لا شك أن جهوداً مضنية قد بُذلت لعقد مؤتمر جنيف 2، وربما كانت هناك شكوك في انعقاده ، مما جعل البعض يقول : إن مجرد انعقاد المؤتمر هو انجاز بحد ذاته حيث جلس الطرفان على طاولة واحدة وصرح كل فريق بما يريده . هذا الكلام صحيح نظرياً ، لكن أزمة بحجم الأزمة السورية الدموية التي لم يتوقف فيها شلال الدم القاني لا يكون مجرد الجلوس على الطاولة هو المطلوب ، فهل يعقل أن يُعقد مؤتمر بينما البراميل المتفجرة تنهمر على الناس والأحياء تمحى عن الوجود بما فيها من بشر وحجر وشجر !!!! لماذا لم يتم وقف اطلاق النار ليلتقط الشعب أنفاسه قبل أن يصل الى الاختناق؟! .
لقد أكد المؤتمر أن النظام السوري ليس قلقاً من المجتمع الدولي فقد ركن إلى الروس والإيرانيين والميليشيات والى آلته المدمرة التي لا تبقي ولا تذر !! ولهذا ليس معنياً بأية ضغوط لأنه لا يجد عيناً حمراء لوقف القتل ، ومن هنا ليس لديه استعداد لما تتحدث عنه المعارضة من تنفيذ جنيف 1 والذي ذكر الحكومة الانتقالية . فهو يريد بحث الارهاب ليقول ان كل من يقاتل في سوريا هو ارهابي حتى لو كان يدافع عن عرضه وبيته ونفسه أو يريد أن يثأر من الذين قتلوا ولده أو والده أو أمه أو ابنته ... لقد كان وفد المعارضة أكثر مرونة حيث كان قرار حضور المؤتمر بحد ذاته مرونة ، وقدم طرحاً وهو بحث السلطة الانتقالية أولا ً ولما رفض النظام قبل وفد المعارضة اقتراح الإبراهيمي ببحث الموضوعين معاً في آن واحد ومع هذا رفض النظام مما يعني أن المعارضة لديها مرونة افتقدها النظام ، وهذا يؤكد على أن النظام لا يريد سوى السمعة الإعلامية والضخ الإعلامي واذا حصل على نتيجة في موضوع الارهاب فلن يكمل المشوار في البحث حول المرحلة الانتقالية واذا بحثها فوفق ما يراه هو من تصور مفاده تغيير حكومي وإشراك بعض المعارضين لذر الرماد في العيون . أما الثابت لديه فهو أن أي استبعاد لبشار الأسد فمرفوض . ليدخل المعارضون الى سوريا ويخوضوا الانتخابات في تنافس مع بشار !!! وهيهات أن تكون حرة ونزيهة !! وهيهات أن يخوضوا أمام سيادته ! ولا يجيب النظام كيف انه اعتقل بعض الخارجين من حمص فما الذي سيفعله بمن يريدون الدخول لخوض انتخابات فوق جماجم الشهداء وأطلال المدن وحطام المساجد .
المسألة واضحة للنظام وهي أن الغرب قد اكتفى بأخذ الأسلحة الكيماوية و لن يخوض حرباً ضد النظام لأن هذا النظام قد صار في حماية الروس وإيران . وسوف يكون أقصى ما يمكن أن يفعله الغرب هو الضغط السياسي والاقتصادي وهذا لا يؤثر على النظام لأن الامتداد الايراني عبر العراق يجعل النظام غير محاصر ، كما ان وجود البوارج الروسية في اللاذقية يجعل الحصار في خبر كان .
الأزمة هي أزمة الشعب وأزمة المعارضة وأزمة الأردن ولبنان اللذين اكتويا بنار الأزمة عبر ملايين المهجّرين والفارين دون أم يكون هناك أية بقعة ضوء في نهاية النفق