لا بدّ لي من أنْ اتحدثَ عن رجل عزّ نظيره في الرجال، وعن فارس امتطى صهوة المجد، وأجاد في اطار قضيته الوطنية. وعن سجين ارتبط اسمه بعذابات امته، واقسم بالله ثم بالدم والرصاص - كما هم الشهداء- ان فلسطين عربية، وانها باقية ما بقي العرب، وان حساب التاريخ لا بد قادم، وان عذابات هذا الوطن المحتل تعمدنا فيه جميعا، ونعيش على امل تحريره، ونستمد منه المبادئ والمواقف. وان تاريخ الصراع العربي – الصهيوني مستمر على وطن مقدس سرقه لصوص الاوطان من اهله الطيبين، والذين لم ينقطع شلال دمهم لنحو قرن من الزمان، وقد توزعوا بين قتيل وجريح ومهجر، ومحتل.
فهذا الصراع محكوم بالاستمرارية حتى يعود الحق لاصحابه.
اتحدث عن الجندي الاردني الذي عبر عن ضمير الاردنيين، ووجدانهم، ورفضهم لمعاهدة لن تجد لها نظيرا في التاريخ ، وقد اقيمت على حساب الشعب ، والارض والهوية، والحقوق التاريخية للامة ، وفتحت باب العبور الصهيوني، وتوهين الحق العربي.
هذا السجين احمد الدقامسة الذي زاملته في السجن، وعرفته عن قرب، وتلمست روحه الوطنية، واطلعت على دوافعه الدينية التي تجسدت في الباقورة، وهو والله يستحق الحرية، وان ندفع الجور والظلم عنه كي يتسنى له العودة الى اهله، وبيته، والى اطفاله الذين تركهم صغارا، وهم اليوم على ابواب العشرينات من اعمارهم.
وقد تقدم مجلس النواب بمذكرة نيابية حملت تواقيع الغالبية العظمى من النواب بواقع مئة وعشرة نواب للمطالبة باطلاق سراحه، وذلك بعد ان سلخ مدة خمسة عشر عاما من عمره معذبا بين الجدران العالية، والقضبان والابواب الحديدية، وبات المرض يطل من عينيه.
وقد تجاوزه اكثر من عفو ، وبات مضرب مثل للصهاينة على شدة العقوبة التي يجب ان يسلكها العرب في كيفية التعامل مع الحالات المشابهة.
وما يزال هذا البطل -الذي عبر عن مشاعر الاردنيين وقضيتهم العادلة- رهين محبسه، ويضعنا في حالة دونية امام عدو لدود لم يتورع عن اجتثاث شعب عربي من ارضه وتشتيته في المنافي واللجوء، وسرقة وطنه، وعامل كافة عمليات القتل والارهاب والتعذيب الوحشي بحق ابنائه ومنهم الشيوخ والاطفال والنساء دون ادنى اعتبار لحرمة دمهم، وحقهم في الحياة.