة رام الله إلتقاطها والشروع في تشكيل حكومة وطنية للوصول للآنتخابات لفرز قيادة متصالحة مع ذاتها ومع شعبها لما تفرضه الظروف الملحة للتصدي لتصفية القضية الفلسطينية.

هذا هو ما ميز لقاء القائد النائب محمد دحلان المرتب والمبني علي حقائق المشكلة أو الأزمة بشكل منطقي يحتاج من السياسيين ومفاتيح المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية والكتاب والمثقفين والمؤثرين وصناع القرار وكل من يحس ويدرك المسؤولية عن إمكانية تصفية حقوقنا وضياع أرضنا وشعبنا وتركه للمجهول وعليهم الاستماع جيدا لصوت المسؤولية التي أطلقه دحلان وإعادة قراءة هذا اللقاء الأهم من وجهة نظري مع قناة بي بي سي البريطانية الواسعة الإنتشار علهم يفصفصونه ويتوسعون في شرحه دون تكبير أو تصغير وبالضبط ليعطي المطلوب بشكل بناء خالي من المناكفات وبشكل مسؤول وواضح هذه المرة.

لا يكفي نقل الخبر عبر مانشيتات رئيسية في المواقع وعرض وتوزيع الفيديو.. لابد أن يتصدي كتاب الرأي لنقل ما طرحه دحلان للجمهور والمسؤولين وإدخال ترجماتها العملية حيز التنفيذ وحسنا فعل الكاتب المخضرم والوزير السابق حسن عصفور حين أطلق في مقاله ترجمة عملية لكثير مما ورد في لقاء دحلان جاءت علي النحو التالي:

الطلب من الرئيس محمود عباس القدوم الى قطاع غزة، ليعلن منها قيام دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 19/ 67 لعام 2012، ومن غزة وبعد إعلانه "التاريخي" يذهب الى الأمم المتحدة ليكمل إعلانه السياسي من منبر الجمعية العامة حيث يشارك باسم فلسطين، مطالبا تنفيذ قرار دولة فلسطين بالاعتراف بها دولة كاملة العضوية، وأن دولة إسرائيل تحتل أراضي دولة فلسطين وعاصمتها القدس..

* إعلان حماس رسميا بتخليها كليا عن أي شكل سلطوي، وأنها ستسلم كل المؤسسات الحكومية الى حكومة عباس..عبر ممثليها في قطاع غزة، لتتولى إدارة الشأن العام الى حين تشكيل حكومة دولة فلسطين..

*اعلان عودة القوات الأمنية بكل أشكالها التابعة لحماس الى صفوف كتائب القسام، الى حين تشكيل "جيش فلسطين الوطني وقواتها المسلحة"..

*اعلان رسمي بإنتهاء عمل المجلس التشريعي، وإنتهاء صفات العضوية، مع الحفاظ على حق الأعضاء مؤقتا بأنهم أعضاء في برلمان فلسطين المؤقت، الذي يجب تشكيله بالتوافق الوطني..

*في حال رفضت فتح والرئيس عباس ذلك، تعلن حماس أنها ستقوم من طرف واحد بتطبيق خطوات الخروج من كل مظاهر السلطة، وكي لا يحدث "فراغ أمني - سياسي" على لجنة القوى الوطنية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة عن الوضع القائم في القطاع..

*العمل على تشكيل وفد سياسي ممثل للذهاب الى الجامعة العربية والشقيقة مصر، وتقديم مشروع لبرنامج عمل سياسي شمولي، يبدأ بتسليم القطاع الى الرئيس عباس ومن يختار، كخطوة على طريق إعلان الدولة الفلسطينية، ويمنح لذلك مهلة زمنية محددة..

*رفض عباس وفتح لأي من تلك الخطوات يتم التنادي الى عقد "مؤتمر وطني" في غزة تحت رعاية الجامعة العربية ومصر لبحث الخطوات التي تلي..

في النهاية نقول :

لقاء القائد الفتحاوي محمد دحلان مهم ويغطي مساحة الضياع والتوهان من القادة في رام الله وغزة ويعطي للفصائل وللمواطن خارطة طريق وأمل بعيدا عن تخويف المجتمع بأن هناك دولة في غزة التي نفي دحلان إمكانية نشوئها لعدم مناسبتها لمقومات الدولة لتصبح كيان منفرد، وأنه لابد من الشراكة الحقيقية في النظام السياسي من الجميع وتقديره لما قام به الشعب الفلسطيني بكل وسائل النضال من أجل التحرر من الإحتلال وانجاز الإستقلال وإشارته القوية بأن صفقة القرن بدأ تطبيقها من قبل الولايات المتحدة منذ عام وعلينا تدبر أمرنا بسرعة ودون إنقسام والوحدة هي طريق منع المخططات الهادفة لتصفية شعبا وأرضا وقضية والوقت في أزمتنا كالسيف إن لم نقطعه قطعنا.