أخر الأخبار
فلسطين يا رحلة الآلام
فلسطين يا رحلة الآلام

في ظلام الهجرة من فلسطين يصرخ شعبي ويستغيث وخيال الموت منتصب في وسطنا واجنحة العصابات اليهودية تخيم علينا وتجرف ارواحنا إلى الهاوية وعيون أمي الملتهبات تحدق إلى الشفق البعيد، في ظلام الهجرة بدأت رحلة الآلام حيث يسير الموت ونحن كشعب نسير خلفه خائفين منتحبين وليس بيننا من يستطيع الوقوف وليس فينا من له أمل في الوقوف، في ظلام الهجرة يسير الموت ونحن نتبعه وكلما التفت الموت إلى الوراء يسقط من شعبي المئات إلى جانبي الطريق ومن يسقط يرقد ولا يستيقظ ومن لا يسقط يسير قسراً إرادته عالماً بأنه سيسقط مع الذين رقدوا بجانب نهرب الأردن أما الموت فيظل سائراً محدقاً إلى الشفق البعيد شرقي النهر. وفي ظلام الهجرة القصرية ينادي الأخ أخاه والأب ابناءه والأم أطفالها وكلنا متعبون وجائعون أما الموت فلا يجوع ولا يعطش فهو يلتهم أرواح شعبي واجسادهم ويشرب دمائهم ودموعهم ولكنه لا يشبع ويرتوي. 
واخي الطفل ينادي أمي قائلاً يا أماه أنا جائع فتجيبه أمي أصبر قليلاً يا ولداه يمر الموت بالأم وطفلها ويصفعهما بجناحه فيرقدان على الطريق أما الموت فيظل سائراً محدقاً إلى الشفق البعيد وتبحث الأم طالبة القوت فلا تجد غير التراب والحجارة وعند المساء يمر الموت بالرجل وزوجته واولاده الصغار فيجدهم راقدين، في ظلام الليل وليس لظلام الليل نهاية. نناديكم إيها السائرون في نور النهار فهل أنتم سامعون صراخنا؟ فلندع الموتى يدفنون أمواتهم ولتكن مشيئة الله. وأصبحنا بالمخيم وهذه نتيجة تلك القوة اليهودية المغتصبة التي لا ترضي بغير المدافع ألسنة ولا تقنع بسوى القنابل الفاظا فنحن الأن في زمن أصغر صغائره أكبر من كبائر ما تقدمه. والأمور التي كانت تشغل أفكارنا كفلسطينيين قد انزوت في الظل وتوارت وراء نقاب من الإهمال فقد تبددت كالضباب وحل محلها عصابات بني إسرائيل تسير كالعواصف وتتمايل كالبحار وتتنفس كالبراكين. وما عسى ان يصير إليه العالم بعد أن تنتهي العصابات من صراعها؟ هل يعود شعبي إلى وطنه حيث زرع الموت جماجم القتلى؟ وفي المخيم تجلس الأم بجانب رضيعها وهي ترتجف وجلاً مما سيحمله الغد؟ وما عسى ان تسير إليه بلادنا؟ وأي من العصابات يضع يده على تلك الأرض المغتصبة التي انبتتنا وصيرتنا رجالاً ونساءً أمام وجه الشمس؟ وهل يطلع الفجر فوق تلال فلسطين؟ وهل تبقى فلسطين بين مغاور الذئاب وخطائر الخنازير؟  أم تنتقل مع العاصفة إلى عرين الأسد أو ذروة النسر؟ 
ومن منكم إيها الناس لم يسأل نفسه في كل يوم وليلة عن مصير الأرض أرض فلسطين بعد أن تختمر العصابات اليهودية من دموع الأرامل والأيتام؟ من احشاء الحياة من أعماق الكون المدبّر حيث تُصان أسرار الكون المدّبر قد انبثقت العصابات كالريح وتصاعدوا كالغيوم ثم تلاقوا كالجبال وهم الآن يتصارعون ليحلوا مشكلة في الأرض لا يحلها غير الصراع أما الدماء التي ارهقت فسوف تجري انهاراً وأما الأرواح التي فاضت فسوف تجتمع وتتألف وتطلع من وراء الأفق الجديد فيعلم الناس أنهم قد ابتاعوا الحق في سوق البؤس وأن من ينفق في سبيل الحق لن يخسر. 
مات اهلي بعيدين عن وطنهم وأنا على قيد الحياة اندب أهلي في وحدتي وانفرادي. فأين حقوق الإنسان. مات أهلي جائعين ومن لم يمت منهم جوعاً قضى بحد السيف أذل ميتة وهم يعيشون في وطني في رغد وخوف وهذه هي المأساة المستتبة على مسرح نفسي أين حقوق الإنسان. لو كنت جائعاً بين أهلي الجائعين مضطهداً بين قومي المضطهدين لكانت الأيام أخف وطأة على صدري والليل أقل سواداً أمام عيني ولكني لست مع شعبي الجائعين المضطهدين السائرين في موكب الموت نحو مجد الاستشهاد. أين حقوق الإنسان. 
مات أهلي صامتين لأن آذان البشرية قد اغلقت دون صراخهم ماتوا لأنهم لم يكونوا مجرمين أين حقوق الإنسان. ماتوا لأنهم لم يظلموا الظالمين ماتوا جوعاً في الأرض التي تدر لبناً وعسلاً أين حقوق الإنسان. ماتوا لأن الأفاعي ابناء الأفاعي قد نفثوا السموم في الفضاء الذي كانت تملؤه انفاسهم. 
هلموا وتأملوا أيها العصابات اليهودية فقد جعل الخوف شعور رؤوسكم كالرماد سلاحكم مغلف بالصدأ ورماحكم مكسورة الحراب وتروسكم مغمورة بالتراب دينكم رياء وديناكم ادعاء واخرتكم هباء فلماذا تحيون والموت راحة الاشقياء فقد ولدتم ايها المغتصبون شيوخاً عاجزين تتقلبون على الأوحال وتترامون بالحجارة أنتم أيها المغتصبون مستنقعات خبيثة تدب الحشرات في اعماقها. أنا عدوكم لأنكم اعداء شعبي ولكنكم لا تعلمون.