لا يمكن إنقاذ مصر من هذا المأزق الذي وضعها فيه الإخوان المسلمون ،الذين سطوا على الثورة المصرية المعاصرة وسرقوها في لحظة ضبابية كما قال حلفاؤهم الأميركيون، إلاَّ بتبوُّء رجل مثل عبد الفتاح السيسي ،له كل هذه الشعبية ولديه كل هذه المواصفات القيادية، موقع رئيس الجمهورية ولو لدورة واحدة لأن البديل في مثل هذه الظروف هو الفوضى وهو إتساع رقعة الإرهاب وهو غرقُ هذا البلد العظيم في مستنقع قد لا يستطيع الخروج منه لعشرات الأعوام.
إنه من حق الإخوان المسلمين ،الذين غدا مرشدهم الأعلى ذلك الذي فرَّ من وطنه السليب وأصبح آمر صرف في الدولة الخليجية التي لجأ إليها، أن يبكوا على حكم أضاعوه كما بقي باقي ما تبقى من البرامكة يبكون على نفوذهم الذي إنتهى بمذبحتهم الشهيرة ثم وأنَّه من حقهم أن يبقوا في حالة «عاشورائية» إلى أبد الآبدين لكن عليهم أن يدركوا أن عجلة التاريخ لا تعود إلى الوراء وأن الشعب المصري قد وضع أقدامه على بداية الطريق وأنه لن يتراجع عن مسيرته هذه ويعود إلى تجربة ذلك العام البائسة التي توجع القلب.
إن ما حدث في الثلاثين من يونيو (حزيران) العام الماضي ليس إنقلاباً عسكرياً كالإنقلابات العسكرية ،التي لا تزال بقاياها في سوريا والتي دمَّرت الدول العربية التي حلَّت بها بدايةً بنهايات أربعينات القرن الماضي وبدايات خمسيناته، إنه ،أي هذا الذي حدث في الثلاثين من يونيو الماضي، حركة جماهيرية شارك فيها ،وبشهادة أصدقاء الإخوان المسلمين وحلفائهم وبعضهم هم أيضاً، ثلاثين مليون مصري ما كان من الممكن إلاَّ أن تلبي القوات المسلحة المصرية مناشدات هؤلاء وتقوم بتصحيح المسيرة وتتصدى للإرهاب الذي كان يختبئ تحت الأرض مع «التنظيم الخاص» الإخواني سيىء الصيت والسمعة.
والواضح ،بل المؤكد، أن الإخوان المسلمين وهم يقومون بهذه الحملات الإعلامية على الجنرال السيسي ،التي تترافق مع حملاتهم الإرهابية التي تخبط خبط عشواء وتضرب في كل مكان في مصر وتقتل الأبرياء والأطفال وتدمر المتاحف، يريدون إغراق مصر في الفوضى وهذا هدف بالنسبة إليهم لا غيره هدف وذلك لعلمهم أنه من المسحيل أن يعودوا إلى حكم سعوا لتحويله إلى إستبداد حزبي أبدي كانوا خططوا له ومعهم شيخهم ،الذي ظن في لحظة إهتزاز المعادلات أنه سيملك الدين والدنيا ومعهم أيضاً آمر الصرف الذي غادر وطنه السليب وإختار هذه «الوظيفة» التي لن تدوم و»السعيد من إتعظ بغيره والشقي من إتعظ بنفسه».
الآن غالبية الشعب المصري تنظر إلى الجنرال السيسي على أنه المخلص والمنقذ وأنه ولعوامل كثيرة القادر على إنقاذ مصر من مأزقها الحالي والقادر على إستكمال تصحيح المسيرة وهذه فرصة يجب ألاَّ تضيع وعلى هذا الرجل الذي تجاوز كل من سبقه بهذه الشعبية الكاسحة ألاَّ يتردد إطلاقاً لأن تردده يعني خذلان شعب مصر ويعني ترك هذا البلد العظيم ليغرق في الفوضى بعد أن أصبح بسبب حكم الإخوان المسلمين القصير العمر كسفينة تائهة في أحد بحور الظلمات تضربها الأمواج العاتية من كل جانب.
إنها تجربة.. ويقيناً أن الشعب المصري العظيم ،الذي تفجرت طاقاته الحقيقية بعد سنوات طويلة من الإختطاف، إذا أحسَّ خلال الأربع سنوات الأولى من حكم السيسي أنَّ هناك إنحرافاً في المسيرة وأن هناك توجهات للبقاء على رأس النظام :»من المهد إلى اللحد» فإنه سيُلحق هذا الجنرال بـ»المسكين» محمد مرسي وأيضاً بالرئيس الأسبق حسني مبارك الذي لو أنه لم يستسلم لنزوات بطانته السيئة لكان المصريون الآن ينظرون إليه كما ينظرون إلى عرابي باشا وإلى صلاح الدين الأيوبي.