ترتبط السياسة بالاقتصاد بحبل مشيمي ؛ فتستمد السياسة غذاء قوتها من الاقتصاد، فلا يمكن تخلي أحدهما عن الآخر بسبب قوى التأثير والتفاعل بينهما.
والعالم اليوم منشغل بأزمة الطاقة وتذبذب أسعار النفط العالمية وضعف سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى الآخذة بالصعود أمام هذا التذبذب المتواصل، فأمام هذا الغلاء الفاحش وارتفاع سعر برميل النفط تارة وانخفاضه تارة أخرى، لا تبتعد الأحداث السياسية عن تأثير فعلها في الاقتصاد العالمي بسبب التوترات التي أحدثها برنامج إيران النووي كالتهديدات الأمريكية والإسرائيلية بين الحين والآخر بضرب طهران، واستئصال المفاعل النووي الإيراني، كإجراء تأديبي على التعنّت الإيراني، ومضيّها في برنامجها التسليحي النووي، ورفضها الانصياع لإرادة المجتمع الدولي بالكف عن طموحاتها النووية وسعي المجتمع الدولي لإغرائها أحياناً، وترهيبها بالحرب والعواقب والخيمة أحيان أخرى، فعواقب الحرب لها أبعاد تدميرية على إيران وكلف مادية باهظة على كل من يشارك بهذه الحرب، أما عن التهديدات الإيرانية وإغلاق المنفذ المائي الوحيد (مضيق هرمز) لمرور نقل النفط الخليجي بوجه الملاحة البحرية إلى بقية دول العالم، وما ينتج عن ذلك من اضطراب في الحصول على النفط الخليجي: المالك الأكبر احتياطي نفطي في العالم، بخاصة لأمريكا: المستهلك الأكبر للوقود، والمتأثر الأكبر ماديا جراء حرمانها من نفط الخليج.
إن التوتر السياسي في الشرق الأوسط هو محور ارتفاع كلف نقل النفط وهو المحرك لكثير من الأزمات الناجمة عن ذلك، ويغدو معه زيادة حجم الإنتاج النفطي هو مجرد حل بديل مؤقت قد يحلّ المشكلة آنياً لكنه لا يحلها جذرياً.