أخر الأخبار
هل هناك مصالحة “وطنية” بين “خونة”!
هل هناك مصالحة “وطنية” بين “خونة”!

فقدت الساحة الفلسطينية كثيرا من "اخلاق" العمل السياسي، خلافا وإختلافا، قولا وفعلا، وبلا أدنى تفكير، فكلما سيطر "العجز" على المشهد الوطني العام، تغزو حركة "تبريرات" وإتهامات وإستعداءات، في محاولة لتغطية فقدان القدرة على ما حل بالواقع..

هزلية المشهد الفلسطيني، تتلخص كثيرا في كيفية تعامل الأطراف الفلسطينية عند كل محطة إيجابية أم سلبية، فتجد حركة "القبل والضحك" - أحيانا بشكل مقزز-، والتصريحات التي لا تبقي من "المودة والحرص الوطني"، تصل الى حد الإشادة بالآخر بصفات ليست منه، بل ويعلم من يقولها بأنها "كذب صاف"، لكنها تحضر بلا أدنى سيطرة، تترافق معها الإدعاء العجيب، بأن محرك ذلك هو "المصلحة العليا" للشعب الفلسطيني..

وأمام، أول مطب ما، حقيقي ام صناعي، أمام مسار أطراف المشهد، تبدأ حركة من الردح السياسي الفريد، يصل الى الدرك الأسفل سياسيا وأخلاقيا، بل ووطنيا، بكل الصفات التي لا تبقى للإنسان مكانا فيها، حتى تصل وبسلاسة عجيبة الى إتهام الآخر بـ"الخيانة الوطنية"، بل والمطالبة بمحاكمته شعبيا وقضائيا..

وفي اليوم التالي، تقرأ ما يذهب بأي "بقايا عقل"، بأن الأطراف تلك تبحث سبل المصالحة بينها، وأنها من أجل "مصلحة الشعب العليا" تذهب الى العاصمة المصرية لتدوير نقاط الخلاف، لإنهاء الإنقسام وصولا الى المصالحة، وفقا لما تم الإتفاق عليه، من أوارق مسنودة الى سنة التوقيع..

نعم، مصلحة الشعب الفلسطيني العليا، تتطلب تحقيق المصالحة الفلسطينية، وإستمرارها هو مصلحة إسرائيلية عليا ولمشروعها التهويدي الإستعماري، وتلك بديهية لا تحتاج لأي بيان من هذه المكونات السياسية، التي هي ولا غيرها، اساس "البلاء الوطني"..

لكن السؤال الذي يثير كل أشكال القرف العام، هو كيف يمكن لأطراف كل منها يتهم الآخر بالخيانة الوطنية، ويجب المحاسبة والمساءلة أن تتصالح في اليوم التالي..

فمثلا، حركة فتح (م 7)، دعت وعلى لسان عدد من قياداتها لحركة شعبية في قطاع غزة من أجل "إسقاط حكم حماس المتمرد"، بل أن رئيس وفدها للتحاور مع حماس هو أكثر من طالب "أهل القطاع" للخروج في "هبة شعبية عارمة" لتحقيق "حلم القائد والقيادة"، وسنتجاهل أن هذا الشخص تحديدا لم نسمعه يوما يدعو لأي حركة للخروج ضد سلطات الاحتلال في الضفة والقدس، بل لم يكن له يوما حضورا في أي فعالية شعبية ميدانية، خلافا لنائب رئيس حركة فتح محمود العالول وبعضهم..

مقابل ذلك، لا تتوانى قيادة حماس إعلاما وساسة وعناصر، بأن تبدأ حركة التخالف بإطلاق كل الصفات التي تخطر لها على بال، دون أي تفكير فيها، من الخائن والخيانة الى الشخصي والسياسي غير المعقول..حماس تعتبر رئيس فتح محمود عباس وقيادتها في منزلة الخونة، مرة بإسم إتفاق أوسلو، وأخرى باسم التنسيق الأمني، وملاحقة "المجاهدين"، وتارة تحت شراكة دولة الكيان بحصار غزة..

حماس تطالب بمحاكمة عباس وقيادته بتهمة "الخيانة الوطنية"، تلك آخر ما أنتجت مطابعها الإعلامية، وبعد أيام لا أكثر تقرأ، ان وفدا لحماس في القاهرة لبحث ملف المصالحة وإزالة العقبات، وتقرأ أنها تتعامل إيجابا مع الدور المصري على طريق إنهاء الإنقسام الوطني..

تكرارا، ان المصالحة هي الهدف الأسمى الذي يبحث عنه الشعب الفلسطيني راهنا، لأنه لا مجال لأي نصر سياسي مهما كان شأنه، في ظل هذه المؤامرة الامريكية - الإسرائيلية المنفذة بيد محلية، لكن كيف يمكن تحقيق المصالحة بين "أطراف خائنة"..هل يمكن أن يكون هناك  تصالح بين "وطني" و"خائن"، سؤال أكثر بساطة من كل ملفات البحث يستحق الرد أولا..

عندما نصل الى هذه الحالة لتشخيص الواقع، يصبح الحديث عن أي مصالحة كذبا، ما لم تتقدم أطرافه قبل البحثفيه وعنه، بإعتذار علني للشعب الفلسطيني عما فعلت وقالت..وأن تتعهد لاحقا بأن لا تسير في دائرة السقوط السياسي - الأخلاقي لحركة الإختلاف، والتي لن تنتهي مهما حدث من تصالح، فالإختلاف سمة حياتية المجتمعية قبل السياسية، كانت وستبقى..

لغة التخوين وحركة "القبل والأحضان" هي التلخيص المكثف لواقع حال فصائل عمل المشهد السياسي، سلوكا ومواقفا،  الكذب والنفاق والتزوير..الأقوى حضورا من الصدق والمكاشفة..

عندما نتعلم كيف نختلف عندها نتعلم كيف نصطلح!

ملاحظة: اثار حفل غنائي أقامته مدينة "روابي" في رام الله، ضمن نشاطتها التي لا تتوقف في مجال الترفيه، موجة غضب واسعة.. الجرم ليس في حق الناس بالفرح، بل ذلك الإحساس أن "الفرح" مصطنع لهدف آخر..

تنويه خاص: لقطة ضوء طال إنتظارها..تكريم الفنان حسين منذر أيقونة فرقة "العاشقين" التي خلدت بمنتجها النفي تاريخ كفاح شعب فلسطين..لكن التكريم الحقيقي أن تصبح قيم أناشيد الفرقة حاضرة في سلوك "المكرمين"!