إذا كان لا يوجد حل عسكري للصراع الدائر في سوريا كما يؤكد الجميع. وإذا كان لا يوجد حل سياسي لهذا الصراع كما يدل فشل مؤتمر جنيف، فمعنى ذلك أنه لا يوجد حل للصراع الدائر في سوريا بين الدولة والثوار من داخل سوريا وخارجها.
مؤتمـر جنيف خدم النظام السوري بإضفاء قدر أكبر من الشرعية عليه، فهو يتصرف كدولة في حين يتصرف خصومه كهيئة إعلامية تحاول أن تمثل منظمات مسلحة تقف في وجه الدولة.
مؤتمر جنيف يقف بين مطلبين الأول تطرحه المعارضة وهو تنحية الرئيس بشار الأسد لصالح حكومة انتقالية يشارك فيها النظام والثوار بالتوافق، والثاني يطرحه الوفد الرسمي وهو محاربة الإرهاب طالما أن هناك اعترافاً دولياً بأن الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة ودولة العراق والشام كلها منظمات إرهابية.
إسقاط النظام أم إسقاط الإرهاب، تلك هي الحلول التي لا تلتقي.
تقول مصادر الاستطلاع الأميركية أن النظام يحقق مكاسب على الأرض، وبالتالي فإنه يفضل سياسة شراء الوقت، وأن أميركا لا تستطيع تزويد (المعارضة) بسلاح نوعي خوفاً من وصوله إلى أيدي الإرهابيين كما حدث فعلاً.
وتكشف الصحافة الأوروبية عن وجود ضباط مخابرات من الدول الأوروبية في دمشق لتنسيق عملية محاربة الإرهابيين مع الحكومة السورية لأن عددأً كبيرأً جدأً من الإرهابيين يحملون جنسيات أوروبية، وسيعودون إلى أوروبا بعد أن حصلوا على التدريب الإرهابي والنشاط الدموي.
يبدو أن الائتلاف الوطني المقيم في اسطنبول ويمثل الطرف الثاني في مؤتمر جنيف، ليس أكثر من كيان سياسي هش، لا يستطيع دخول سوريا حتى في المناطق الواقعة تحت سيطرة المسلحين، وبالتالي ليس له وزن حقيقي في موازين القوة، وتصريحاته الصاخبة تناسب بعض الفضائيات التحريضية ولكنها لا تلزم المنظمات المسلحة.
الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي انتهى مفعولة وانتهت مهمته بالفشل منذ زمن، ولكنه لم يعترف بالواقع، وفضل أن يستمر وسيطأً إلى ما لا نهاية، خلافاً لكوفي عنان الذي سبقه وقـدّم برنامجاً من ست نقاط لإنهاء الصراع ما زالت تشكل الأساس لأي اتفاق مستقبلي، ولكنه انسحب بهدوء عندما لم ينجح في تحقيق الاختراق. فماذا قدم الإبراهيمي وماذا حقق؟ ولماذا يستمر في مجهود عبثي