بعد ثلاثة أعوام يكتشف وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنَّ روسيا هي سبب عدم سقوط نظام بشار الأسد وبقائه حتى الآن وبالطبع فإن هذا التأخر في هذا الإكتشاف قد أدى إلى كل هذا الدمار الذي سوَّى مدناً سورية بالأرض وأدى إلى مئات الألوف من القتلى والجرحى وإلى ملايين من المهجرين والمشردين وإلى تحول هذه الحرب إلى حرب طائفية قد تستمر نتيجة رداءة وميوعة هذه الإدارة الأميركية إلى سنوات طويلة مقبلة.
إنَّ جون كيري عندما يكتشف هذا الإكتشاف العجيب الغريب ،وهو وزير خارجية أكبر وأهم دولة في العالم، إمَّا أنه لا يستحق هذا الموقع الذي يحتله ،وهو بالتأكيد غير ذلك، وإمَّا أنه مضطر على مماشاة رئيسه باراك أوباما ،الذي إنْ بقيت الرياح العاتية تهب في هذا الإتجاه، فإن التاريخ الذي ستقرأه الأجيال اللاحقة سيسجّل أنه أضعف رئيس مرَّ على البيت الأبيض وإنَّ عهده قد وضع دولة كرَّسها الذين سبقوه كأهم قوة في الكرة الأرضية على بداية التراجع الذي إنْ هو إستمر سيحولها إلى دولة ثانوية وضعت بينها وبين هذا العالم بحور ظلمات عديدة.
لقد كان الأحرى بوزير خارجية أكبر وأهم قوة في العالم بدل إعلانه عن هذا الإكتشاف الذي اكتشفه بعد ثلاثة أعوام مدمرة ودامية أن يعترف بأن سيرغي لافروف قد «ضَحِكَ» عليه وأن روسيا هذه الدولة ،التي تعتبر ناشئة لا تزال تحْمل الكثير من إرث الإتحاد السوفياتي البائسة وتجربته الفاشلة، قد تمكنت في أوَّل تعاطٍ لها مع أزمة عالمية من تمريغ أنف الولايات المتحدة في التراب وتحويلها إلى «مضحكة» في العالم كله والسبب هو ضعف هذه الإدارة التي يقف على رأسها باراك أوباما بتردده ومخاوفه وعدم قدرته على إتخاذ القرارات الجريئة في اللحظة الحاسمة.
ويقيناً أنَّ الولايات المتحدة إنْ هي لم تبادر وبسرعة إلى النهوض من هذه الكبوة وإنْ هي إنْ لم تلجأ إلى تصحيح مسار سياساتها في هذه المنطقة الإستراتيجية الملتهبة فإنها ستسلم زمام الأمور إلى روسيا الإتحادية وأنها ستنكفئ على نفسها وستخسر بالتأكيد كل أصدقائها وستلجأ كل الدول الناشئة الصاعدة إلى التجرُّأ عليها وبالتالي دحرها وإخراجها من الساحة الدولية.
والسؤال هنا هو :وماذا من الممكن أن تفعل الولايات المتحدة يا ترى بعد أنْ «اكتشف» وزير خارجيتها أنَّ الروس قد «ضحكوا» عليه وعلى إدارة أوباما وأنهم بينما تخلَّت أميركا عن الشعب السوري وعن حلفائها المساندين والداعمين لهذا الشعب فإنهم لم يتخلوا ولا للحظة واحدة عن بشار الأسد وأنهم لم يبخلوا عليه لا بالمواقف السياسية ولا بالمال والسلاح وأيضاً ولا بالخبراء والمقاتلين.. ماذا ستفعل أميركا يا ترى..؟!.
في اليوم نفسه الذي أعلن فيه جون كيري أن روسيا هي مَنْ أبقى على بشار الأسد حتى الآن وأنَّ الولايات المتحدة سوف تقوم بمراجعة لسياساتها أطلق باراك أوباما تصريحات متناقضة غير مفهومة وعلى غرار ما بقي يفعله خلال كل سنوات هذه الأزمة التي غدت أزمة إقليمية ودولية طاحنة فهو قال أنه سيمارس المزيد من الضغط على الرئيس السوري لكنه قال في الوقت نفسه ،موجهاً كلامه إلى بعض الأوروبيين، أنَّه لن يسمح بوصول أسلحة نوعية إلى المعارضة السورية خوفاً من وصولها إلى التنظيمات الإرهابية.. فماذا يعني هذا ..؟ ألا يعني الإستمرار بالسياسة التي أبقت على رئيس النظام السوري حتى الآن... ألا يعني ترك روسيا تفعل في هذه المنطقة الإستراتيجية الحساسة ما تشاء؟!!.