أخر الأخبار
واشنطن وطهران.. ماذا تنتظران ؟
واشنطن وطهران.. ماذا تنتظران ؟

حاملة طائرات امريكية تعبر قناة السويس في طريقها الى الخليج العربي، ووزير الخارجية الامريكي بومبيو يطلب مساعدة بريطانيا في لجم إيران» ويلغي زيارته الى المانيا ، والايرانيون يعلنون النفير ردا على التحشييد الامريكي، ويعلنون عن جاهزية عسكرية باقصى استعدادها ردا على الامريكان وعودة التلويح الايراني باستخدام ورقة «مضيق هرمز « الاستراتيجية لمنع مرور سفن الى العالم ردا على اعلان واشنطن فرض حصار على النفط ومنع طهران من تصديره الى العالم. 
اجواء ساخنة لحرب منتظرة ، ولربما تذكرنا بـ»حرب الخليج الثانية» بعد احتلال العراق الى الكويت. الاحتكاك خشن، وخارج عن العباءة السياسية والدبلوماسية، والمعلقون في الغرب يتحدثون عن قرع طبول الحرب جديا هذه المرة. الرسالة السياسية تقول إن المخطط القادم سيكون اشتباكا مباشرا بين الامريكان والايرانيين، وما يعني أن حرب الوكالات التي خاضتها واشنطن ضد طهران طوال الاعوام الماضية قد فقدت جدواها. 
فهل يمكن القول إن خيارات واشنطن في علاقتها مع إيران قد تبدلت ؟ وعلى مدى اربعين عاما. البلدان لم يصلا الى حدة التصادم المباشر، ولربما هي المرة الاولى التي يصل منسوب التصعيد الى اعلان واشنطن عن ارسال بوارج عسكرية الى الخليج العربي. في مرات سابقة كان الطرفان يتجاوزا الازمات بالتوافق والابتعاد عن المواجهة المباشرة، وحروب الوكلات التي فتحت في أكثر من ساحة عربية.
حرب كلام خشنة ، ورسائل ردع، يمكن القول. وبلا شك أن حسابات الطرفين الامريكي والايراني عوائق تمنع الانجرار نحو أي مواجهة عسكرية، والامريكان لربما معنيون أكثر في استدراك حسابات النفوذ الايراني المعقدة والممتدة في الشرق الاوسط وعلى أكثر من ساحة عربية من ليبيا الى اليمن والعراق وسورية ولبنان الى الولاءات الايدولوجية في حواضن المجتمعات الشيعية في الخليج العربي.
لربما أكثر ما يقبل المقاربة في التصعيد العسكري هو بحث الطرفان عن توازنات استراتجية حيوية، فبعيدا عن التهويل والتصعيد الامريكي، فحتى الان لم تعلن الادارة الامريكية عن حرب، والتعزيزات الامريكية في الخليج رادعة، وتقدم كورقة ضاغطة على الايرانيين لقلب حساباتهم بما يتعلق في اغلاق مضيق هرمز، وهي رسالة امريكية لايران باننا قريبون كثيرا ايها السادة في طهران.
الاسئلة اياها عن الحرب متى وكيف وأين . يجب أن تكون أكثر تيقنا بان الطرفين يشتبكان بعلاقات استراتيجية وسياسية معقدة، وان الوقت سيكون طويلا، وقد يجري البحث عنها في ساحات حرب بديلة مجاورة على امتداد النفوذ الايراني. وأي حرب في المنطقة سرعان ما تدحرج لتكون حربا كبرى تلقي بظلالها الوخيمة على الشرق الاوسط. 
خطر ايران في المنظور السياسي الامريكي ليس جديدا، وقبل شهور اعلنت واشنطن عن تأسيس ناتو عربي لمواجهة الامتداد والخطر الايراني. وتبدل الموقف الامريكي من طهران جاء بعد حسم الحرب السورية لصالح بشار الاسد، وارتفع منسوب التوتر والقلق من ايران بعدما لامست واشنطن وحلفاؤها أن ايران لاعب حاسم بملفات وصراعات كبرى في الاقليم. 
وثمة اسابيع فاصلة عن موعد اعلان الادارة الامريكية عن صفقة القرن، وما قد يصل ترامب من مغامرة في القضية الفلسطينية ؟ ما يعني من جهة أخرى أن منسوب التوتر سيرتفع في المنطقة على اعتبار أن كل السيناريوهات التي سربت عن صفقة القرن صحيحة ودقيقة لحد ما. وما قد يجعل دولا صديقة ومقربة وحلفية لامريكا بانها أكثر علاقة ومعنية بالضغط لوقف أي تصعيد عسكري ضد ايران . 
فمن يراهن على أن الحرب نتائجها محسومة لصالح المعسكر الامريكي أن يعيد حساباته، وهذا ما يحمله بالعكس أي عمل عسكري ! وما يجب مراقبته بحساسية فائقة انقلاب المعادلات ومفعول التهديد الامريكي، واقتراب الاعلان عن صفقة القرن، والنظر الى ما أبعد بأن صراعات المنطقة باردة امريكيا وايرانيا، وساخنة بحروب الوكالات التي لا يمكن الاستغناء عنها، وقد علمتنا حروب وصراعات الشرق الاوسط : فمن صعد الى اعلى الشجرة لا يمكن ان يعود.