أخر الأخبار
جوازات سفر السوريين في الأردن
جوازات سفر السوريين في الأردن

لدينا -هنا- مشكلة من وجهين، أحدهما يخص السوريين في الأردن، وثانيهما، يخص الأردن ذاته، والقصة تتعلق بعدم تجديد جوازات سفر السوريين من جانب السفارة السورية في عمان، لاعتبارات كثيرة.
  بعض الذين لايتم تجديد جوازات سفرهم تم تصنيفهم بصفتهم معارضة، أو لكونهم سجلوا موقفا وخرجوا من سورية، أو تخلوا عن وظائفهم المدنية أو العسكرية، وفي حالات لكون بعضهم تعرض إلى وشايات منعت تجديد جواز سفره.
  كلّ سوري خرج من سورية، يتم النظر اليه عموما، نظرة شك وارتياب، هذا على الرغم من حق الناس، في العموم، النجاة بأرواحهم من الظروف الدموية في سورية، فلا احد يطلب من الناس الموت وسط هذه المحرقة.
  آلاف المواليد من الاطفال السوريين ايضا الذين يولدون هنا، يتعرضون الى ذات المشكلة، اذ ان اباءهم في بعض الحالات، يتمكنون من اضافة الابن أو الابنة الى جواز السفر، لموقف سياسي أو أمني من الأب، أو لأي سبب آخر، وهذا يعني ان لدينا طائفة كبيرة من الأطفال السوريين بلا وثائق، تمكن عائلاتهم من الحركة أو العودة لسورية، أو السفر لبلد ثالث.
  تقديرات السوريين الرسميين، معروفة الدوافع، اذ ان هناك نظرة عقابية إلى أسماء كثيرة، وبما اننا نتحدث عن واقع صعب في سورية، أضر بملايين السوريين، وأدى الى تهجيرهم الى دول كثيرة، فمن المناسب جدا التخلي عن النظرة الأمنية العقابية في هذه الحالة.
 هذا مواطن سوري في نهاية المطاف، لايصح أنْ يتحول إلى «بدون» وهو ايضا يتم تصعيد كراهيته لدولته، امام معاناته في الوثائق، وهكذا تدعم سياسات العقاب في الوثائق، المعارضة فعليا؛ لأنها لاتجعل أمام السوري طريقا بديلا.
  من ناحية تصالحية مجردة، ومن ناحية حقوقية، لابدّ من قيام الحكومة السورية، بإصدار قرارين من أجل تفكيك هذه الأطواق، أولهما، اصدار عفو عن كل السوريين في الخارج، وبالذات ممن أخذوا موقفا سياسيا، أو تخلوا فجأة عن وظائفهم وغادروا بغتة.
  ثانيهما، حق السوري في هويته القانونية وجواز سفره، بمعزل عن اي نظرة عقابية، وهما امران كفيلان بتحرير عشرات الاف العائلات من اسر المعارضة في الخارج، حين لاتقدم لهم المعارضة شيئا، وحين لاتساعدهم دمشق الرسمية على استعادة حياتهم.
  الأردن غير قادر على فرض إرادته باقناع دمشق الرسمية، بمنح وتجديد وثائق لكل السوريين الذين على ارضه، الا ان هذه مشكلة سوف تتفجر نتائجها لاحقا، حين يصبح في الاردن مئات آلاف السوريين بلا وثائق مجددة، فلايقدرون على العودة الى بلادهم، ولا على السفر الى بلد آخر، ولابد من اتصال فني مع السوريين على صعيد اقناعهم بتجديد ومنح وثائق لكل مواطنيهم.
 عدم التجديد أو منح وثيقة للمواليد الجديد ايضا، يعني ادامة اللجوء السوري في الاردن، فالعائلة التي لديها وثائق سارية، بإمكانها ان تخرج وتتحرك وتسافر، أما العائلة التي بلا وثائق مجددة، او جديدة لأول مرّة، فإنها في حالة حبس فعلية هنا، كما ان هذه المشكلة سوف تشتد؛ لأنّ هناك جوازات سفر مازالت سارية حتى الان، وفي طريقها الى الانتهاء عما قريب.
  سيرد السوريون بالقول، إن هذه حالات محدودة، وإن الأغلبية يتم منحها وثائق، أو تجديد وثائقها.حسنا.لانريد الدخول في لعبة الأرقام، لكننا نقول، إن جواز السفر السوري، يجب أنْ لايخضع للمساومة، وهذا حق للإنسان، ولايجوز استعماله وسيلة ضغط، بل على العكس، تجديد الوثائق ومنحها، هو الذي يرفع درجة الندم إزاء الشراكة المتعمدة أو غير المتعمدة في مخطط تدمير الدولة السورية الحديثة.
  كلام نضعه بين يدي المسؤولين السوريين والأردنيين، معا، ولكل طرف اسبابه واعتباراته المختلفة، حتى لانصحو بعد قليل، وقد ضغطت جهات دولية ايضا لمنح الأشقاء السوريين وثائق أردنية مؤقتة، وحتى لاتنتقل الكلفة السياسية من دمشق إلى عمّان.
نقول هذا، ونحن نعرف طبيعة المخطط لحرق سورية الدولة، لكننا نعيد التذكير بأن صفع الضحية، لايفيد ابدا، والأوْلى مساعدتها لتصحو مما هي فيه، من استدراج وضياع وغياب وحبس لدى سماسرة الإقليم والعالم.
  لماذا لاتجرب دمشق الرسمية، سياسة العفو وإعادة الاستقطاب، هذا فوق قدسية الحقوق، فالجواز ليس هبة ولاعطيّة؟!.