لو جربنا أن نخرج من التفاصيل اليومية التي ننشغل بها بل نغرق في الحديث عنها وتخيلنا عمان العاصمة بعد عشر سنوات وتحديداً فيما يتعلق بشوارعنا وحركة السير وعدد المواطنين والساكنين والضيوف والوقت الذي يحتاجه أحدنا للانتقال من مكان لآخر.
وقبل أن نغادر الزمن نعيش لحظات الحاضر سواء في الصيف أو الشتاء، في رمضان والأعياد أو مواسم التخرج، أو حتى مع شتوة صغيرة.
اليوم نعاني كلنا في الانتقال والتحرك، وأحياناً يحتاج المشوار إلى أضعاف الوقت، وكلنا نشكي ونعاني، لكن ماذا سيحدث بعد عشر سنوات وكيف سيكون شكل شوارع عمان، وعدد السيارات فيها واكتظاظ الشوارع وزحمة السير، وكم سيكون عدد الناس الذين يدخلون عمان صباحاً ويغادرونها مساء، وعدد الناس الذين سيسكنون عمان.
نسب النمو السكاني الطبيعية معلومة وهي حوالي 2.2% ، لكننا في الأردن معرضين دائماً لهجرات يدخل معها لمدننا ومحافظاتنا عشرات ومئات الألوف، وآخرها الأزمة السورية التي دخل نتيجتها حوالي 1.5 مليون شقيق سوري الأردن أي حوالي ربع سكان الأردن، وقبلها الأزمة العراقية التي ما زالت متجددة وربما ينتج عن أحداث غرب العراق هجرة الآلاف...
شوارع عمان الرئيسية والفرعية لن تشهد طفرات من حيث السعة والاتساع، وحتى لو كان هناك أي مشاريع على مستوى الجسور والأنفاق والطرق الخارجية فإنها أقل بكثير من الزيادات الكبيرة في أعداد الناس والسيارات.
عمان اليوم مزدحمة، وكلنا نضجر من الازدحام وضياع الوقت في الشوارع، فكيف ستكون عمان بعد عشر سنوات، وكيف سيتحرك أحدنا بسيارته في الشوارع صيفاً أو شتاء، فعمان لن تكبر من حيث الشوارع والمساحة لكنها ستكتظ بمزيد من السكان، فهل من الممكن أن يكون لدينا تفكير مسبق حتى نستطيع السير في شوارع عمان بعد عشر سنوات دون أن نكون مثل القاهرة أو استنبول مثلاً.
نسمع من خبراء عن حلول قد لا تحمل الحل الكامل لكنها تخفف المعاناة، ونتحدث تحديداً عن مشكلة النقل، فالحاجة ماسة لنقل عام حقيقي، وأيضاً لثقافة النقل العام لدى المواطن بحيث يشعر أن استعمال النقل العام ليس باباً للمعاناة، لكننا لا نستطيع أن نطالب الناس بالنقل العام واستعماله قبل أن يكون ملبياً لاحتياجات الموطنين.
كانت هناك فكرة الباص السريع لكنها دفعت ثمن الربيع وما قبله، وترددت الحكومات في التعامل معها ما بين القناعة، وأحياناً اعتبارها رجساً من عمل الشيطان، ولدينا فكرة القطار الخفيف التي ربما لم تجد ممولين، وربما تكون هناك أفكار أخرى.
لا أدافع ولا أتبنى أي أفكار لكن الفكرة الأساسية أن علينا أن نبدأ اليوم بالتفكير والتنفيذ وفق أسس سليمة مستغلين المنحة الخليجية لعلنا نصل إلى جزء من الحل حتى يمكننا أن نسير في شوارع عمان بأقل معاناة بعد عشر سنوات وربما أقل.