بعد 10 شهور و10أيام خرجت حكومة تمام سلام الى النور. فقد تم استيلادها بعملية قيصرية عبر توافق لبناني عربي اقليمي دولي، حتى أن الزميل طلال سلمان اطلق عليها لقب « الحكومة الدولية». وهذا يعني ان تشكيل الحكومة الجديدة في بيروت تكونت عبر توافق دولي، كما هي العادة..وهو التوافق الذي حل كل العقد بعد مخاض طويل، ليدخل لبنان في هدنة لمدة ثلاثة شهور، ، اي الى ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية عبر توافق آخر..
المشكلة الاصعب التي واجهت الرئيس سلام هي «عقدة الداخلية « والتي اسندت الى اشرف ريفي في البداية، ولكن هذا الاسم استفز قيادة تحالف «8 آذار»، التي اعترضت عليه، الى ان جرت اتصالات مكثفة وصعبة ومعقدة بين قيادات سياسية لبنانية شارك فيها بري وجنبلاط والحريري حيث تم الاتفاق على اعطاء حقيبة الداخلية للصحفي والكاتب نهاد المشنوق واعطاء منصب وزير العدل لاشرف ريفي.
في ظل هذا الواقع اللبناني الجديد سادت لبنان اجواء من الارتياح العام، على ان يأخذ اللبنانيون قسطا من الراحة خلال هدنة، رغم التفجيرات الانتحارية في منطقة «بير حسن» التابعة لنفوذ حزب الله في بيروت الجنوبية التي حاولت الاصولية المتطرفة تعكير الاجواء في اليوم الاول من تشكيل حكومة التوافق. ولا اعتقد ان هذه التفجيرات ستؤثر على سير وتقدم لبنان نحو السلام الداخلي في ظل حكومة تمام سلام، بل ستضع وزراء كتلة المستقبل امام مسؤولياتهم الامنية من اجل التعاون على تجفيف معابر الارهاب المستورد.، خصوصا ان لبنان يقف على ابواب معركة رئاسة الجمهورية بعد ثلاثة شهور، بحيث يكون رئيس الدولة هو «الرئيس الدولي» ايضا، بسبب تدخل أكثر من طرف عربي واقليمي ودولي في هذه المسألة.
رغم ذلك ساد الاجتماع الاول لحكومة سلام جو من الود والمرح والفرح، على عكس ما اعتاد عليه الوزراء في الحكومات السابقة. واللافت في الاجتماع هو وجود وزير الداخلية نهاد المشنوق وهو من صقور كتلة المستقبل، وعلى مقربة منه ابن عمه وزير البيئة الاعلامي محمد المشنوق ابن عبدالله المشنوق السياسي البيروتي الكبير من مؤسسي كلية المقاصد الاسلامية والذي كان من المقربين جدا من صائب سلام «ابو تمام».
لذلك كان هناك من يهمس بأن وزير الداخلية نهاد المشنوق السني البيروتي الذي وصل الى مجلس النواب بالتوافق بين فريق 8 آذار وفريق 14 آذار، كما وصل الى منصبه الوزاري بالتوافق بين الفريقين ايضا يجلس في وزارة الداخلية وعينه على كرسي رئيس الحكومة في المستقبل القريب.
وسط هذا المشهد زحف المهنئون من اهالي بيروت الى» دارة المصيطبة « مقر الرئيس تمام سلام وهم في غاية الفرح باعتبار أن « السراي « عادت الى اهلها في بيروت. والسراي هي مقر رئيس الحكومة والتي احتلها رؤساء من الطائفة السنية من صيدا وطرابلس خلال عقود سابقة.
خلاصة القول ان لبنان دخل في مرحلة من الهدوء او الهدنة عبر التقاسم والمحاصصة المحلية اضافة الى التوافق الدولي الذي فرضه غياب الضغط الاميركي المباشر، بسبب الارتباك الاميركي تجاه ما يحدث في العراق وسوريا الان من تصعيد عسكري. ولكن كل ذلك تظل ابواب لبنان وكل دول الاقليم مفتوحة امام كل الاحتمالات.