أخر الأخبار
يوم إعادة الثورة إلى الوطن!
يوم إعادة الثورة إلى الوطن!

بدل ان نحتفل.. علينا أن نفهم. فالتاريخ ليس احتفال بالانتصارات, أو جلداً للذات في الهزائم والانكسارات. ومن يريد قراءة التاريخ, وليس التفرج عليه في المناسبات, فإن عليه ان يتوقف, اولاً, عن الاحتفال واللطم.. ويدخل طريق الفهم لمغزى الحادث التاريخي!!
في الاول من اذار, يقول التقويم الوطني الاردني أن هذا اليوم هو: يوم «تعريب» الجيش. وهذا هو الخطأ الاكبر. فالجيش كان عربياً منذ اليوم الذي اعلن فيه الشهيد المؤسس اعادة تنظيم الجيش الذي ثار قبل سبع سنوات, ووصلت طلائعه الى حلب من مكة بقيادة رجال النهضة الذين قادهم فيصل بن الحسين: مؤسس المملكة السورية التي انهارت بالحرب الاستعمارية الفرنسية – البريطانية التي جعل الجيش العربي من ميسلون رمزها وعزها.. وبداية الصراع التحرري.
هذا اليوم: الاول من اذار قرر قائد الوطن الحسين.. حفيد الحسين الاول, اخراج القيادة الاجنبية من الجيش. وهي قيادة فرضها الانتداب المؤيد من المجتمع الدولي – عصبة الامم – وفرضتها المعاهدة الاردنية – البريطانية. وحين نعود الى البيان الذي صدر بصوت الحسين العميق في صباح الاول من اذار. نكتشف انه وضع هذه الخطوة التحررية في اقل عدد ممكن من الكلمات: اقتضت الظروف اجراء تغييرات في قيادة الجيش.. هكذا دون صياح, وكلام ثوري, ودون تمنن على المسيرة التحررية العربية. فمصر تخلصت من القوات الاجنبية قبلها بمعاهدة عام 1954, ودخلت حرباً بعدها بعام دفاعاً عن الاستقلال وقناة السويس المؤممة.. والعراق كان كما هو بالمعاهدة والسودان محكوم, وليبيا, وجنوب اليمن, وتونس والجزائر والمغرب. فالاستغناء عن كلوب, واركان حربه.. ووضع قيادة الجيش في يد ابناء الاردن كان ضرورة استراتيجية اتسقت مع التيار القومي العربي الغلاب.. فلم يكن من الطبيعي أن نكون جزءاً من هذا التيار وقيادة الجيش اجنبية. اما المعاهدة فقد سقطت تلقائياً بخروج كلوب.. فلماذا تموّل بريطانيا جيشاً لا انجليز فيه؟؟
عقل الحسين، رحمه الله، وفكره الاستراتيجي هو الذي املى عليه قراره الشجاع، وكان ابناء القوات المسلحة جاهزين فيما لو تطورت الامور، لكن الجيش كله انصاع للقائد الاعلى في اعلى انضباطية تشهدها المنطقة، فقرار الحسين لم يكن قراراً سياسياً، او قراراً املته ظروف خارجة عن السيادة الوطنية، وانما كان قراراً قومياً اعادنا فيه الى مجد الثورة العربية، وكأن مرحلة الانتداب والاستعمار لم تكن!!.
ان قراءة الاول من آذار، تختصر الكثير من محاولات تشويه الوطن في الظروف التي تبعته، ذلك ان خروج الاردن من هيمنة بريطانيا على قراره لا تتيح لأية قوة عربية ان تعيده الى اية هيمنة.. كائنة من تكون، وقد قرر الملك القائد ان يواجه كل من اراد استلاب القرار الاردني والسيادة الاردنية.. وكانت معاركه لا تنتهي، لأن هناك تصورا خاطئاً كان يعتبر الاردن الجزء الضعيف من الجسم العربي!!.
نسمع الآن شقشقة الكلام عن الوطن البديل او النظام البديل، او الحلول التي تجعل من الاردن فلسطين، وعلينا ان نعيد المختبئين في صالونات عمان الدافئة الى الأول من آذار، والى البداية الحاسمة، فخروج الانكليز من الاردن، لا يغطي لأي كان رخصة دخوله!!