الرياض-الكاشف نيوز:في أول هجوم اعلامي مضاد للموقف التركي، قالت صحيفة "سبق" السعودية في افتتاحية مطولة إن، أمام السعوديين مهمة للتصدي لما تعمل تركيا على تحقيقه، ولا سيما تنحية محمد بن سلمان عن منصبه.
ورأى الكاتب في الصحيفة، محمد عطيف، أن بلاده تتصدى بامتياز لما عبّر عنه صراحة الأكاديمي التركي أحمد قاسم هان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة اسطنبول الذي قال: "يمكننا تحقيق الكثير من المكاسب، إلى جانب توجيه ضربة سياسية للسعودية، من بينها الحصول على أموال ضخمة منها، وتحقيق إعفاءات من واشنطن بخصوص العقوبات على إيران، وكذلك تطبيع العلاقات مع الدول الحليفة مع السعودية؛ إلا أن إزالة محمد بن سلمان من منصبه هو الخيار التركي الأمثل".
واستنتج الكاتب، أن من يستهدف المملكة "ومهندس رؤيتها الحلم" ليست تركيا وحدها، بل وأطراف أخرى "لا تخفى على كل لبيب، لكن السعوديين يجمعهم كالمعتاد (كلنا محمد)".
ولفتت الافتتاحية إلى أن "الهجمة الشرسة التي تتعرض لها السعودية، والتي صرح عنها مباشرة وزير الخارجية عادل الجبير، قد لا تتوقف على المدى القريب، وهي تعاني الآن من انحسار كبير لموقفها المتكئ على إعلام أجوف بعدما قطع عليها بيان النيابة العامة السعودي والشفاف، خطوطاً تأمل من ورائها الوصول لمرحلة ابتزاز أو مكاسب مادية أو معنوية".
وعاد الكاتب إلى انتقاد تركيا قائلا إنها لا تتوقف "عن تلميحات جوفاء، وتتجاهل مطالبات النيابة السعودية بتزويدها بالتسجيلات المزعومة أو أية أدلة، وهو طلب تم تكراره ثلاث مرات دون جدوى، فما هي حقيقة الوضع؟ وكيف يريد البعض توظيف الحادثة المؤسفة لمصالح سياسية، حيث إن ذلك هو المبرر الوحيد وراء السلوك التركي".
ورصد الكاتب 8 أسباب تقف وراءها الحملة على بلاده ومنها:
1- التصدي للدور السعودي الفاعل في ضرب تيارات إسلامية سياسية وإرهابية تدعمها تركيا وقطر.
2- التصدي للدور السعودي الصاعد بقوة كبيرة إقليمياً ودولياً والذي حجب لاعبين إقليمين كانوا مؤثرين.
3- الدور السعودي الصاعد أطاح بأحلام كبيرة لدول مثل تركيا في المنطقة.
4- الوهم التركي في السعي لتكون القلب الإسلامي من خلال ضرب السعودية قائدة العالم الإسلامي.
5- منذ الإصلاحات الجديدة أوقفت السعودية دعم كل ذي وجهين من دول وشخصيات ومتاجرين بالقضايا.
6- سياسيون في دول غربية ركبوا الموجة بحثاً عن المال والمصالح السياسية في بلادهم.
7- البحث عن مكاسب اقتصادية من وراء ابتزاز الموقف السعودي.
8- الرئاسة التركية تبحث عن غطاء قوي على فشلها الداخلي وتردي البلاد اقتصادياً.
وبشأن عدم تعاون تركيا مع النيابة العامة السعودية، طرحت المقالة الافتتاحية تساؤلات:
ما الذي تخشاه تركيا؟
تريد تركيا من السعودية بذل ما هو أكبر، وتتناقض في نفس الوقت رافضةً التعاون والكشف عما لديها من أدلة! هل تخشى تركيا أن تثبت أيةُ تسجيلاتٍ قيامَها بخرق الأعراف الدبلوماسية والتجسس على القنصلية السعودية؟! أم تخشى أن تكشف تلك التسجيلات عن علمها المسبق بشيء ما ولم تحاول منعه؟ أم تخشى أكثر أن تكون هي مَن دفعت بالعملية لمسار كان يمكنها إيقافه؟!
تركيا بين ثلاثة أمور أسوأ من بعضها: عدم التعاون والدفع نحو الابتزاز والمشاركة في إعاقة العدالة؛ هذا بالضبط ما تفعله الرئاسة التركية.
ولعل من الشواهد على ذلك، ما ورد في مقابلة لصحيفة "بزنس إنسايدر" الأمريكية الدولية مع رئيسة مكتب منظمة العفو الدولية في نيويورك شيرين تادرس قالت: "الطريقة التي أجرت بها تركيا التحقيق في قضية خاشقجي، مسيسة ومشبوهة بشكل كبير. تركيا ليست معنية بتحقيق صادق ومستقل. الأمم المتحدة أعربت مراراً وتكراراً عن استعدادها للذهاب إلى تركيا للقيام بذلك؛ إلا أن أردوغان ليس متحمساً لهذه الفكرة بسبب سجله المريب في انتهاكات حقوق الإنسان وحرية الصحافة".
تركيا.. تقتل الصحفيين:
وتستشهد الصحيفة بمقتل 25 صحفياً تركياً لقوا حتفهم على يد السلطات في عهد أردوغان. وترى أن ذلك ينسف تماماً التمترس التركي خلف حقوق الإنسان، كما تتساءل المجلة: "لماذا التركيز على صحفي واحد، وعلى بلد واحد (السعودية)؛ في ظل تجاهل صارخ لحالات القتل والتعذيب في صفوف الصحفيين والأكاديميين والمعلمين الأتراك!".
تركيا -على سبيل المثال- وفي وقت حرج جداً للسلطان أردوغان الذي تفاجأ أنه حتى مع الصلاحيات الهائلة التي امتلكها في فترته الحالية، وجد الكثير من الأمور تنفرط من بين يديه؛ لذا ليس ثمة أفضل من ورقة سياسية يلعب بها مثل قضية خاشقجي. تقول صحيفة بوليتيكو الأمريكية: "سياسة أردوغان في تسييس قضية خاشقجي بغرض ممارسة الضغوط على السعودية؛ ستؤدي حتماً إلى نتائج عكسية".
هذا فيما نقل تقرير لموقع "كيوبوست" عن الكاتب البريطاني "أندرو إنجلاند" قوله: إن "الرئيس أردوغان أظهر انتهازية فظيعة من خلال تجيير قضية خاشقجي في سباق سياسي إقليمي".
أما الخبير في مركز أبحاث "واشنطن إنستيتوت" للدراسات السياسية "سونر كاغباتي"؛ فيرى أن "المسؤولين الأتراك لم يكشفوا سراً بأن أردوغان يرغب في تسييس قضية خاشقجي، لإقناع القوى الغربية أن القيادة السعودية هي المشكلة في الشرق الأوسط".
من جهتها ذكرت صحيفة "فورين أفيرز" الأمريكية أن "أردوغان وجد القضية كهبة من السماء؛ ليستطيع من خلالها تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية جمة؛ في ظل الأزمة المالية والعزلة السياسية التي يمرّ بها النظام التركي الحاكم".
من يقف خلف الأكاذيب؟
تقول الكاتبة الأمريكية المحامية كلاريس فيلدمان في مقالة في مجلة: "أمريكان ثينكر الأمريكية": من يتابع التقارير الصحفية عن كثب؛ سيجد أن وسائل الإعلام التابعة لقطر، وجماعة الإخوان المسلمين، وإيران، والمنافذ الإعلامية الإقليمية والدولية المتعاطفة مع هذه الأطراف؛ هي مَن عملت على نشر أكاذيب واتهامات زائفة ضد السعودية فيما يتعلق بقضية اختفاء خاشقجي".
مضيفة في تقرير نشره "كيوبوست": "من الواضح أن تقارير هذه المنافذ الإعلامية غير نزيهة، ومن أطلقوا على أنفسهم شهوداً في واقعة اختفاء خاشقجي؛ ليسوا إلا كاذبين مرتبطين فعلياً بالإخوان المسلمين، من بينهم الصحفي التركي توران كشلاكجي (المعروف بعلاقاته مع الإخوان في قطر)، وهاتيس جنجيز (الخطيبة المزعومة للصحفي السعودي، التي نفت أسرة خاشقجي أن تكون قد سمعت بها أو علمت بوجودها من الأصل)، وكذلك مراسل الجزيرة جمال الشيال (شقيق مدير قناة "العربي الجديد" الممولة من الدوحة، الواقعة تحت إشراف الإخوان، وإدارة مستشار أمير قطر عزمي بشارة)".
لهذه الأسباب يستهدفون ولي العهد:
لقد نجح الوحل الإعلامي المأجور في جعل الحدث حدث العام؛ من حيث التناول الإخباري؛ بل وسقطت في الوحل الإعلامي صحف ووكالات عريقة مثل "رويترز" و"واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" وغيرها؛ فشاهد العالم وبشكل سخيف وعجيب كيف انساقت مؤسسات إعلامية عريقة وراء التسريبات الغريبة والمتتالية للجهات التركية، وتناولها كحقائق بشكل لا يمكن تفسيره بغير "المأجور".
وكما هو واضح؛ فإن كل الأطراف المشتركة في هذه العملية المسيسة وغير المسبوقة ضد المملكة العربية السعودية؛ تسعى لمصالح سياسية ومكاسب اقتصادية أو لهدف آخر من الواضح أنه الأقرب؛ وهو استهداف مهندس الإصلاحات السعودية وولي عهدها؛ فالهمز واللمز تَحَول لتصريح على لسان أتراك ومأجورين غربيين وعرب شرق أوسطيين ووسائل إعلام مختلفة -يتبع معظمها لقطر وتركيا- تطالب بذلك؛ لعلمهم بما يمثله الأمير من ثقل، وما حققه منذ توليه المسؤوليات الكبيرة وتحقيقه لإنجازات داخلية وحضوراً دولياً ضرب مصالح البعض في العمق، وأوجعهم بعدما كشف زيف مطامعهم ودعمهم للإرهاب.