أخر الأخبار
الوفاء والبيعة: الذكرى العشرون
الوفاء والبيعة: الذكرى العشرون

يوم السابع من شباط صادفت الذكرى العشرون للوفاء والبيعة، الوفاء للمغفور له الحسين الباني طيّب الله ثراه والبيعة للملك المعزّز عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، والتي تُشكِّل استمراراً لمسيرة الهاشميين المظفّرة، ونحن إذ نفتخر بالهاشميين وملوكهم فإننا كأردنيين نؤكد بأننا على العهد ماضون، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله تعالى في خطابه بالمناسبة بأن الوفاء للحسين يكون بالإخلاص بالعمل للوطن والسير على خطاه رحمه الله تعالى، فالأردن دولة قانون ومؤسسات.
فالوفاء والبيعة ميزة ونكهة أردنية هاشمية بامتياز من منظومة سيرة الهاشميين والأردنيين من شتّى المنابت والأصول، وإمتداد لحكم رشيد أساسه احترام كرامة الإنسان، وهذه الميزة تكاد تكون فريدة من حيث قرب القيادة من الشعب ومشاركتهم همومهم وتحدياتهم وتحويلها لفرص لخدمة الناس والتخفيف عليهم.
وما زالت آثار إنجازات الحسين رحمه الله تعالى ماثلة على الأصعدة المحلية والإقليمية والعربية والإسلامية والدولية والأممية، وتوارثها وأكمل عليها أبو الحسين حفظه الله، حيث الدبلوماسية العالمية واحترام دول العالم كافة للأردن وخلق علاقات متوازنة معها، كما أن حضور الأردن في المحافل الدولية واضح جداً ومؤثر في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمؤتمرات واللقاءات العالمية.
والاردن الوطن يشكّل قصّة نجاح لبلد محدود الموارد جُلّها فوق الارض لا تحتها، فإستثماره بإنسانه العارف والمتميز يفوق موارده الطبيعية، وتنمية موارده البشرية ديناميكية صوب مواءمة مخرجاته التعليمية وسوق العمل، وهذا بالطبع يُشكّل استثماراً للقوى البشرية المؤهلة والكفؤة لخلق روح التنافسية صوب الغد المشرق.
كما أن العلاقة الحميمة بين القيادة الهاشمية والشعب أساسها احترام وصون كرامة الانسان وإنسانيته وقُرب القيادة من الشعب وتلمّس حاجاتهم وهمومهم وتقديم الخدمات المثلى لهم وتحويل التحديات إلى فرص، وهذا يخلق جواً عائلياً وأبوياً بين القائد والشعب، فالملك بين صفوف شعبه في كل زمان ومكان وحدث، فيلتقي الناس ويحضر بينهم ويتابع أوضاعهم ويتحسس همومهم ومشاكلهم ويسعى لخدمتهم، فهو منهم وإليهم وبينهم.
ونحن معاشر الأردنيين كافة نشعر بالفخر بأنه بالرغم أن الاردن بلد لا يوجد فيه موارد طبيعية ومع ذلك هو من أنظف البلدان ويمتلك نظام تعليمي قوي ونظام صحي متميز وفيه السكن والمأوى والامان والاستقرار وإحترام الانسان وحضوره العالمي كبير.
كما أن الاصلاحات الشاملة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتربوية والأكاديمية وغيرها والتي يتبناها الاردن وقيادته الهاشمية تعزّز فينا التطلع للمستقبل بنظرة أمل وتفاؤل خدمة للأجيال القادمة ولتحويل التحديات لفرص، وصمود الاردن رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة جداً في إقليم ملتهب بالصراعات الاقليمية والدولية وحركات الارهاب مؤشر على دولته العميقة الضاربة جذورها في التاريخ.
ومسألة المواءمة بين الأمن والديمقراطية والمواطنة صمّام أمان الدولة المدنية العصرية التي يسعى جلالة الملك لترسيخها والتي أخرجت الأردن من عنق الزجاجة رغم الإقليم الملتهب وقوى الإرهاب والتطرّف المحيطة، فالحرية المسؤولة للتعبير عن الرأي كفلها الدستور وهي تمارس على الأرض والدولة تمضي قُدماً في إصلاحات شاملة وفق الرؤى الملكية السامية 
ودعوات جلالة الملك للمحافظة على الطبقة الوسطى ودعم مناطق جيوب الفقر وتوجيهه للحكومات المتعاقبة لتطبيق ذلك على الأرض مؤشر على سعي جلالته لرفاه المواطن، بالرغم من الظروف الإقتصادية والمالية الصعبة التي يعيشها الأردن والمنطقة برمّتها.
فإنتماء الأردنيين لوطنهم وولائهم لقيادتهم الهاشمية نابع من القلب ويعزّزونه بالمواطنة الصالحة خدمة لهذا الوطن الأشم، وموقف جلالة الملك والأردنيين كافة مع القدس ووقوفهم في خندق القضية الفلسطينية دوماً يؤشر لأبعاد عروبية وقومية ودينية وإنسانية وأخلاقية وقانونية وتاريخية راسخة وأكيدة، والاردنيون يلتفون حول قيادتهم الهاشمية وجيشهم وأجهزتهم الامنية وفي خندق الوطن كالبنيان المرصوص، وجبهتهم الداخلية حصينة ومنيعة، ونسيجهم الاجتماعي ووحدتهم الوطنية أكيدة.
وحيث أن الأسبوع الماضي شهد العفو العام فإنه يُشكّل محطة صفح ورحمة وتسامح ومكرمة هاشمية بإمتياز بموجب توجيهات ملكية للحكومة جراء ضغوطات إقتصادية ومالية وإجتماعية ونفسية وقسوة ظروف يعاني منها الكثير من الأردنيين، مما سيشكّل إنطلاقة لحياة جديدة لهؤلاء الناس، ويُشكّل بداية مُصالحة بين الجانحين وأنفسهم من جهة وبينهم والدولة من جهة أخرى وبينهم وأصحاب الحقوق من جهة ثالثة، مما يعني أنهم سيضعون خطّاً لنهاية مرحلة مُعتمة من حياتهم وبدء مرحلة جديدة عنوانها العريض النظافة والمواطنة الصالحة لتكون مضيئة بدلاً من المرحلة القاتمة السابقة، والعفو العام فرصة تاريخية لمساهمة المستفيدين منه بإيجابية للمشاركة في الحياة العامة وإعادة تأهيلهم للحياة بإيجابية مما سيؤثّر إيجاباً على الأمن والسلم المجتمعي وصون الجبهة الداخلية لينصهروا في بوتقة المواطنة الصالحة ويساهموا في دولة الإنتاج والعطاء بدلاً من أن يكونوا عالة على المجتمع والدولة، والعفو العام فرحة لأسر المستفيدين منه للمّ شملهم وإعادة الإبتسامة لمحيّاهم جميعاً تحت سقف واحد على سبيل التوبة لعدم معاودة وتكرار الأخطاء السابقة ليكونوا نماذج مضيئة لمستقبل عائلاتهم، والعفو العام فرصة أيضاً لتحويل التحدي الاقتصادي والضغوطات الإجتماعية التي يعاني منها البعض لفرص إيجابية بدلاً من السلبية، مما يعني المساهمة في تعضيد العلاقات الإجتماعية والتشبيك المجتمعي صوب الأفضل.
وأخيراً، فاعتزاز الأردنيين بقيادتهم الهاشمية التي تمتلك همّة الشباب وحكمة الشيوخ أكيد، ويفتخرون بإنسانيتها وحضورها العالمي، ويتباهون بحزمها في حماية الوطن، فالاردن بلد عزيز ومنيع بالرغم من التحديات الاقتصادية الجسام.
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق