أخر الأخبار
لماذا يشعر الأردنيون بالقلق ؟!
لماذا يشعر الأردنيون بالقلق ؟!

هل يشعر الاردنيون بالقلق..؟ الاجابة السريعة بناء على ما يطفو على السطح، وما ينشر في الفضاء الافتراضي، محسومة بكلمة واحدة : «نعم»، لكن في غياب استطلاعات حقيقية للرأي، تبقى الاجابة «معلقة « بانتظار معلومات وارقام تنطق بالحقيقة او تضعنا في الصورة.
من جهتي اشعر بمزيد من القلق، ولا اخفي ان كل من سألتهم ممن اعرف يشاركونني هذا الاحساس العميق، ليس فقط لمجرد انطباعات يفرضها المزاج العام الذي يبدو في اسوأ حالاته، وانما استنادا الى قراءات وتحليلات تؤكدها وقائع واحداث، بعضها وصل الينا، وبعضها جاء على شكل رسائل «غامضة» لكنها مفهومة في سياقات يمكن تفكيكها وحل الغازها، مما يعني ان « قلقنا « مشروع، وان الحذر مما يجري، ومن القادم، واجب وضروري ايضا .
اذا اتفقنا، ولو مبدئيا، على ان ثمة احساسا عاما بالقلق لدى اغلبية المجتمع الاردني، فان سؤالين يفرضان علينا البحث عن اجابة لهما، الاول: لماذا القلق؟ والآخر : ما هي القضايا والاخطار التي تقلقنا، سواء من جهة مصادرها او من جهة توقيتها ومآلاتها..؟
حين ندقق في الاسباب التي تدفعنا للقلق يمكن ان نسجل عنوانا كبيرا، وهو ان التحديات التي نواجهها الان تتعلق بوجودنا ومستقبلنا كدولة ومجتمع معا، لا بمجرد قضايا ومشكلات، او مقررات واجراءات، مهما كان وزنها في دائرة الدفاع عن الحدود والحقوق، ولكي اوضح الفكرة بشكل افضل اضيف : اننا كنا فيما مضى نختلف ونعارض ونشتبك مع الحكومات حول قضايا سياسية كالاصلاح وما يدور في فلكه من استحقاقات، او حول قضايا اقتصادية كالمديونية والفقر والبطالة، او حول عنوان مهم وجهنا اليه كل نقاشاتنا وهو الفساد، وقد كان كل ذلك في اطار المشاركة المشروعة حتى وان وصل الانتقاد الى «تكسير « العظام، لكن كل هذا اصبح الان « صغيرا» امام اخطار «اكبر» وأهم، تتعلق بالحفاظ على الدولة، وحماية المجتمع، ومواجهة الاجندات التي تهددنا، سواء اكانت عابرة من خارج الحدود، او تجري «صناعتها» وافتعالها وتوظيفها من قبل اشخاص يعيشون بيننا.
في اطار مصادر الخطر التي تبعث على القلق يمكن ايضا ان نشير الى عنوانين، احدهما يتعلق بالموضوع، اقصد استحقاقات تفرضها صفقة القرن، تتجاوز تصفية القضية الفلسطينية الى اهداف اخرى اسوأ تطال المنطقة كلها، وفي مقدمتها بلدنا الذي يبدو انه سيدفع جزءا اكبر من الفاتورة، وهذه الاستحقاقات لم تعد مجرد توقعات، وانما اصبحت واقعا نلمسه، ويمكن رصده وتحليله بدقة اذا فتحنا عيوننا على ما يجري في بلدنا، سواء من جهة حركة السياسة والدبلوماسية والعلاقات مع المحيط، او من جهة الاقتصاد الذي تعطلت «عجلاته» تحت حصار وضغوطات اصبحت لا تخفى على احد.
أما العنوان الآخر فهو داخلي، يتعلق بالادوات، ويمكن الاستدلال عليه مما يجري داخل مجتمعنا من تحولات «قلقة»، وداخل مؤسساتنا من «اشتباكات» غير مفهومة تديرها بعض النخب، وكأن المطلوب هو ان نصل الى حالة من «اللاتوازن» او ربما الفوضى، بهدف تمرير ما يراد تمريره دون اية ردود او مقاومة.
هنا يجب علينا ان ننتبه: اين نضع اقدامنا، وكيف نفكر ونتصرف، اذا سألتني ما العمل..؟ فلدي اجابة بكلمة مختصرة، وهي ان نفتح عيوننا على ما «يضمره» الاخرون لنا، وان نؤجل خلافاتنا وصراعاتنا على « الحدود» لان معركتنا اصبحت معركة وجود .. هذه الرسالة بالطبع للدولة والمجتمع ايضا، اقصد لكل اردني سواء اكان يقف في الشارع ناشطا او معارضا، او يصفق على المدرجات، او مسؤولا في اي موقع، لان الاردن يهمنا جميعا، والدفاع عنه واجب الجميع ايضا.