أخر الأخبار
لم يحضر الرزاز !!
لم يحضر الرزاز !!

ارتباط مفاجىء؛ بدرجة استحقاق، حال دون حضور رئيس الوزراء الى منطقة عين الباشا، لرعاية تخريج إحدى الدورات التدريبية، التي تدرب فيها 20 شابا وفتاة على التعامل مع أزهار القطف في عدة مجالات فنية، فانتدب وزير الزراعة لرعايتها، ولعل عدم حضور الرزاز بحد ذاته خبر، فالرجل يواظب على حضور مثل هذه الفعاليات، ويترجم بهذا الحضور اهتمام الحكومة بالقطاع الزراعي المتعدد الآفاق في مجال التنمية، ولا أنوي تقديم حديث تقليدي عن هذا الاهتمام الحكومي اللافت، أو أتحدث عن «تبهيت» هذا الاهتمام الحكومي في بعض وسائل إعلامنا..سأتحدث عن فكرة كانت حتى الأمس غائبة عن حكوماتنا وعن كثيرين من الذين يعملون في هذا القطاع ويسترزقون منه، وهي بمثابة ثقافة مغيّبة بلا شك، لكنها وزارة الزراعة نجحت الى حد كبير باستحضارها بل وتحقيق إنجازات فيها.
كثيرون أصبحوا يجترون بحديث تقليدي قديم شعارات الحكومة حول النهضة والتنمية، واستغلال الفرص لمزيد من تشغيل للشباب الأردني، لكنهم قلة قليلة تلك التي تتابع ما يجري ويتحقق على هذا الصعيد، وانطلاقا من هذه الحقيقة التي يتحقق جزء كبير منها في أكثر القطاعات حيوية وأعرضها أملا بالنماء، فالحكومة ورئيسها يهتمون فعلا بما يجري في الزراعة من استحداث لفرص عمل ومن تعزيز لثقافة الانتاج وتجويده، والحديث عن تخريج دورة في مجال أزهار القطف «الورد يعني»، ليس حديثا فائضا عن الحاجة، بل هو مثال معبر عن الثقافة الغائبة عن ذهنيتنا الاجتماعية والاقتصادية والانتاجية، فوزارة الزراعة وجمعية أزهار القطف وإحدى الجهات الدولية الداعمة «GIZ»، ينفذون اتفاقية تعاون لتأهيل 400 شاب وفتاة، بإجراء 20 دورة تدريبية في هذا المجال، يشترك 20 شابا وفتاة في كل دورة، علما أن مدة الدورة 20 يوما تدريبيا ..واحزروا ماذا؟..يتم توقيع عقود عمل للخريجين في نفس يوم تخريجهم وبرواتب مقدارها 350 دينارا، بوظائف خاضعة للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ويوجد بين المتدربين والخريجين حملة شهادات جامعية، سيشقون بإذن الله طريقهم لبناء حيواتهم الخاصة الواعدة، ويتمكنون من تعزيز فرصهم بحياة افضل، وهنا أنقل ما قالته إحدى هذه الفتيات الخريجات والتي وقعت عقد عمل مع جهة استثمارية في مجال أزهار القطف:»أنا سعيدة وأعترف بأنني لم أكن أعلم أو أفكر بأن هذا المجال فيه فرصة عمل لي وبهذه الامتيازات، أنا سعيدة جدا لأنني أعمل في الورود، وسعيدة أكثر بأنني سبقت غيري وانخرطت في هذه الدورة، التي اكتشفت من خلالها بأن فرصة العمل كانت قريبة مني الى هذا الحد ولم أكن أعلم»..!.
هذه هي الفكرة المهمة من الموضوع (يوجد فرص عمل محترمة لكن الشباب لا يعلمون بها، أو هي تقبع تحت سطح ثقافة سلبية غير بناءة تجاه العمل والبحث عن الرزق)..وقد رفعت الحكومة هذا الشعار الذي ظهر في أول القصة بأنه فائض عن الحاجة وتجميلي وكلام «في الهوا»، لكنه شعار يبدو جليا واقعيا يتحقق بسرعة في مجال الزراعة، التي تقوم وزارتها بمجهود استثنائي وتحقق فيه نجاحات ليس من الحكمة التجاوز عنها وعدم تعزيزها:
آلاف فرص العمل الحقيقية تتحقق بسرعة في مجال الزراعة، وهناك العديد من المشاريع التي يتشارك فيها القطاع العام والخاص والجهات الدولية، توفر فرص عمل محترمة وتدر دخلا وتحقق استقرارا للعامل فيها، وحين تسأل وزير الزراعة هذا السؤال يمطرك بالأرقام من خانة الآلاف عن فرص عمل ووظائف تحقق جزءا كبيرا منها، أغلبها جديد واستثنائي ولم يكن معروفا قبل اشهر، ومن بين هذه الأرقام 600 فرصة عمل في مجال قطاع الدواجن بوظائف مهنية ورواتبها مرتفعة، و150 أخرى في مجال التمور و400 في مجال أزهار القطف و400 في صناعة الأغذية من المنتجات الزراعية، و350 في مجال التعبئة والتدريج والتغليف ..أغلبها أصبحت موجودة على أرض الواقع وفيها شباب أردنيون من الجنسين وهم سعيدون بها.
لماذا لا نسلط الضوء على مثل هذه النجاحات التي تنطوي على اكتشاف أردني بما تحمله الكلمة من معنى؟ فالثقافات السائدة والبائدة والتثويرية تعمي البصيرة عن الحقيقة، ومن يريد العيش بكرامة وبركة ويبني مستقبله، لديه كل الفرص النوعية لفعل ذلك، وهي موجودة بغزارة في القطاع الزراعي الذي يرتكز على الأرض وبركتها وعرق أبنائها المقدس.