أخر الأخبار
لماذا يصـرُّ العدو على الاحتفاظ بالأغوار؟
لماذا يصـرُّ العدو على الاحتفاظ بالأغوار؟

دفع إصرار العدو الصهيوني  على بقاء جيش الاحتلال في منطقة الأغوار الفلسطينية  والتي تشكل ربع مساحة الضفة الغربية المحتلة، والسيطرة على المعابر، الخبراء والمعنيين بمتابعة الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني، البحث عن الأسباب والذرائع وراء هذا الإصرار، الذي تبناه وزير الخارجية الاميركي ،جون كيري، لأنه يشكل ضمانة لحماية امن اسرائيل كما يدعي..!!  وهو ادعاء غير دقيق كما  سنبين لاحقا.
أن الدافع الأهم وراء هذا الإصرار ينبع من استراتيجية العدو  الصهيوني ، القائمة أصلا على منع اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ،ومتواصلة جغرافيا، فالسيطرة على هذه المنطقة الفلسطينية المهمة، تعني احكام الطوق على الدولة الفلسطينية وعزلها عن محيطها العربي  متمثلا بالاردن ، ومنعها من الوصول الى نهر الاردن والبحر الميت  والاستفادة من ثرواته الطبيعية بخاصة البوتاس  ، وحرمانه من منطقة زراعية مهمة  تشكل سلة غذائية للشعب الفلسطيني ، نظرا لطبيعة مناخها وتوفر المصادر المائية، وفي اعتقادنا أن البعد الاقتصادي هذا يعد السبب الرئيس لإصرار العدو على الاحتفاظ بهذه المنطقة.
وزيادة في التفاصيل فالعدو اقام “36 “مستوطنة في هذه المنطقة ،  وقد خصص للعائلة الواحدة “ 70”  دونما من الأراضي الزراعية، حيث قام هؤلاء الستوطنون  بزراعة مشاتل الورود وبرك الاسماك والتماسيح والمزروعات الأخرى ، وقد احتفل العدو العام 2010 بزراعة النخلة رقم مليون في الاغوار ، ومن هنا فقد بلغ  دخل المستوطنات  من منطقة الأغوار “650”مليون دولار العام 2012، وفق تقرير مجلس المستوطنات.
فالأغوار بالنسبة للعدو تعد سلة غذائية واقتصادية تدر عليه ملايين الدولارات  اضافة لما يتمتع به من قيمة استراتيجية، فهو المنفذ الرئيس على الاردن والدول العربية ، والشاطئ المحاذي للبحر الميت الخ.
أما ادعاءات العدو  بأن  بقاءه في  الاغوار  تفرضه ضرورات  امنية وعسكرية ، فهي ادعاءات ليست دقيقة ، كما يبين اللواء واصف عريقات ..الخبير العسكري الفلسطيني مستندا الى وثائق اسرائيلية  ابرزها وثيقة “ المجلس الإسرائيلي للسلام  والأمن “ والذي يضم  مجموعة من كبار الضباط  والمسؤولين الأمنيين السابقين حيث أكدوا “ان السيطرة  على الأغوار  والضفة الغربية  ليست ضرورية لمواجهة  التهديدات  واكدت الوثيقة ان البقاء الاسرائيلي في هاتين المنطقتين لا يمثل حلا  للتهديدات المتوقعة  بخاصة الصاروخية ، لأن عرض اسرائيل  في المكان الاكثر ضيقا  من غور الاردن لا يزيد على 40-50 كيلومترا،، وان الوجود العسكري الاسرائيلي في منطقة الاغوار  سيكون محدودا وسيعاني ضعفا طوبوغرافيا ، وسيكون عرضة للنيران من الشرق والغرب ،  ومحاصرا وفي خطر دائم” .
وتخلص الوثيفة الى” ان التبريرات الأمنية التي ترددها حكومة نتنياهو لاستمرار التمسك بالأغوار هي  تبريرات واهية  لا سيما في ظل  سقوط  مفهوم “السيطرة  على الأرض هو الحل الامثل  للانتصار في المعارك” وهو ما كشفه رئيس جهاز الموساد الأسبق  مئير دغان  امام منتدى ماجدى في كفار سابا حين قال “الصراع حول البقاء في منطقة الاغوار هو سياسي بحت، وليس له أية أهمية  أمنية لإسرائيل”. في حين أشار دوف فايس غلايس المستشار السابق لشارون  والمبعوث الخاص لاولمرت ..”ان تجربة الماضي  تبين ان قوات عسكرية هزيلة تنتشر في خط دفاعي  طويل  لا تضيف امنا  ، وهي تنشغل بشكل عام بالدفاع عن نفسها”.
وهنا يبرز السؤال الاهم هل تمكنت القوات الاسرائيلية  في منطقة الاغوار  من التصدي للصواريخ البالستية  العراقية  التي قصفت العمق الاسرائيلي، وهل منعت وصول صواريخ حزب الله والمقاومة في غزة الى المستعمرات الصهيونية ؟.
 ويضيف اللواء عريقات ان التغيير في الفكر العسكري الاستراتيجي أدى الى انهيار  النظرية التقليدية حول الامن القائم على الطوبغرافيا ، والمحصن بمواقع طبيعية  ومساحات شاسعة من الاراضي ، ووفرة اجهزة التنصت  والانذار على التلال والمرتفعات... فلا مكان للجدار الحديدي الذي نظر له جابو تنسكي،  والمنظر العسكري كلاوزفيتز باختصار...اصرار العدو السيطرة على  منطقة الاغوار..هو  تجسيد لأطماعه التوسعية التهودية ،القائمة على رفض اقامة دولة فلسطينية مستقلة  بحجج امنية واهية.