يبدو الإرهابيون ظاهرياً وكأنهم شجعان، مع أنهم في الواقع جبناء، يبحثون عن
أهداف سهلة، ويتجنبون الأهداف القوية ولو كانت من وجهة نظرهم وباعترافهم
أجدر بالاستهداف.
كل الإرهابيين كما نعرفهم يزعمون أنهم مجاهدون من أجل
الإسلام أو فلسطين، والحقيقة أنهم شوهوا صورة الإسلام في نظر العالم وربطوه
بالإرهاب، كما أنهم لم يحاولوا مجرد محاولة أن يتصدوا للدولة التي تحتل
فلسطين وتشرد أهلها من مسلمين وغير مسلمين لسبب بسيط هو أنها قوية فمن
الأسهل التوجه إلى أفغانستان وباكستان وسوريا ولبنان واليمن وليبيا ليسرحوا
ويمرحوا حيث لا تكاد توجد حكومات مركزية قوية لمجابهتهم.
الإرهابيون يفضلون العمل في تلك البلدان لأن ممارسة الإرهاب هناك أسهل وأقل كلفة، الأمر الذي لا يدخل في باب الشجاعة بل الجبن.
يستعيض
الإرهابيون عن الأهداف التي يدّعونها عن طريق الأسماء والشعارات، فهذه
أنصار بين المقدس التي تجد أن أفضل مكان لممارسة الجهاد ليس بيت المقدس ولا
حتى في أريحا بل في الشوارع المصرية وسيناء وأنابيب الغاز التي تغذي
الأردن.
في التطبيق العملي ثبت أن الإرهاب بأنواعه المتعددة يحقق عكس
الأهداف المنشودة، فالإرهاب في أفغانستان الذي قادته القاعدة كمركز إنطلاق،
أدى إلى الاحتلال الأميركي لإمارة أفغانستان الإسلامية. والإرهاب الطائفي
في العراق أدى إلى الفرقة وبروز اقاليم سنة وشـيعة وكرد. والإرهاب في ليبيا
أدى إلى محاولات التقوقع الإقليمي بين الشرق (بنغازي) والغرب (طرابلس)
وصرنا نسمع عن ُبرقة وفزّان. والإرهاب العقائدي في السودان أدى إلى انفصال
الجنوب، والإرهاب في اليمن أدى إلى تقسيمها ليس إلى شطرين كما كان متوقعاً،
بل ستة شطور. وليس مستبعدأً أن يعلن الإرهابيون انفصال سيناء عن الوطـن
الأم، وأن تتشظى سـوريا مهد القومية العربية إلى مكونات وهويات طائفيـة،
وهكذا تدخل مجموعة الدول العربية المنقسمة على نفسـها أصلاً إلى مرحلة
تقسيم المقسّم وتفتيت الكيانات: فوضى خلاقة بشرنا بها بوش في وقت مبكـر،
فلم نخيـّب له ظناً بل أعطيناه أكثر مما كان يطلب ويتمنى، ثم جاء الربيع
العربي ليزيد الطين بلة!!.