أخر الأخبار
نتنياهو قاعد على «ثلاث» ..ولكن !!
نتنياهو قاعد على «ثلاث» ..ولكن !!

في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة جدا، التي تمر بها القضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها، ينطبق المثل الشعبي»القدر يركب على ثلاث» -بكسر القاف- تماما على نتنياهو، وثلاثة نتنياهو التي يتربع عليها مسترخيا مستريحا مطمئنا، هي الانقسام الفلسطيني اولا، والوضع العربي الراهن ثانيا، وثالثا وجود دونالد ترامب في البيت الابيض الامريكي، عوامل ثلاثة اجتمعت لخدمة الكيان الغاصب لفلسطين، وكأنها رسمت بريشة مخطط فائق الذكاء، فقد تزامنت من حيث التوقيت، وتقاطعت في تحقيق حلم الاحتلال الذي لم يكن يوما يتوقع تفسيره على ارض الواقع .
الانقسام الفلسطيني ادى الى تبديد الطاقات والجهود والامكانات الوطنية الفلسطينية، واستنزافها في غير مكانها وغير اهدافها ووجهتها، وفسخ الوطن الى شطرين، واضعف الاداء الفلسطيني بشكل عام، وبدلا من التركيز على مواجهة الاحتلال في جميع المجالات، انحرفت البوصلة او تجمدت مكانها، وحصل المحتلون على هدايا مجانية لم تكن في حسبانهم، جعلتهم في وضع انخفضت معه نسبة القلق والخوف الى حدودها الدنيا، بسبب هذا الانقسام الذي تبعه انشغال داخلي، ادى الى تحجيم الفعل الوطني ضد العدو المحتل.
اما الوضع العربي الراهن، فهو في اسوأ حالاته منذ فجر التاريخ، فقد استهلكت الاسلحة والجيوش التي كانت معدة لمواجهة الاحتلال، في الاحترابات الداخلية والجانبية، ولم تعد تشكل اي تهديد للمحتلين، الذين لا يكتفون بالمراقبة والمشاهدة والاستمتاع بالاحداث عن بعد، بل يتدخلون بها وينتقون الاهداف العسكرية التي يعتقدون بأنها تشكل خطرا عليهم ويهاجمونها، هذا الوضع اضعف الوضع العربي اقتصاديا وسياسيا، وفقدت الدول العربية الكثير من التأثير والقدرة على الضغط ودعم المطالب والتوجهات العربية على الصعيدين الاقليمي والدولي، مما ادى الى فتح الافاق امام الكيان الغاصب لفلسطين، وتمكينه من احداث الاختراقات، في دول افريقية وامريكا الجنوبية واللاتينية، التي لم تكن في السابق مؤيدة او منسجمة مع سياسة الاحتلال او على توافق معها، فهناك دول استقبلت نتنياهو وتبادلت الزيارات مع وفود اسرائيلية، في مناسبات مختلفة، وان كانت خرزات العقد تفرط ببطء، فان مجريات الاحداث لا تبشر بخير.
الحضن الدافيء الواسع الذي يتقلب بداخله الكيان المحتل براحة تامة، والجبل الضخم الذي يستند اليه آمنا في سبات عميق، هو الادارة الامريكية الحالية، التي فاضت خزائنها ومخازنها وحصونها، بكل ما تملك من مال وسلاح ومواقف، لصالح الاحتلال ومنحته ووهبته وجادت له باضعاف ما طلب وتمنى مئات المرات، حتى اصبح الرجل الذي يحكم العالم مطيعا جدا ومستمعا وملبيا ومستجيبا لرغباته.
لكن ..، رغم توفر عوامل الاسترخاء هذه، الا ان هناك ابرة قوية حادة، لا يستطيع الاحتلال الامساك بها والسيطرة عليها او كسرها، وما تزال تدمي خاصرته وتمنعه من الوقوف بثبات، انها الارادة الفلسطينية والصمود الفلسطيني، بتحد صلب لا يلين، يقبض بكل اصرار على الارض والوطن والحقوق، يتصدى ويقاوم حتى دحر الاحتلال وزواله.