أخر الأخبار
«اسرائيل» تعمّق الانقسام الفلسطيني
«اسرائيل» تعمّق الانقسام الفلسطيني

كعادتها دائما، عندما تجد «اسرائيل» نفسها محاطة بالازمات، ومطوقة بالمواقف الدولية،الناقدة لسلوكها وسياساتها وممارساتها القمعية والوحشية، ضد الشعب الفلسطيني، فانها تنأى بنفسها بعيدا، وتلقي باسباب الازمات التي تؤرقها، في احضان الاخرين، بعد ان تقوم بتقديم ما تسميه هي، بأنه تنازلات وتسهيلات للجانب الفلسطيني، علما بأنها لا تخسر شيئا، مهما بلغ حجم «التنازلات» التي تتحدث عنها، لانها في الاساس حقوق فلسطينية بغض النظر عن شكلها ومضمونها ونوعها.
الحديث عن التحضيرلابرام اتفاق تهدئة منفرد، بين قطاع غزة واسرائيل، تروّج له الاخيرة على انه انجاز كبير،سوف يخلصها من مسيرات العودة الاسبوعية، التي اقلقت الاسرائيليين عسكريين ومدنيين، ونقلت المعركة عمليا الى كل بيت اسرائيلي، كما سيضمن لها موقفا فلسطينيا ضعيفا مفسخا، اذا لم يكن هناك توافق وطني شامل على مثل هذا الاتفاق المرتقب، مهما كانت اسبابه ومبرراته.
الاحتلال يسعى الى عقد اتفاقيات وتفاهمات فصائلية منفردة، مع القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية على حد سواء، ليس حبا بالسلام، ولا استعدادا للانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة، والموافقة على اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وانما لتشتيت الطاقات والجهد الفلسطيني العام، وتعميق الانقسام القائم حاليا، وعزل قطاع غزة تماما عن الضفة الغربية، والتهيئة الفعلية والعملية لتنفيذ المخطط الامريكي الاسرائيلي لصفقة القرن.
البنود التي تشكل اساسا لاتفاق التهدئة الذي يروّج له الاحتلال، انسانية في مجملها، فهي تسهيلات علاجية وغذائية وسفر، وزيادة في عدد العمال الغزيين العاملين في فلسطين الداخل،وصيد اسماك، كل هذا بعيدا عن اي بعد سياسي حقيقي للاتفاق، اي انه يتعامل مع القضية الفلسطينية على انها حالة انسانية فقط، علما بأنها قضية احتلال ارض وحق لاجئين في العودة والتعويض، وقضية سياسية بامتياز، وقضية كفاح ونضال مستمر منذ اكثر من مئة عام، هدفه الحرية والاستقلال وانهاء الاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية المحتلة.
الهدف الاسرائيلي الحقيقي للاتفاق موضع البحث والنقاش مع عدد من الفصائل الفلسطينية، تجسيد حقيقة ان المكان المناسب لاقامة الدولة الفلسطينية هو قطاع غزة كما تضمنت صفقة القرن، والاحتفاظ بالضفة الغربية بما فيها القدس، وضمها لاحقا ومن ثم تهويدها.
اهم الانعكاسات الخطيرة لمثل هذا الاتفاق على الواقع الفلسطيني، حدوث فصل كامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، القضاء على اي امل او فرصة باقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 67 بأيد فلسطينية، شطب حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض، العودة بالقضية الفلسطينية الى المربع الاول عام 1948، بعد ان يصبح ستة ملايين لاجيء فلسطيني بلا مرجعية وطنية، والالقاء بهم في احضان الدول العربية الشقيقة، وما يترتب على ذلك من ازمات سكانية واقتصادية وغيرها، والكيان المحتل يعزف لحن الرجوع الجديد.
التوافق الوطني الفلسطيني الشامل، هو طوق النجاة للجميع، والسبيل الوحيد للحفاظ على الحقوق الفلسطينية،وتحقيق الاهداف الوطنية العامة.